مؤطرو الملتقى الوطني للباحثين يشددون على الاهتمام بالمناهج والأخلاقيات والتكامل المعرفي

شدد المحاضرون في الملتقى الوطني للباحثين في العلوم الشرعية والاجتماعية الذي نظمه قسم العمل العلمي والفكري لحركة التوحيد والإصلاح يومي السبت والأحد 24 و25 فبراير 2024 على ضرورة إيلاء الأهمية الكبرى للمناهج باعتبارها أسس البحث العلمي، والتكامل المعرفي بالقطيعة مع الانفصال النكد بين العلوم.

وتناول الملتقى الوطني للباحثين في العلوم الشرعية والاجتماعية بمركز التكوين بالرباط. موضوع: “سؤال المنهج والمنهجية في العلوم الشرعية والاجتماعية”. 

وأوضح الأكاديمي الدكتور خالد الصمدي أن هناك سياقين يحتمان تجديد المعارف ومناهج التفكير، أولهما سياق انهيار المنظومة الكونية، وثانيهما سياق الهجوم على الثوابت الوطنية الجامعة، عبر نشر التفاهة اللامعنى.

ورأى الصمدي أن المفكرين المسلمين شعروا في البدايات أن هناك انفصال بين المعارف الشرعية والعلوم الاجتماعية، مضيفا أنه تم دق ناقوس الخطر باعتبار أن هناك اتصالا بين المجالين من قبل، ممثلا لذلك بالترجمة التي قدمت للإمام المازري بأنه “كان يفتي في الفقه كما كان يفتي في الطب.

وأوضح المستشار الأكاديمي أن المعارف تنتمي إلى رؤية معينة للكون، كالرؤية المادية للعالم والرؤية الإسلامية والرؤى المشرقية، موضحا أن تلك الرؤى المختلف تهدف إلى الجواب عن ثلاثة أسئلة هي: الإنسان والحياة والمصير، موضحا أن هدف الرؤية الإسلامية هي عبادة الرحمان وإقامة العمران.

وأوضح أن منهجية التكامل المعرفي اتخذ اتجاهين الأول اتجاه التجديد في داخل العلوم ومد الجسور بينهما، مشيرا إلى أن هذا الاتجاه ذاتي ويجيب عن إشكالات داخلية، مضيفا أن الاتجاه الثاني يتبلور الآن وانطلق مع نظرية المقاصد ويتجه إلى العالم وتكامل مع منظومة القيم. الانتقال من مقاصد الشريعة الإسلامية إلى مقاصد الإسلام التي

وحذر كاتب الدولة في التعليم العالي سابقا من الفراغ الفكري والسياسي والثقافي الذي يعيشه المغرب، منبها إلى ملء ذلك الفراغ من طرف تيار التفاهة، متسائلا كيف يمكن استخراج منظومة قيم كونية من القرآن الكريم الذي ينقلنا من مقاصد الشريعة الإسلامية إلى مقاصد الإسلامية؟

وانطلق رئيس زيد بن ثابت للقرآن الكريم الدكتور البشير القنديلي من تعريف الراحل فريد الأنصاري للمنهج بأنه هو منطق كلي يحكم العمل العلمي ويوجهه منذ أن يكون فكرة إلى أن يكون بناء متكامل، ليوضح أن علم أصول الفقه وعلم المقاصد انطلاقا من فكرة إلى حتى صارا بنائين متكامين.

واعتبر الأستاذ القنديلي قوة المنهج في المنظومة الإسلامية مرتبطا باستمداده من خاصية الربانية التي هي من خصائص الشريعة الإسلامية، باعتبار أن الوحي يشدد على أن القرآن هو تنزيل رباني ولا يتعلق الأمر بتفاعل بين الإنسان وواقعه.

واستعرض سيرورة علم أصول الفقه منذ الرسالة للإمام الشافعي إلى حين تحوله إلى بناء متكامل، موضحا أن من معالم المنهج في علم أصول الفقه قضية القطعية والظني، وعلم الدلالات، مشيرا إلى بناء كل هذه المعارف على أساس منهجي.

ورأى القنديلي أن مقاصد الشريعة انطلقت مع الإمام الجويني في كتابه البرهان إلى حين تقعيد علم المقاصد مع الإمام الشاطبي من خلال كتاب الموافقات، موضحا أن للشاطبي منزعا تجديديا في هذا المجال الذي استقل كعلم قائم الذات.

ورفض الأستاذ الجامعي الدكتور سلمان بونعمان استمرار القطيعة بين العلوم الشرعية والاجتماعية، منتقدا أزمة تلقي العلوم الإجتماعية في الدول العربية، موضحا أن البعض كون ردة فعل ضد العلوم الإجتماعية بسبب اعتبار أنها دخلت على فرس الاستعمار إلى تلك الدول.

وسرد الأكاديمي تسعة مؤشرات تجسد أزمات هذا التلقي وهي أزمة الثقة، وأزمة الشرعية، وأزمة شروط الإنتاج، وأزمة الاستبداد، وأزمة التفكير وفق منطق الأسلمة، ومشكل السوق، ومشلة الشكلانية، ومشكلة الاكتفاء، وأزمة دخول العلوم الإجتماعية على فرس الاستعمار.

ورأى مدير مركز معارف المستقبل للدراسات والأبحاث أنه لم يتم توطين العلوم الإجتماعية في الدول العربية، موضحا أن التعامل مع العلوم الإجتماعية أفرز وجهات نظر في التعامل معها، منها وجهة تنتقد العلوم الإجتماعية، ووجهة استغرقت في المعطيات الإحصائية، ووجهة تبنت بشكل تقني كل تلك المناهج.

واعتبر بونعمان عدم الوعي بوجود أزمة يدل على وجود انحباس فكري، منبها إلى وجود مشاكل في عالمنا العربي والإسلامي يتحلى في أزمة البحث العلمية، متسائلا هل يجب أن نقصد الغرب من أجل فهم وتفسير الربيع الديمقراطي الذي وقع عندنا؟ مشددا على ضرورة امتلاك أدوات البحث والتحليل.

وشدد المهندس نور الدين لشهب على ضرورة اعتماد أخلاقيات العلم خلال الإنتاج العلمي والفكري، مستعرضا تلك الأخلاقيات التي يتوجب على كل باحث الالتزام بها.

وتوقف عند أخلاقيات البحث العلمي من خلال ابن الهيثم، الذي قيل في ترجمته إنه المهندس البصري، حيث استخرج منه أخلاقيات البحث العلمي من الحق المطلوب في ذاته، والأمانة، والإنصاف، وغير ذلك.

ودأبت حركة التوحيد والإصلاح منذ عام 2010 على تنظيم الملتقى الوطني للباحثين في العلوم الشرعية والاجتماعية، ويهدف إلى تعزيز التواصل بين الباحثين في العلوم الشرعية والاجتماعية، والإسهام في التقريب بين المشتغلين في هذه العلوم، واستثمار البحث العلمي في بلورة تجديدية لخدمة فقه الإصلاح.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى