قطاع غزة بين مطرقة الإبادة بالصواريخ و سندان الموت بالجوع

بات المشهد في قطاع غزة على النقيض من قرار المحكمة الدولية؛ فالناجون من الموت قصفا يفتقدون سبل الحياة اليومية من طعام وغذاء ودواء، ليجدوا أنفسهم تحت وطأة نوع آخر من الموت أشد وأقسى.

وتعلن وزارة الصحة يوميا عن عدد جديد من الوفيات نتيجة الجفاف الناتج عن الجوع، أو المرضى المفتقدين للدواء، وهكذا يبقى الفلسطيني في غزة لا يتجاوز عتبة موت حتى يتعثر في أخرى.

ويبدو أن لايوجد في جعبة الاحتلال “الإسرائيلي” سوى نشر الموت في كل مناحي الحياة في قطاع غزة، منع المساعدات الإنسانية الشحيحة وهاجم من سعى للبحث عن شيء منها، فأوقعهم بين شهداء وجرحى في ما بات يعرف بـ”مجازر الطحين”.

ففي فجر الخميس 29 من فبراير الماضي، أطلقت قوات الاحتلال “إسرائيلي” النار على مئات الفلسطينيين خلال تجمعهم بالقرب من منطقة دوار النابلسي جنوب مدينة غزة للحصول على مساعدات إنسانية، لا سيما “الطحين”؛ مما خلف 118 شهيدا و760 جريحا، بحسب وزارة الصحة.

ونتيجة لهذه الحرب الدامية والحصار “الإسرائيلي”، بات سكان القطاع لا سيما في محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة؛ أودت بالفعل بحياة أطفال في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني من السكان القطاع، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون، والذي تحاصره “إسرائيل” منذ 17 عاما.

وأثارت ما باتت تُعرف بـ”مجزرة الطحين” ردود أفعال غاضبة ومنددة عربيا وإقليميا ودوليا، بالإضافة إلى مطالبات بإجراء تحقيق مستقل وتحرك مجلس الأمن الدولي.

وتتواصل حرب الإبادة الجماعية وحرب “التجويع” لليوم 150 على التوالي على قطاع غزة المحاصر، فيما يكشف العدوان حجم الإجرام الذي يُرتكب على مرأى ومسمع العالم بحق الشعب الفلسطيني، بعد أن توفي الطفل يزن الكفارنة في مستشفى أبو يوسف النجار، حيث تحوّل إلى “هيكل عظمي” بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فبسبب الحرب المتواصلة والنقص الحاد في إمدادات الغذاء، فارق الحياة الطفل الفلسطيني يزن ذو العشر سنوات بعد مكوثه في المستشفى لمدة 10 أيام قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وكان يعاني من حالة مرضية مرتبطة بعمليتَي البلع والهضم منذ ولادته.

وسادت حالة من الغضب الشديد بعد هذا المشهد الصادم، الذي يعبّر عن المأساة التي وصل لها جميع أهل غزة ونال الضرر الأكبر منهم الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة وبات الجوع ينهشهم ويلتهمهم الواحد تلو الآخر حتى رحل منهم حتى اليوم 16 طفلا بسبب الجوع وسوء التغذية والجفاف.

وفي سياق متصل، دعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز أمس الإثنين 04 مارس 2024 الولايات المتحدة إلى وقف هجمات الاحتلال “الإسرائيلي” بدلا من إلقاء بعض الطرود الغذائية جوا على غزة، مشيرة إلى أن الطفل يزن الكفارنة توفي في غزة “بسبب الجوع”، وهو من بين العديد من الأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا حياتهم لهذا السبب.

من جهتهم، حذر العاملون في المجال الإنساني بالأمم المتحدة من أن ما يزيد على نصف مليون من أهالي القطاع على بعد خطوة واحدة من المجاعة، كما حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن النقص المقلق في الغذاء وتزايد سوء التغذية والأمراض قد يؤديان إلى انفجار في وفيات الأطفال في غزة، حيث يعاني واحد من كل ستة أطفال دون الثانية من العمر من سوء التغذية.

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى