القرآن ورمضان- نورالدين قربال

يأتينا ضيف كريم ألا هو شهر رمضان حيث تشرئب النفوس إليه بشوق كبير. وتكون الأوبة فيه إلى الله عز وجل يسيرة لمن يسرها الله عليه. والمؤشر هو تفتح فيه أبواب السماء وأبواب الجنة وتكبح الشياطين، وكله خير مضاعف، بالإضافة إلى ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. وفي هذا الإطار يجب على المسلم أن يهيئ نفسه وفكره لاستقبال هذا الضيف الذي يحمل معه فتوحات ربانية يجب استثمارها.

وفي هذا الشهر المبارك يتم “التصالح” بين الإنسان والقرآن ورمضان. لاعتبارات متعددة أهمها أن شهر رمضان نزل فيه القرآن. بذلك يقرأ القرآن بالمسجد وفي البيت، ويتم التسابق على هذا الخير الكبير. والقرآن يأمر بتدبر معانيه، والتجاوب مع أحكامه والصوم يساعد على هذا العناق الروحي والفكري الذي يتم في هذا الفضاء. بمعنى قراءة قرآنية مقاصدية تفضي إلى تحول استراتيجي في المسار الإنساني، وغالبا ما تكون انطلاقة جديدة لاختيار جديد يمتح مشروعيته من التفاعل الحاصل بين القرآن ورمضان والإنسان.

وفي تقديري يجب على الإنسان أن يضع استراتيجية واضحة كما نعتمدها في أمور دنيانا، الهدف منها ضمان استمرارية التدبر والفهم العميق، فالقراءة نوعان سطحية وعميقة، والعميقة لا محالة تنعش الاستماع والإنصات بإحداث جدلية بين الأذن والقلب، الذي يضبط لنا سيمفونية يتوحد فيها الاعتقاد بالجنان، والاعتراف باللسان والعمل بالجوارح، وبالتالي يصبح الإنسان قرأنا يمشي في الأسواق. ومن تم نتجاوز سلبية الهجر التي أشار إليها القرآن الكريم.

إذن رمضان فرصة لبناء ما ذهبنا إليه سابقا. فهو ينفخ الروح من أجل تجديد أمر هذا الدين الذي نشم من خلاله كل تجليات الرحمة والبركة والتزكية والترقي في سلم الإسلام والإيمان والإحسان. رمضان دشن لمنظومة الهدى والفرقان في ليلة القدر الخالدة الليلة المباركة. إذن مزيدا من الحفظ، والترقية بالقرآن، والفهم العميق، والتدبر المقاصدي الهادف.

إن هذا التراكم المعرفي والأخلاقي يؤهل الإنسان إلى التفاعل بينه وبين القرآن ورمضان، والقرآن قربة ربانية، يشفع لصاحبه، خاصة عندما يمنعه النوم بالليل كما يمنعه الصيام نهارا شهوات الأكل والشرب والجماع.  ومهما بذلنا مجهودا في هذا المضمار، فإن رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام صلى بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران في ركعة واحدة. كما روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وهذا من خصوصيته صلى الله عليه وسلم.

لقد أراد الإسلام من المسلم أن يتعامل مع الحرف أولا في القرآن الكريم لأن بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها كما أخبرنا بذلك الصادق المصدوق عليه السلام. ومن تم تحدث أهل القرآن عن مخارج الحروف والصفات. وتمت الإشارة إلى فضل قراءة القرآن في شهر رمضان الكريم.

فلنستثمر شهر رمضان في تلاوة كتاب الله، وتدبره، والتأمل في سوره وآياته، والحفظ ما تيسر منه، لأن رمضان شهر الاستثمار دفتر تحملاته واضح: حضور القلب، الترقية في السلوك، التحلية والتخلية، مدارسة القرآن، الجود والعطاء، غنى النفس، السخاء، الرحمة بالعباد، حسن تدبير الوقت، التقرب إلى الرحمان، تقوية العلاقات الاجتماعية. فاللهم بلغنا رمضان وارزقنا فيه الطاعة والإيمان والغفران.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى