تقارير وأبحاث أسهمت في النقاش حول تعديل مدونة الأسرة

شكلت تقارير بحثية وعلمية إطارا مرجعيا لعدد من الهيئات والمؤسسات الرسمية، وغير الرسمية في صياغة مقترحاتها المقدمة للجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة.

وساهمت عدد من التقارير في توجيه الرأي العام والتأثير على مسار النقاش، والترافع حول وجاهة عدد من المقترحات في تعديل عدد من مواد مدونة الأسرة المتعلقة بقضايا، إما ذات إشكاليات تقنية محضة أو لها بعد قيمي سجالي فيما يتعلق بمدونة الأسرة.

ومن هذه التقارير، الدراسة الوطنية التي أنجزها المركز البرلماني للأبحاث والدراسات التابع لمجلس النواب، حول “القيم وتفعيلها المؤسسي: تغيرات وانتظارات لدى المغاربة” في دجنبر 2022، تضمنت ملخصات التقرير الوثائقي والكمي والكيفي الخاص بالدراسة الوطنية، وعددا من الخلاصات والتوجهات التي تتطلب انتباها وأخذا بعين الاعتبار من طرف المؤسسات الرسمية المعنية والهيئات المدنية في أفق تفعيلها وترجمة مقتضياتها على أرض الواقع.

وتتعلق هذه المخرجات أساسا بعدد من المؤسسات الفاعلة في المجتمع المغربي، ويأتي في مقدمتها الأسرة والمدرسة والإعلام والجامعة والإدارة، حيث أكدت على المكانة البارزة التي تحتلها الأسرة في تصورات المغاربة وتمثلاتهم ومواقفهم، وأن الأسرة المؤسسة الوحيدة من مجموع المؤسسات المستهدفة بالدراسة التي تحظى بثقة تامة لديهم. وعلى مركزية القيم المرجعية والثوابت الوطنية في بنية وعلاقة مكونات الأسرة المغربية.

ومن ضمن هذه التقارير أيضا، التقرير الاستراتيجي، الذي أعده مركز الدراسات الأسرية والبحث في القيم والقانون، الذي تضمن حديثا موسعا عن واقع الأسرة المغربية بين الحماية القانونية وتحولات المجتمع والتغيرات والتحديات والرهانات. وغطى الفترة ما بين 2004-2021 من خلال إجراء بحث ميداني تضمن تشخيصا لاختلالات تنزيل مدونة الأسرة، ورصدا لرهانات ملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية، وتحليلا للوضعيات الاستثنائية.

من بين ما تضمنه هذا التقرير من خلاصات، أن نسبة النساء المطلعات بشكل كامل على مدونة الأسرة، لا تتجاوز 47 في المائة، فيما لم تتجاوز نسبة الرجال المطلعين عليها بشكل كامل 36 في المائة. كما أن مؤسسة التعدد تلقى تأييدا مهما من لدن فئات عديدة من المجتمع المغربي، ليتم الإبقاء عليها ضمن مقتضيات المدونة، في حين تعارض فئات أقل الإبقاء عليها.

ويعد تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول القضاء الأسري، من بين أبرز التقارير المرجعية الصادرة، إذ قدم تقييما لتطور قضايا الأسرة من سنة 2017 إلى سنة 2021، ووضعية أقسام الأسرة سنة 2021، وبعض الاجتهادات القضائية في قضايا الأسرة، إضافة إلى مساهمة المجلس الأعلى للسلطة القضائية في الارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء الأسري. 

ومن بين المعطيات التي رصدها التقرير؛ أن حجم القضايا الأسرية شكل خلال سنة 2021 ثلث القضايا المدنية، حيث سجلت محاكم المملكة ما مجموعه 491 ألفا و963 قضية  أسرية، من أصل مليون و242 ألف و805 قضية مدنية، وعمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية على اعتماد وسائل للرفع من النجاعة في القضاء الأسري، أهمها التركيز على برامج التكوين المستمر، وإصدار دوريات ومناشر تعنى ببعض الإشكالات التي تعترض القضاء الأسري. 

ورغم  أن هذه التقارير تساهم إجمالا في  تعزيز النقاش المجتمعي حول مدونة الأسرة خاصة في شقه المتعلق بالإكراهات التقنية التي يواجهها المواطنون على مستوى الإجراءات الإدراية التي تتعثر بسبب التعقيدات المسطرية داخل المحاكم المغربية، أو ارتفاع حالات التطليق للشقاق وغيرها، لكنها تُبرز أحيانا  بعض القضايا السجالية التي تخرج عن إطارها الدستوري والجامع لثوابت الأمة إلى نقاشات تستحضر نماذج غربية دخيلة على المجتمع المغربية وهويته الإسلامية الأصيلة.

وفي هذا الصدد، يحذر الخبير التربوي الدكتور خالد الصمدي من استطلاعات رأي ملغومة على غرار استطلاع رأي انجزته شبكة “أفروبارومتر”، قال إن 22 ٪ من المغاربة ضد استناد تعديل مدونة الأسرة إلى أحكام الشريعة الإسلامية.

وكتب كاتب الدولة السابق للتعليم العالي في تدوينه على حسابه الرسمي على موقع “فايسبوك” أن هذا الاستطلاع يريد فقط إثبات وجود انقسام حول أحكام الشريعة بين المغاربة ولو بواحد في المائة، لتتسع بعد ذلك النتائج المفبركة إلى أكثر من ذلك بالتدريج، محذرا من مثل هذه الاستطلاعات المخدومة.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى