كلمات حول التجديد التربوي – عبد الحق لمهى

مما هو معلوم لدى كل مسلم مطلع على سنة رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، أن التجديد مما نصت عليه الأحاديث النبوية، منها قوله عليه الصلاة والسلام، فقد روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” [1].

موضوع التجديد واسع متسع لا يمكن لسطور هذا المقال الإحاطة به، بل ليست من غاية المقال تلك الإحاطة بمختلف جوانبه.

يندرج التجديد التربوي ضمن مسمى التجديد، ويقصد به: ” إدخال بعض العناصر الجديدة نظريا أو منهجيا والاستفادة منها في تحديث وإعادة هيكلة وبناء بعض الأساليب والطرائق والممارسات بهدف إغناء الخبرة التربوية. ويعرف معجم علوم التربية التجديد بأنه “عملية إبداع وإنتاج شيء أو فكرة جديدة أو التوليف بين أشياء موجودة من قبل توليفا جديدا”[2]

إن الناظر في الجهود المبذولة لتجويد المنظومة التربوية المغربية يلاحظ جهدا مقدرا من قبل مختلف الفاعلين في مجال التربية يلفيها قد تحققت، وحققت معنى التجديد عمليا، والأمثلة والتجليات كثيرة لا يتسع المقام لذكرها، وأبرز الصور الدالة على حسن التميز في هذا المجال ما قدمت من إسهامات متميزة ضمن جائحة كورونا، حيث ظهرت وأبانت السواعد التربوية عن علو كعبها في الابتكار والتجديد [3]التربوي بشكل مهم، ويضاف إلى ذلك كله مختلف التجليات التي يمكن إدراجها في هذا الصدد، ومن ذلك مجمل المبادرات العلمية لإسناد وتوجيه فعل الابتكار والتجديد التربوي، والندوات والمحافل العلمية التي عنيت بمناقشة هذا الموضوع بغية تقديم أجود الاجتهادات التربوية الرامية إلى تجديد الممارسة التربوية.

في مقابل ما سبق، لا يخلو عصر من العصور من دعوات مقاومة للتجديد والتطوير، وذلك راجع لأسباب مختلفة.[4]

من خلال ما سبق يمكن القول إن كل تجديد تربوي فهو عمل شرعي أصيل قبل أن يكون مطلبا واقعيا، وإن كل نزوع نحو القول بجدوى التجديد، وتبرير ذلك بمختلف المبررات، قول غير صائب لاعتبارات منها:

ـ أن التجديد منصوص عليه شرعا، فهو عمل شرعي أصيل كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

ـ التجديد به تستمر الأفكار وفاعليتها، فإما التجديد وإما التبديد والانحسار في الزمان والمكان.

وغيره من الاعتبارات التي تعزز أصالة التجديد وصوابية القول بالتجديد في سياق النهوض بالعمل التعليمي التعلمي.

ثم إنه على كل حال، تبقى الصورة الأجمل للتعبير عن الدعوة إلى التجديد التربوي، هي المبادرة إليه والتشجيع عليه وتفعيل كل الوسائل المساعدة على تحقيقه، والتعاون على إشاعته بين من يُطْلَبُ منهم القيام به، وغير ذلك مما يحقق هدف إحياء معنى التجديد فكرا وأثرا، قولا وعملا، فإنه لا يرجى خير من قول لا يتبعه عمل، وقد ذم الله صاحب هذا المسلك ذما، فالتعاون على التجديد التربوي يكون للبلاد ومنظومتها التعليمية خاصة كل التألق والازدهار.

وأخيرا، تلك كلمات هي أقرب ما تكون إلى الحكاية، وأبعد ما تكون عن الفتوى وإصدار حكم، فهذا أمر له أهله وخاصته.

والله الهادي إلى الصواب، وهو خير معين على تحقيق المبتغى الحسن.

 

—–

[1] ـ قال البيروتي في أسنى المطالب: رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم وقال الزين العراقي: سنده صحيح اهـ. وقال السيوطي رحمه الله في مرقاة الصعود: اتفق الحفاظ على تصحيحه، منهم الحاكم في المستدرك والبيهقي في المدخل، وممن نص على صحته من المتأخرين الحافظ ابن حجر. 

https://www.islamweb.net/ar/fatwa/74655/%D8%AA%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%AC-%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A5%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%8A%D8%A8%D8%B9%D8%AB-%D9%84%D9%87%D8%B0%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B1%D8%A3%D8%B3/09/11/2023

[2] ـ https://www.mo7itona.com/2014/06/blog-post_7721.html/12/11/2023.

[3] ـ https://www.csefrs.ma/wp-content/uploads/2019/07/Acte-du-colloque-sur-linnovation-Symposium-Proceedings-%D8%A7%D9%94%D8%B4%D8%BA%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AF%D9%88%D8%A9.pdf

[4] ـ   في مقال حوار مع ذ. محمد احساين مفتش تربوي ونائب رئيس الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامي، هناك إشارة إلى أن “ مقاومة التوجهات نحو التجديد البيداغوجي” من إحدى المشكلات التي تحول دون تطوير التعليم بالمغرب ـ  . https://howiyapress.com/967-2/ 08/1120/2023م

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى