مفكير: ثغرة قانونية وتقصير الأسرة فسح المجال لأغنية “راب ” تحرض على الفساد

أثارت أغنية “راب “مغربية صدرت الشهر الماضي الكثير من الجدل؛ بسبب ما تضمنته من مقاطع  اعتُبرت غير أخلاقية، وتحريض واضح على اغتصاب القاصرات واستغلالهن جنسيا، بالإضافة إلى تحريضها على الاعتداء على المرأة المغربية.

ودخلت عدد من الهيئات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني على خط التنديد واستنكار هذه الأغنية، حيث دعت “المنظمة المغربية لحقوق الإنسان” في رسالة وجهتها إلى النيابة العامة، إلى ضرورة التدخل العاجل وتطبيق القانون بخصوص جريمة التحريض على اغتصاب القاصرات، معتبرة أن هذه الأغنية تم وضعها ونشرها لتمرير رسائل مباشرة خطيرة للتحريض على الاستغلال الجنسي للقاصرات، واغتصابهن في عبارات واضحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دون مراعاة أصحابها لأخلاقيات الفن والموسيقى والقيم الاجتماعية والأعراف القانونية.

من جهتها، طالبت “رابطة الأمل للطفولة المغربية” في بلاغ لها الجهات القضائية المختصة إلى “التدخل الفوري من أجل الحفاظ على الأمن الرقمي وصون الآداب العامة”، مستنكرة ما جاء في الأغنية من تحريض على ارتكاب أفعال إجرامية خطيرة، من بينها الدعوة إلى “هتك العرض والشذوذ وتناول المخدرات والتشجيع على الهجرة السرية”.

 وأكدت منظمة “ماتقيش ولدي” أنها ستقوم بجميع الاجراءات القانونية اللازمة من أجل متابعة كل من يقوم بالتحريض على استغلال الأطفال و الدعوة لإغتصاب القاصرات عبر الأغاني، مؤكدة ”أن بعض الجمل ما هي إلا انعكاس لممارسات تطبق على أرض الواقع” .

وفي هذا السياق، أكد الفاعل المدني عبد الرحيم مفكير، أن الأغنية خلفت أثرا سلبيا لدى الأسر المغربية وعموم المواطنين واستنفرت جمعيات حقوقية ومنتديات لشجب مضمون الأغنية البذيء، المخالف لكل القيم والقوانين التي صادق عليها المغرب، والتي لازالت تحصد أرقاما عالية رغم الانتقادات الكثيرة مما يؤكد على شيوع التفاهة وعدم الرقي بالذوق الجميل للمغاربة.

واستنكر مفكير في تصريح لموقع “الإصلاح”، الرسالة التي تضمنتها الأغنية والتي تحرض وتشجع على اغتصاب القاصرات مما يعد إهانة للمرأة، الأم والزوجة والأخت والبنت والتي هي تاج هذا المجتمع وركيزته الأساس في بناء الإنسان وتربية الأجيال، في الوقت الذي كان للمغرب مسار طويل في تحصين هويته الحضارية والدفاع عن القيم الأصيلة والتي ترفض العبث، من خلال وضع ترسانة من القوانين لحماية الإنسان والطفولة بشكل خاص.

وأوضح المتحدث، أن المُشرع المغربي شرع عددا من النصوص والقوانين لحماية الطفولة، وأحاط ذلك بقدر هام من العناية والضمانات القانونية، ملتزما بذلك بما جاءت به تشريعات الجنائية الدولية المتعلقة بالأحداث وبالأطفال على وجه العموم، ويتجلى ذلك بوضوح في مختلف تشريعاتنا التي لها علاقة بالأسرة وفي نفس السياق المتعلقة بحماية الأطفال والقاصرين.

كما خصص المشرع المغربي قدرا هاما لهذه الشريحة الهشة من المجتمع في قانون الالتزامات والعقود، وذلك للإسهام في تعزيز حقوق الإنسان، وحمايتها من خلال إعمال مقتضيات الدستور الجديد الذي تميزت مضامينه ببروز حقوق الإنسان في مفهومها الكوني ومعناه الواسع، مما جعله ميثاقا حقيقيا للحقوق والحريات الأساسية، وسجلا دقيقا لحقوق الإنسان كما هو متعارفٌ عليها عالميًا مبنيا على مبادئ وقيم المساواة بين الجنسين، ومبدأ المناصفة ومناهضة كل أشكال التمييز وتجريم كافة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حرصا على حفظ الكرامة الإنسانية ودسترَة آليات الحكامة في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها.

وأوضح مفكير أن الأغنية تجاوزت هذه القوانين والدستور ولم تعبأ بهم، وساهمت بشكل كبير جدا في الدخول في جوقة المستغلين للأطفال في البغاء والمواد الإباحية، منبها لوجود  فراغ قانوني في المغرب يتمثل في أن النيابة العامة لا تتدخل حتى تتوصل بشكاية من الضحايا، رغم أن العديد منهم لا يستطيعون ذلك.

وزاد مفكر، أن الافتقار لترسانة نصوص قانونية لتجريم الجريمة البيدوفيلية في الأنترنت وحيازة الصور الإباحية للقاصرين كما هو موجود في عدد من الدول، ساهم في فسح المجال لمثل الأغنية المشارإليها، والتي تضمنت كلمات إباحية، وتدخل في سياق التشجيع على هذه الجريمة البيدوفيلية.

وأشار المتحدث أن  الفصل 2 / 503 من القانون 24/03 المتمّم للقانون الجنائي  يجرّم أي تحريض أو استغلال جنسي للقاصرين كيفما كانت الوسيلة المستعملة سواء كانت لفظية أو كانت غيرها. و أظهرت تقارير سابقة أن 60 طفل مغربي يتعرضون يوميا لاعتداء جنسي، وأن نحو ألف طفل تعرضوا لاغتصاب وجرائم بيدوفيليا سنة 2015.

ونبه مفكر إلى أسباب أخرى لصدور مثل هذه الأغنية وارتفاع عدد مشاهديها، ومنها تقصير الأسرة في حق أطفالها وانفتاحها الإلكتروني على بعض المواقع الإباحية، وغياب جمعيات تدافع عن القاصرين ضحايا الأنترنت، وكذا عدم وجود برامج حكومية تحسس بمخاطر الجريمة الإلكترونية وخاصة البيدوفيلية، معتبرا أن هذه الأغنية التي وضعها ونشرها أصحابها مررت رسائل مباشرة خطيرة، فيها دعوة صريحة للتحريض على الاستغلال الجنسي للقاصرات واغتصابهن في عبارات واضحة، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي دون مراعاة أصحابها لأخلاقيات الفن والموسيقى والقيم الاجتماعية والأعراف القانونية.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى