هل تتحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية قتل أطفال فلسطينيين؟ (تحليل)

يشكل قتل متطرف أمريكي مؤيد لــ”إسرائيل” طفلا فلسطينيا بـ26 طعنة خنجر وإصابة والدته بجراح خطيرة في ولاية إلينوي، مؤشر خطير على ما قد يؤدي إليه الشحن الإعلامي الهستيري الذي تقوده إدارة الرئيس جو بادين، ضد المقاومة الفلسطينية.

فقبل أيام قليلة من مقتل الطفل الأمريكي الفلسطيني وديع الفيوم (6 أعوام)، وقَع بايدن في خطأ جسيم لم يرممه اعتذاره، عندما تحدث أمام قادة الطائفة الأمريكية قائلا إنه لم يتخيل “رؤية إرهابيين يقطعون رؤوس أطفال”.

قبل أن يتدارك مسؤولون في البيت الأبيض هذا الخطأ، في 11 أكتوبر2023، وينفوا رؤية بايدن صور أطفال إسرائيليين “قطعت رؤوسهم على يد حماس”، موضحين أن تصريحاته كانت مبنية على “مزاعم” مسؤولين إسرائيليين وتقارير إعلامية.

لكن هذه التصريحات انتشرت في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، ولم يعد ينفع التراجع عنها وأصبحت قناعة لدى قطاع واسع من الرأي العام الأمريكي بأن “حماس قتلت وأحرقت أطفالا إسرائيليين واغتصبت نساء”، في 7 أكتوبر الجاري.

ولم يكن هناك أي دليل يؤكد صحة هذه الإشاعات سوى صور إسرائيلية مزيفة لشيطنة حركات المقاومة الفلسطينية.

دعاية “إسرائيلية” تفقد الأمريكيين صوابهم

في هذا الصدد، كشف الصحفي الأمريكي جاكسون هينكل، زيف صورة الطفل المتفحم التي نشرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ادعى أنها “لطفل إسرائيل أحرقه مقاتلون من حماس”. وأوضح الصحفي أن “صورة الطفل المزعوم تعود إلى كلب في عيادة طب بيطري، تم تزييفها عن طريق الذكاء الاصطناعي”.

بهذه الطريقة يتم تزييف الحقائق إسرائيليا عبر الذكاء الاصطناعي، ويتلقفها مسؤولون أمريكيون على أعلى مستوى ويروجونها عبر وسائل الإعلام والمؤثرين لتصبح حقيقة غير قابلة للشك أو الجدل لدى الرأي العام، والنتيجة هي قتل طفل فلسطيني بريء على يد “إرهابي” يدعى جوزيف إم تشوبا، مالك البيت الذي تستأجره عائلة وديع.

والمثير أن القاتل كان يردد عند محاولة خنقه أم وديع، بعدما اقتحم بيتها: “أنتم أيها المسلمون يجب أن تموتوا”، وفق ما نقلته وسائل إعلام أمريكية. لكن الجريمة لم تصنف كعملية إرهابية، ربما لأن منفذها ليس مسلما، بل اعتبر “عمل كراهية” وفق بيان للبيت الأبيض.

صحيح أن بايدن أدان قتل الطفل وديع وإصابة أمه بجراح خطيرة، لكن مواقفه الداعمة للحرب الإسرائيلية بلا هوادة، يشكل ضوءا أخضر لقتل مزيد من أطفال فلسطين سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية أو حتى داخل الولايات المتحدة نفسها. ولم يكن البيت الأبيض وحده ضحية ترويج الدعاية الإسرائيلية المشيطنة لحركات المقاومة الفلسطينية”، فقد اعترفت الصحفية في شبكة “سي آن آن” الأمريكية سارة سيندر بأنه تم تضليلها، و اعتذرت عن نشرها معلومات كاذبة، زعمت فيها “العثور على رضع وأطفال صغار إسرائيليين تم قطع رؤوسهم” على يد مقاتلي “حماس”.

واعترفت سيندر أن “مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي من ذكر رواية قطع الرؤوس المنسوبة لحركة حماس أثناء بثنا المباشر، واليوم تقول الحكومة الإسرائيلية إنها لا تستطيع التأكد من أن الرضّع تم قطع رؤوسهم”.

“كذبة واحدة” من مكتب نتنياهو كانت كافية لإشعال غضب الأمريكيين مسؤولين وصحفيين ورأي عام، الذي أصبح متقبلا نفسيا لفكرة قصف الجيش الإسرائيلي لأحياء كاملة في مدن وبلدات غزة، وتسويتها بالأرض، وقتل سكانها الآمنين بمن فيهم الأطفال. وحتى بعدما تبين كذب الرواية إلا أن الإدارة الأمريكية واصلت توفير الغطاء الدبلوماسي والعسكري لتل أبيب من أجل ارتكاب مزيد من القتل الوحشي بحق المدنيين والأطفال.

ضوء أخضر للقتل
ويكاد الرئيس الأمريكي الزعيم الوحيد الذي صدق رواية الجيش “الإسرائيلي” أن مقاتلي المقاومة الفلسطينية من يقف وراء تفجير المستشفى المعمداني في غزة في 17 أكتوبر، الذي قتل خلاله مئات المرضى والأطقم الطبية والمدنيين الذين احتموا به.

وبدل أن يدين بايدن في لقائه مع نتنياهو قصف مستشفى المعمداني ويضغط عليه لوقف الحرب على المدنيين في غزة، قال له بسذاجة “يبدو كما لو أنه نُفذ على يد الطرف الآخر (يقصد المقاومة الفلسطينية)، وليس أنتم”، مما اعتبر ضوءا أخضر أمريكيا للجيش الإسرائيلي لبدء اجتياحه البري للقطاع.

كما أجهضت الولايات المتحدة رفقة بريطانيا وفرنسا واليابان مشروع قرار لوقف إطلاق النار بمجلس الأمن الدولي، تقدمت به روسيا في 13 أكتوبر، ولم يحز سوى على 5 أصوات مؤيدة مقابل 4 أصوات رافضة و6 ممتنعة عن التصويت. وفي ظل عجز مجلس الأمن الدولي عن ممارسة أي ضغط جدي لوقف الحرب، أتاج ذلك للجيش الإسرائيلي مواصلة قصفه للمدنيين والأطفال، ودعوة سكان الجزء الشمالي من القطاع للنزوح جنوبا، ما اعتبر مرحلة أولى لتهجير الفلسطينيين من غزة، وتمهيدا للاجتياح البري للقطاع.

وبسبب الدعاية الإسرائيلية المضللة في الولايات المتحدة، أعمت صور مزورة عن مقتل أطفال إسرائيليين، الرأي العام الأمريكي عن قتل جيش نتنياهو أكثر من 1500 طفل إلى غاية مساء الخميس، ناهيك عل نحو 4 آلاف آخرين من المصابين والمصدومين من هول حرب لا يعلمون ما الجرم الذي ارتكبوه حتى يُصر الإسرائيليون على قتلهم بكل تلك الوحشية وبتشجيع أمريكي؟!.

لكن صور أطفال فلسطين المقتولين أو المصابين، وانكشاف زيف الدعاية الإسرائيلية المضللة، من شأنه إعادة التوازن لأصحاب الضمائر الحية في الولايات المتحدة، على غرار لارا فريدمان وجوش بول، المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية اللذان قدما استقالتهما، احتجاجا على دعم إدارة بايدن لإسرائيل.

وكالة الأناضول للأنباء

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى