هدايات قرآنية (2) للأستاذ خالد التواج

2- { لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} المائدة 94

من أعظم مواطن الامتحان أن يبتلى الإنسان بشيء يحبه ويهواه في الخلوات، وهو مما حرم الله عليه، ولا ينجح في الامتحان إلا من راقب الله وخافه بالغيب .

ولننظر ما الذي تناله أيدينا في زمن الانفتاح، وما الذي نقدر على فعله في الخلوات، وما الذي تزينه لنا أنفسنا من الشهوات، وليس بيننا وبين ما يُوصَلُ إليها عن طريق الهاتف الذكيِّ إلا جدار مراقبة الله، لا أحد يرانا من البشر، إنه امتحان شديد، قال عنه عمر رضي الله عنه : إن الذي تشتهي نفسه المعاصي ويتركها لله عز وجل من الذين (امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم).

وهذا ابن عباس ينادي: يَا صَاحِبَ الذَّنْبِ…. خَوْفُكَ مِنَ الرِّيحِ إِذَا حَرَّكَتْ سِتْرَ بَابِكَ وَأَنْتَ عَلَى الذَّنْبِ وَلَا يَضْطَرِبُ فُؤَادُكَ مِنْ نَظَرِ اللَّهِ إِلَيْكَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ إِذَا عَمِلْتَهُ .) 

وفي الغالب لا يتجرأ الناس على معصية الله إلا في حال في خلواتهم، حيث لا يراهمىلاأحد،﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ ﴾؛ أَيْ: يَسْتَتِرُونَ وَيَسْتَحْيُونَ مِنَ النَّاسِ، ﴿ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ ﴾ أَيْ: لَا يَسْتَتِرُونَ وَلَا يَسْتَحْيُونَ مِنَ اللَّهِ. إنهم بفعلهم هذا جعلوه أهون الناظرين إليهم.

وفي المقابل مدح الله الذين يخشونه في خلواتهم فقال:(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)يخافونه سبحانه حال خلوتهم به بعيداً عن أعين الخلق وهم لا يرونه، وذلك في سرهم وباطنهم، لأنهم يعلمون أنه يعلم ضمائر الصدور وما تخفي النفوس، لا تخفى عليه خافية.

وانظر كيف أثنى رسول الله على من جعل من خلوته طاعة لله تعالى، فجعل من السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله، منهم صنفان يحرصان على إخفاء أعمال الصالحة ورجلٌ تصدَّقَ بصدقةٍ، فأخفاها حتى لا تعلمَ شمالُهُ ما تُنْفِقْ يمينُهُ، ورجلٌ ذَكَرَ اللهَ خاليًا ففاضتْ عيناه.

حقا إن عبادة السر وطاعة الخفاء هي زينة العبد في خلوته، وزاده من دنياه لآخرته، بها تفرج الكربات، وترفع الدرجات، وتكفر السيئات، أوصى بها سيد الخلق أمته فقال “مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبِيءٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ”

وما تلذّذ المتلذّذون بمثل الخلوة بمناجاة الله عزّ وجل.

الإصلاح

 

إقرأ أيضا:

هدايات قرآنية (1) للأستاذ خالد التواج

 

 

 

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى