عودة إلى نقطة الصفر – خالد الصمدي

بعد طول تمنع قررت الحكومة اليوم سحب المرسوم بقانون القاضي بتغيير القانون 00- 07 المحدث للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والذي صادقت عليه في غشت الماضي، والذي بنت عليه النظام الأساسي المثير للجدل والمنشور في الجريدة الرسمية في أكتوبر الماضي، وطبقت مقتضياته في تنظيم المباريات الجهوية وفي نظام العقوبات أثناء الاضرابات وغير ذلك من المقتضيات.

وحين قررت سحب هذا المرسوم بقانون تكون بذلك قد قررت بالتبع سحب النظام الأساسي المعمول به حاليا لأنه بني عليه، بعد أن تبين انه كان متسرعا ومشوبا بعيوب التراتبية القانونية التي نبهنا إليها في حينها دون أن تعيها ساعتها أذن واعية.

وهذا السحب الذي أعلن عنه اليوم في البلاغ الرسمي يعني العودة بالملف برمته إلى نقطة الصفر تفاديا لكل فراغ تشريعي، أي خضوع الموظفين ما قبل 2016، ابتداء من اليوم إلى نظام 2003، وخضوع الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بعد 2016 إلى الأنظمة الأساسية 12 للأكاديميات المنشورة في الجريدة الرسمية سنة 2017.

وبالموازاة مع هذا السحب أعلنت الحكومة في نفس البلاغ عن تعديل القانون 00-07 المحدث للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مرة أخرى، وقانون الإحالة على نظام المعاشات المدنية المعدل سنة 2021.

وبما أن هذا التعديل لا يتم في مجلس الحكومة خلافا لما سوق لذلك ناطقها الرسمي اليوم في الندوة الصحفية التي تلت انعقاد اجتماع مجلسها، بل سيتم إحالتهما على البرلمان بغرفتيه للدراسة والمصادقة قبل النشر في الجريدة الرسمية فهذا يعني أن الأمر قد يستغرق شهرين على الأقل في الحالات العادية، قبل نشرها في الجريدة الرسمية ومن ثم اعتمادها في إعداد الصيغة الجديدة المرتقبة للنظام الأساسي وهو ما يعني أيضا أن هذا النظام سيتأخر بدوره إلى نهاية أبريل القادم على الأقل، وهو ما كان على الناطق الرسمي أن يوضحه للرأي العام ولكنه لم يفعل، وفضل السكوت عن هذا الامر.

من ناحية أخرى لم يتحدث البلاغ الصادر عن مجلس الحكومة اليوم عن إلغاء ” شيء اسمه التعاقد ” خلافا لما ورد على لسان الناطق الرسمي في الندوة الصحفية في أجوبته الشفوية على أسئلة الصحفيين تحت تأثير الحماس ( قارنوا بين نص البلاغ والتصريح الشفهي) لأن التعاقد انتهى عمليا سنة 2017 بإقرار التوظيف الجهوي بناء على الأنظمة الأساسية 12 للأكاديميات ونشرها في الجريدة الرسمية، وتنظيم مباريات التوظيف على أساسها، وهكذا كان عليه انسجاما مع البلاغ أن يتحدث عن إلغاء التوظيف الجهوي عوض إلغاء التعاقد، لأن الندوة الصحفية للناطق الرسمي هي حاشية على متن تتطلب الوضوح.

والخلاصة أنه في الوقت الذي كان الرأي العام ينتظر صدور النظام الأساسي قبل 15 يناير طبقا للوعد الذي قطعه رئيس الحكومة ونبهنا في وقتها إلى أنه تاريخ مضغوط وغير واقعي، أعادتنا الحكومة بهذه القرارات الصادرة اليوم إلى نقطة الصفر، وخلصت نفسها مرة أخرى من ضغط هذه الوعود ورمت بالملف برمته الى البرلمان، وبذلك ستدخل المنظومة مجددا إلى منطقة اضطراب قانوني مركزيا وجهويا سيستمر عمليا لبضعة شهور وربما إلى نهاية السنة الدراسية.

وهكذا لا يسعنا إلا أن نؤكد مع الناطق الرسمي باسم الحكومة أن ملف النظام الأساسي عاش اليوم في مجلس الحكومة بالفعل يوما استثنائيا نتيجة ضعف في التدبير القانوني لملف لا يحتمل هذا الاضطراب، والذي نؤكد مرة أخرى أنه أثر طبيعي للقفز على مقتضيات القانون الإطار ومنهجيته الواضحة في تنزيل الإصلاح.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى