بوعلي يشرح دلالات تخلي دول عن رسمية اللغة الفرنسية

تخلت مجموعة من دول العالم على اعتماد اللغة الفرنسية كلغة رسمية تكرست نتيجة فترة الاستعمار الغربي. وقبل أيام خفض الدستور المالي الجديد مكانة اللغة الفرنسية لتصبح لغة للعمل بعد أن كانت هي اللغة الرسمية للبلاد، مقتدية برواندا والغابون ودول عربية أخرى.

وكانت مالي تصنف ضمن 29 دولة تتخذ اللغة الفرنسية كلغة رسمية للدولة بسبب الإرث الاستعماري الناتج عن الاحتلال الفرنسي خلال القرون الماضية. وجاء خطوة التخلي عن رسمية اللغة الفرنسية بعد أقل من عام على طرد القوات الفرنسية من البلاد في محاولة لتكريس القطيعة مع فرنسا.

تغيرات إستراتيجية

وفي قراءته لدلالات هذا الحدث، قال رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية فؤاد بوعلي “أعتقد أن هذا الإجراء الذي أقدمت عليه دولة مالي في التعديل الدستوري لإبعاد اللغة الفرنسية من قيمتها الرسمية وجعلها لغة العمل فقط هو إجراء طبيعي في إطار التغيرات الإستراتيجية التي تعرفها مجموعة من الدول الإفريقية”.

وأكد بوعلي في تصريح لـ”الإصلاح” أن هذا الحدث يثبت أن القضية اللغوية ليست قضية تواصل فقط كما يُعتقد، مشددا على أن الأمر يخص قضية إستراتيجية تتعلق بالتمكين للدولة والسيادة الوطنية والأمن اللغوي للمجتمعات والشعوب، قائلا “والآن هناك تغييرات حقيقة بالقارة الإفريقية في محاولة الشعوب التحرر من هيمنة فرنسا التي تتحكم في رقاب واقتصاديات الدول الإفريقية وسياساتها عن طريق اللغة وأمور أخرى”.

سيطرة بالقوة

وشدد بوعلي على أن اللغة الفرنسية ليست لغة علمية، موضحا أنها تفقد يوما هامشا من التمكن العلمي والمعرفي، وكما أنها تفقد مساحات واسعة من السيطرة العلمية ومن الاستعمال والتوظيف العلمي، قائلا “الآن لم تعد اللغة الفرنسية لغة العلوم والمعارف والفنون فهامشها واستعمالها هو استعمال مفروض عن طريق القوة السياسية والقوة العسكرية وحتى القوى الاقتصادية”.

ومن قوتها الاقتصادية أنها كرست الفرنك الإفريقي عملة متداولة في 12 دولة إفريقية وربطتها باليورو بشكل يحول دون انتهاج سياسة نقدية مستقلة. وتدفع تلك الدول المتعاملة بالفرنك الإفريقي ما يصل إلى 65 من احتياطاتها النقدية للخزينة الفرنسية حسب تقرير لصحيفة “دوتشيله فيليلة” الألمانية.

وأوضح المتحدث أنه عندما يتاح للشعوب الاختيار فإنها تلفظ هذه اللغة وتلفظ ما يأتي معها، مستدركا بأن هذا لا يعني أن اللغة الفرنسة ليست لغة كونية وطبيعية وإنسانية، موضحا أن لها قيمة حاضرة من حيث ما تحمله من قيم إنسانية دافعت عنها طيلة عقود، لكنه يرى أن توظيفها في الإطار الفرنكفوني هو الذي أضر باللغة الفرنسية كما أضر بالشعوب الأفريقية. 

تراجع عالمي

وتعد اللغة الفرنسية خامس لغة على مستوى العالم من حيث التحدث بها. ويعود الفضل في ذلك تحديدا إلى ملايين الأفارقة الذين يستعملونها بشكل يومي. وبحسب المنظمة العالمية للفرنكوفونية، فإن 300 مليون شخص في القارات الخمس يتحدثون الفرنسية، وتأتي  بعد كل من الصينية، والإنجليزية، والإسبانية والعربية.

وفي مارس الماضي، كشف تقرير أعدته منظمة اليونسكو عن تراجع استعمال اللغة الفرنسية عبر العالم منذ عقود، موضحا أنها هذه اللغة تتركز أساسا في القارة الإفريقية، هذا في وقت أكده فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن استعمال اللغة الفرنسية تراجع في دول المغرب العربي مقارنة بوضعها قبل 20 أو 30 عاما، خلال مشاركته في الدورة الثامنة عشرة للقمة الفرنكوفونية بتونس نونبر 2022.  

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى