بناء الأسرة – نورالدين قربال

تبنى الأسرة أساسا على السيادة والحرية والاستقلالية لأنه بناء في الأصل الكوني يقوم على البعد الإنساني الذي ينطلق من مرجعية الرحمة للعالمين. إنها رسالة ملقاة على الدولة والاسرة وكل مكونات المجتمع الصغير والكبير. إنه بناء يؤهل الإنسان و العمران في إطار مقاصدي إنساني. ولا بناء بدون علم وتعلم، من خلال شبكة من القراءات تتفرع عن بعدين مادي ومعنوي باسم المربي الأكبر الله عز وجل كما ورد في سورة الفلق “اقرأ باسم ربك الذي خلق”. والعلة أن العلم مؤطر للنظرية والسلوك. ويواجه الشبهة والشهوة وهو قائد للفعل البشري.

كيف يؤطر ما ذكر في البناء الأسري؟

يجب أن يدرك الزوجان أنهما بصدد شأن عظيم وميثاق غليظ وهو سنة كونية وشرعية واجتماعية وانسانية والأسرة هي الخلية الأساسية للأمة . ومن شروط هذا البناء الأسري المودة والرحمة والأمانة والصدق والثقة والعفاف والاستقرار والتكامل والتواصل والبناء وإشباع الحاجات في إطار العبودية لله تعالى وكف الأذى وحسن العشرة.

وتساهم الأسرة في حفظ النسل ضمانا للاستمرار وعمارة الأرض لأن بناءها مساهم في التماسك الأسري والمجتمعي والانساني. كل هذا مرتبط ببناء تفكيري مرتبط بعلم المقاصد خاصة على مستوى المنهج.

نقط على الحروف

إن بناء الأسرة يهدف إلى العيش المشترك المبني على المبادئ والإدراك للدال والمدلول ومرتبط بالوطن والمجتمع ويتطلب حسن الاختيار قبل الارتباط وحسن تدبير الاختلاف لأنه جبلي في الحياة الزوجية ومن تم يحتاج الى مصاحبة دينية وإعلامية و حقوقية واجتماعية وسياسية. ويمكن تبني الإنتاجية داخل البناء الأسري اذا كان هذا الأخير بحب وتفان. لأنه شعور بالانتماء إلى المجموعة المحاربة للأنانية. وتبني التعاون والتضامن الذي له أثر على صحة وتربية الابناء من خلال البناء القائم على حسن التدبير.

النتائج والمخرجات

إن بناء الأسرة مسألة ثقافية وحضارية، وتعتمد التربية المبنية على التنشئة خاصة في مراحل التطور. وإذا أهملنا هذا الانطلاق دخلنا مستقبلا في مرحلة العلاج، من أجل تحقيق الاندماج. مع الاستفادة من التطور الحاصل في الكون، مع استحضار القيم الحضارية للأمة المغربية، والانفتاح على كل جميل في الكون دون تعصب او تحيز بناء على مبدأ الوسطية والاعتدال. وعدم الدخول في الصراع مع الاختلاف، وتحويله إلى تدافع إيجابي بين الخطأ والصواب ، في أفق عدم الفصل بين التربية الدينية والمواطنة والوطنية في إطار التلازم بين الحق والواجب. وهذا ما يتطلب الترقية التشريعية لتلائم التطورات المطروحة، مع مصاحبة إعلامية بانية و ناضجة. وعدم إهمال عنصري الترغيب والترهيب، الترغيب في الخير والعدل والحرية والفضل والترهيب من الاعتداء والضرب على من سولت له نفسه إهلاك الحرث والنسل، لأن درجة العقوبة مرتبطة بنسبة الجرم.

الأمة المغربية وبناء الأسرة

إن بناء الثقة بين كل مكونات المجتمع واجب ديني وحضاري، رغم الاجتهادات المتباينة أحيانا. وأن يكون الشريك والشريكة في مستوى المسؤولية الأسرية. لأن ربط المسؤولية بالمحاسبة أس من التنظيم الدستوري للمملكة، وفاقد الشيء لا يعطيه.

والأهم هو التحكيم لمقتضيات إمارة المومنين والثوابت المنصوص عليها في الدستور. وعدم السقوط في التنافر بين الديني والاجتماعي. والابتعاد عن الغلو في المواقف. والتنسيق بين الدولة والمجتمع المدني بناء على التشاركية التي تشكل التكاملية مع التمثيلية على مستوى القرارات والمشاريع والتشاور والترافع والتشريع، والتعاون والتضامن. لأن البناء الأسري لا ينفصل عن البعدين التنموي والبيئي، مع توظيف الحماية المستمرة، المرتبطة بالتقويم الجزئي والكلي وتبني منهج الوقاية خير من العلاج. مع الاعتماد على الموازنة بين البناء عن بعد والتواصل المباشر مع مراعاة تنوع الأجيال لأن خطاب الناس يكون على حساب عقولهم و عصورهم.

إن بناء الأسرة جدول أعمال دائم ومتنوع ومتوافق عليه و خاضع لثنائية الثابت والمتحول، إنه حكاية تاريخية ضاربة في الدنيا على مستوى العمل، وفي الآخرة على مستوى الجزاء. إنه ثروة وقوة وسلطة يعيش بين أحضانها أجيال تلو أجيال، وتلك الأيام تداول بين الناس، ليميز الخبيث من الطيب.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى