ترشيد استهلاك الماء.. المجتمع المدني والإعلام فاعل أساسي في التوعية

يواجه المغرب منذ أكثر من خمس سنوات تهديدا بسبب الجفاف وسط مخاطر تحدق بالقطاع الفلاحي الذي يمثل عصب الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، حيث تسبب انحباس الأمطار بتدن كبير في مستوى الأنهار المعروفة، على غرار نهر ملوية أحد أكبر أنهار المغرب، الذي بات عاجزا عن الوصول إلى مصبه للمرة الأولى في تاريخه بسبب الجفاف الشديد وكثرة الاستهلاك.

وحسب معطيات صفحة “مغرب السدود” التابعة لوزارة التجهيز والماء، فإن إجمالي ملء السدود تصل حاليا إلى 3739 مليون متر مكعب أي بنسبة ملء 23.20% فقط.

وأمام هذه الوضعية المائية المقلقة، تفاعلت جمعيات المجتمع المدني بتنظيم أنشطة وندوات وفعاليات تحسيسية بأهمية الحفاظ على الماء وترشيد استهلاكه بكل الوسائل الممكنة لتفادي أي آثار سلبية، لا قدر الله، على الإنسان والحيوان والمجال الزراعي إذا ظلت الظرفية المناخية على ما عليه اليوم.

و عقد المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمقره بالرباط لقاء لتقديم مذكرته حول الحق في الماء بعنوان “الحق في الماء: مداخل لمواجهة الإجهاد المائي بالمغرب”، والتي أعدها في إطار ممارسة صلاحياته كمؤسسة وطنية معنية بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها والوقاية من انتهاكها، وكذا عملا بالتوجهات الاستراتيجية للمجلس (2022-2024) القائمة على “فعلية حقوق الإنسان”.

ودعا المجلس لبناء تصور يعتمد على ستة عناصر متداخلة فيما بينها، ليتمكن مجتمعنا من مواجهة الإجهاد المائي والتهديد المتصاعد للتمتع بالحق في الماء، ودعت مذكرة المجلس إلى اعتماد سياسة عمومية تهدف إلى إيجاد حلول آنية مستعجلة.

وفي نفس السياق، نظمت فعاليات المجتمع المدني بأصيلة، اجتماعا تناول واقع أزمة الماء محليا ووطنيا، حث على الانخراط في حملة تحسيس المواطنين والمواطنات بأهمية الماء وترشيد استهلاكه وتذكيرهم بالظرفية المناخية التي يمر منها المغرب والتي تؤثر سلبا على المخزون المائي، من أجل ترشيد استهلاك المياه بحكمة وعقلانية ومحاربة بعض السلوكيات التي تؤدي إلى تضييع الماء واستنزاف الفرشة المائية.

من جهتها، انخرطت جمعية مكارم في المشروع الوطني لترشيد استهلاك الماء من خلال تحسيس الناشئة بأهمية الحفاظ على الماء، وهكذا نظمت الجمعية بشراكة مع مقاطعة طنجة المدينة وبتنسيق مع جمعية الهلال الأحمر المغربي وشركة تدبير الماء والكهرباء أمانديس صبيحة تربوية ترفيهية توعوية تحت شعار: “ترشيد استهلاك الماء ونظافة المحيط مسؤوليتنا جميعا”، عرفت مشاركة حوالي 70 طفلا.

ونظمت جمعية زهور الأطلس بمساهمة مجلس مقاطعة المنارة وتنسيق مع الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء وإدارة المياه والغابات وإدارة الحوض المائي، مناظرة تخللتها حملة تحسيسية للمحافظة على الماء بمؤسسة سبتة الابتدائية .

وعرفت المناظرة تقديم لوحات فنية مختلفة من طرف تلاميذ المؤسسة تهدف إلى التحسيس بضرورة الحفاظ على الثروة المائية والاستغلال العقلاني للماء في جميع المجالات، فيما أجمعت كل الفعاليات المشاركة في المناظرة على أهمية الماء في الحياة وضرورة المحافظة عليه خصوصا في الفترة الحالية التي تعرف شحا في الأمطار والجفاف.

وتمحورت تدخلات المشاركين حول ضرورة نشر وتعزيز الوعي بأهمية الماء وضرورة استدامته في المستقبل، فيما يعتبر هذا الحدث مبادرة هامة للتعليم والتوعية بين الطلاب والمجتمع المحلي بشكل عام، سيسهم في نشر الوعي بأهمية الماء وتحفيز الأفراد على اتخاذ إجراءات للحفاظ على هذه الثروة الحيوية.

وتخليدا لليوم العالمي للماء، نظمت جمعية الماء والطاقة للجميع، وبشراكة مع جماعة الترابية أولماس وشركة المياه المعدنية سيدي علي ـ أولماس، الندوة العلمية تحت شعار : ”تنمية مستدامة و تدبير أمثل للموارد المائية على ضوء التوجيهات الملكية السامية ”، بمدينة الخميسات.

بدورها، وفي إطار العمل الجمعوي الهادف لتوعية وتحسيس الناشئة بأهمية الماء والمحافظة عليه وضمان استدامته، قامت جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بجهة طنجة تطوان الحسيمة، وعلى طول الموسم الدراسي بتنظيم عدد من الورشات والمشاريع التي تتبنى أطروحة الاقتصاد على الماء، وتربية الأجيال المستقبلية على التعامل الجيد مع الماء وتحسين سلوكاتهم اليومية في تدبيره.

وتضع الجمعية المذكورة برنامج عمل في بداية السنة يتماشى مع الموسم الدراسي بحكم أنها جمعية مهنية، وبالتالي فهذا البرنامج يرتكز بالأساس على مسألة التحسيس بضرورة المحافظة على الماء بالوسط المدرسي ومواكبته بمجموعة من الأنشطة التي من شأنها تعزيز قدرة التلاميذ على إدراك أهمية هذه المادة الحيوية، وإدراك مسألة ندرة الماء والخصاص الذي تعرفه في بلادنا خلال السنوات القليلة الماضية لتدبير هذه الندرة.

ومن ضمن الأهداف التي تشتغل الجمعية على ترسيخها في ذهن التلاميذ، إبراز المجهودات التي تقوم بها المؤسسات العمومية وخاصة وزارة التجهيز والماء من أجل توفير الماء الصالح للشرب بجودة عالية، وبثمن مناسب.

وفي الجانب الإعلامي، تواكب القنوات التلفزيونية الرسمية كل الحملات التي تسطرها الوزارة الوصية من أجل توعية المواطنين بضرورة ترشيد استهلاك الماء، من خلال وسائط رقمية والإعلانات في الأماكن العمومية، وعبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي للوصول لأكبر شريحة من المجتمع، وأيضا من خلال إعلانات على وسائل النقل العمومية التي تعتبر أقرب وسيلة لإيصال المعلومة إلى عموم المواطنين.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى