أحمد صدقي: ينبغي التوجه مباشرة لإيقاف مصادر الاستنزاف الكبيرة للماء

يشرح أحمد صدقي المهتم بقضايا البيئة والتنمية المستدامة الإشكاليات التي أدت إلى استفحال الحالة المائية بشكل أصبح يهدد “الأمن المائي” في المغرب، الذي كثيرا ما ارتبط اسمه منذ الاستقلال بسياسية السدود بحيث يتوفر اليوم على أزيد من 150 سدا.

ويحلل الحاصل على جائزة الحسن الثاني للبيئة سنة 2006 في حواره مع موقع “الإصلاح” الإجراءات التي اتخذها المغرب من أجل مواجهة مشكلة الإجهاد المائي وندرة المياه، وكان أخرها مراسلة وزير الداخلية إلى الولاة والعمال حول “إدارة الإجهاد المائي”.

ويقدم عضو لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب سابقا وصاحب كتاب “الميثاق الاخضر”، عدة مقترحات من أجل تجاوز الأزمة التي يمر منها المغرب، والبدائل العملية من أجل تجاوز الإشكالية. وفيما يلي نص الحوار 

السؤال الأول: يعيش المغرب وضعية صعبة في ما يتعلق بالمياه ماسببها في تقديركم؟

مجموعة من الاعتبارات وصلت بالحالة المائية إلى ما هي عليه الآن وهي:

أولا – بالنسبة للمعطى الطبيعي والمناخي فهو قائم ومعروف حتى أضحى هيكليا وينبغي الاستعداد له وأخذه كمعطى ثابت في السياسة الحكومية وبشكل استباقي، وبالتالي لا يمكن التدرع به دائما وبشكل كلي.

ثانيا – الإجهاز على الأولويات في تدبير الماء حيث في زمن الخصاص تم المضي بشكل غريب في سياسات تستنزف الماء ولا تأخذ حالة الندرة بعين الاعتبار ومن ذلك بالخصوص المخططات والبرامج الفلاحية المستفزة للمياه والتي مع الأسف لم تمكن حتى من إقرار الاكتفاء الذاتي وضمان مستوى أسعار مقبول للمنتوجات الفلاحية في السوق الداخلية.

ثالثا- وتيرة إنجاز مشاريع السدود تراجعت مع الأسف بشكل ملحوظ حيث كان من الممكن الاستمرار على الإيقاع الكبير المسجل نهاية الولاية الحكومية الأخيرة وهو انجاز خمس سدود كبرى سنويا.

السؤال الثاني: إلى أي حد يمكن للإجراءات  المضمنة في دورية وزير الداخلية حول “إدارة الإجهاد المائي” المساهمة  في حل الأزمة؟

بشأن الإجراءات التي وردت في المذكرة وعلى أهميتها، تبقى إجراءات ظرفية لا يمكن أن تعالج الإشكال من مصدره وأصله وبشكل مستدام، حيث أن التبديد الذي تعرضت له الموارد المائية يعتبر أحيانا لا رجعي “irréversible”، فالفرشات المائية التي تم تبديد مخزوناتها تشكلت عبر ملايين السنين ولا يمكن تجديدها ومعالجة وضعيتها باتخاذ أي إجراءات كيفما كانت.

ثم إنه ينبغي التوجه مباشرة لإيقاف مصادر الاستنزاف الكبيرة خصوصا ذات العلاقة ببرامج حكومية، منها على سبيل الذكر، البرامج والمخططات الفلاحية التي يتم من خلالها، وغالبا دون اعتبار شروط الحفاظ على الماء وباقي الموارد، دعم المستثمرين بتفويت الأراضي وتمكينهم من الدعم ومن رخص حفر الآبار مع اللجوء إلى استعمال الطاقة الشمسية للضخ، مما يمثل ظروفا مواتية مع الأسف لاستنزاف الموارد المائية خصوصا الباطنية وبشكل غير مسبوق وتستحيل مداركته.

السؤال الثالث: هل يمكن أن تحقق مشاريع تحلية المياه ونظام الخطارات الأمن المائي للمغرب؟

نظام الخطارات هو بنفسه ضحية هذه الوضعية حيث أنه مع استنزاف الموارد المائية الجوفية يتوقف هذا النظام الذي يعتمد في الأصل على استخراج تلك المياه وبشكل طبيعي مستدام لتصبح على السطح وتستخدم للسقي.

وأما بشأن مشاريع تحلية مياه البحر فيبقى اللجوء إليها محدودا بفعل إكراهات تكلفة الاستثمار وتكلفة التدبير وإكراهاتها البيئية، وكذا إكراهات بُعد أغلب مساحات البلاد من شاطئ البحر، ولكنه سيبقى خيارا أخيرا يلزم اللجوء إليه في مثل هذه الظروف.

السؤال الرابع: في ضوء كل ما أشرت إليه، ما هي المقترحات التي يمكن أن تساهم في حل المشكل؟ 

إيقاف المشاريع المستنزفة للمياه وإخضاعها لمساطير التقييم البيئي ودراسة التأثير وبشكل شفاف وموضوعي، وإعمال القانون 49/17 الخاص بالتقييم البيئي بشأن البرامج القطاعية الكبرى المستنزفة للمياه. هذا مع المضي في برامج السدود الكبرى وبالوتيرة السابقة على الأقل، مع تفعيل كامل وناجز لعمل اللجن الإقليمية المنصوص عليها في قانون الماء 36\15، دون إغفال ضرورة التسريع بالمصادقة وإخراج المخطط الوطني للماء.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى