وضعية الماء في المغرب في تقارير وطنية ودولية

يعاني المغرب في السنوات الأخيرة من مشكلة تهدد “الأمن المائي” للمملكة التي غالبا ما ارتبط اسمها بسياسة السدود التي نهجتها إبان الاستقلال. وترجع تقارير وطنية ودولية رسمية وغير رسمية هذه المشكلة إلى عوامل طبيعية تتعلق بتوالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات ومشكلة التصحر وتوحل السدود، وأخرى بشرية تتعلق بالإسراف في استعمال الماء والزراعات المستنزفة للمياه وسقي المساحات الخضراء وغيرها.

ويعرف المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي خصاص الموارد المائية بكونه وضعية تنشأ عندما تقل المياه التي يتوفر عليها بلد ما عن 1000 متر مكعب للفرد سنويا. ويرى بناء على ذلك أن المغرب يعيش وضعا مقلقلا على اعتبار أن موارده المائية تقدر حاليا بأقل من 650 مترا مكعبا للفرد سنويا، مقابل 2500 متر مكعب سنة 1960، ويتوقع أن تقل هذه الكمية عن 500 متر مكعب بحلول سنة 2030.

واقع الحال

وتكشف التقارير الوطنية والدولية عن وضعية المياه في المغرب، حيث يشير تقرير “مهمة موضوعاتية تتعلق بقطاع الماء” أنجزه المجلس الأعلى للحسابات إلى أن المغرب يوجد ضمن العشرين دولة التي تصنف عالميا في وضعية “إجهاد”” من حيث توفر هذه المادة الحيوية، مشيرا إلى أن المهمة الرقابية وقفت على وجود تحديات تخص أساسا تعبئة الموارد المائية وترشيد استعمالها وحمايتها.

وفي تقرير للبنك الدولي حول “المناخ والتنمية” الصادر في أكتوبر 2022، يتوقع أن تؤدي التغيرات الناجمة عن تغير المناخ إلى هجرة ما يصل إلى 1.9 مليون مغربي إلى المناطق الحضرية (5.4 في المائة من إجمالي السكان) بحلول عام 2050، حيث يشير إلى أن شح المياه يمكن أن يؤثر على كل جانب تقريبا من جوانب التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستقبلية في المغرب.

وقبل أيام، كشف وزير التجهيز والماء نزار بركة عن تراجع الواردات المائية بنسبة 67 في المائة، موضحا أن هذه الواردات تراجعت من 1.5 مليار متر مكعب إلى 500 مليون متر مكعب في عام واحد، مضيفا أن المغرب من الدول التي ستعاني أكثر على الصعيد الدولي من التغيرات المناخية.

توصيات ومقترحات

تقدم مجموعة من المؤسسات الرسمية والمدنية مقترحات وتوصيات من أجل الحد من الإجهاد المائي، ومنها تلك التي أوصى بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حيث دعا إلى القطع مع ممارسة سقي المساحات الخضراء العمومية ومنتزهات الترفيه والمنشآت الرياضية بالماء الصالح للشرب، والحرص على اللجوء الممنهج إلى استخدام المياه العادمة.

ويدعو المجلس إلى تسريع الاستخدام المكثف للموارد المائية غير التقليدية، خاصة من خلال تعميم تقنية تحلية مياه البحر بالنسبة للمناطق الساحلية وإعـادة استخدام المياه العادمة المعالجة، مع افتحاص وصيانة شبكات توزيع المياه في المدن بكيفية ممنهجة ودائمة، وذلك للحد من تسربات المياه، والرفع من مردودية تلك الشبكات، بما يجعلها تستجيب للمعايير الدولية.

ويقترح المجلس الأعلى للحسابات اتخاذ الإجراءات الضرورية الكفيلة بحماية الملك العمومي المائي وتقوية شرطة الماء، وتفعيل دور هيئات التشاور والتنسيق والتوجيه الإستراتيجي، مع القيام بإنجاز المشاريع المتعلقة بالربط بين الأحواض المائية، والعمل على تزامن إنجاز المنشآت الهيدروفلاحية في سافلة السدود الجديدة مع بنائها، كما ألح على تحفيز اللجوء إلى الموارد المائية غير الاعتيادية، ولاسيما تحلية المياه.

الإجراءات والتدابير

اتخذ المغرب عدة إجراءات من أجل معالجة مشكلة ندرة المياه والحد من الإجهاد المائي من بينها برفع البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027 إلى 143 مليار درهم، وقد اتخاذ هذا القرار خلال جلسة عمل ترأسها الملك محمد السادس يوم الثلاثاء 9 ماي 2023 بالقصر الملكي بالرباط خصصت لتتبع البرنامج.

وتتحدث المذكرة التقديمية لمشروع قانون مالية 2023، عن السعي إلى تعبئة 100 مليون متر مكعب سنويا من المياه العادمة المعالجة قصد تقليص استخدام مياه الشرب في سقي المساحات الخضراء بحلول سنة 2027، وعن برمجة 10 مشاريع لإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة بكلفة مالية إجمالية تقدر بـ662.7 مليون درهم، منها 343 مليون درهم من ميزانية البرنامج الوطني للتطهير السائل.

وعلى مستوى الإجراءات الزجرية والحرمان من الدعم، اتخذت وزارتا الاقتصاد والمالية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات قرار يقضي بإنهاء الدعم المالي المقدم لمشاريع الري الموضعي المتعلقة بأشجار “الأفوكادو”، وأشجار الحوامض الجديدة والبطيخ الأحمر (الدلاح)، كما اتخذا مجموعة من عمال الإقاليم قرارت عاملية لمنع الزراعات المستنزفة للمياه.  

وفي أحدث الإجراءات، راسل وزير الداخلية عبد الوفي لفتيت ولاة وعمال المملكة حول موضوع “إدارة الإجهاد المائي” يطالبهم من خلالها بتنفيذ إجراءات صارمة لترشيد استغلال الموارد المائية.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى