عيد الأضحى مناسبة لإحياء قيم أسرية إيجابية

يحتفل العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك الذي يتيح للأسر التواصل بين أفرادها بشتى الوسائل وإن تباعدت المسافات، فالوسائل التواصلية أصبحت تقرب البعيد والكل يحيي هذه المناسبة بما ورثه عن أجداده وآبائه من عادات وتقاليد منها الصحيح ومنها الخاطئ.

الأسر المغربية وإن كانت تحيي مناسبة عيد الأضحى باعتبارها مناسبة دينية محضة تخطو خطوات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في اختيار الذبيحة وطريقة ذبحها واستهلاكها والتصدق منها مع سلوك معاملات اجتماعية تليق بها، فإن البعض من الأسر ينحو منحى سلبيا إذ يعتبر هذه المناسبة فريضة اجتماعية تفتح الباب على مصراعيه للتباهي بنوع الذبيحة وثمنها ومصدرها، والتكلف في توفير ثمن اقتنائها، بينما تغفل الكثير من الأسر عن مقاصد الذبيحة المأثورة من الهوية المغربية الأصيلة.

مناسبة عيد الأضحى أيضا فرصة للتلاقي وتبادل التهاني كما هي فرصة لصلة الرحم ونبذ العداوات. إنها فرصة لتجديد العهد مع التضحية والإكرام. وحسب الدكتورة نعيمة دريدري استشارية في قضايا الأسرة، فرصة لبث وتذكر قيم أسرية هامة مستخلصة من قصة إبراهيم عليه السلام مع ابنه إسماعيل، قيم تهم العلاقات الزوجية والعلاقات بين الأبناء والآباء.

وتعد مناسبة عيد الأضحى فرصة للتواصل بين الأقارب ففيها تجتمع الأصول بالفروع مهما شتتهم أسباب العيش من وظائف ودراسة، ففي العيد الكبير كما يصطلح عليه المغاربة يترك التجار محلاتهم ويترك الطلاب أقسامهم كما يترك الموظفون مقرات عملهم ليجمع الشمل على فريضة دينية في يوم عظيم هو العاشر من ذي الحجة آخر أفضل أيام الدنيا التي أقسم الله بها في كتابه العزيز: “والفجر وليال عشر”.

حيث تكتظ محطات القطارات ومحطات النقل بالمسافرين الذين يتوجهون إلى مختلف مناطق المملكة، بل إن المطارات أيضا تستقبل من المهاجرين من لا يهنأ له بال إلا بعد أن يقضي المناسبة بجوار الأهل وفي جو مغربي أصيل.

أيادي بيضاء

ومع حلول مناسبة عيد الأضحى تكثر الأيادي البيضاء التي تمتد من المحسنين إلى الفقراء والمعوزين من أجل توفير الأضحية أو لحومها أو بعض المواد الغذائية، سواء من الأفراد أو الهيئات التي تتجند لهذه المناسبة العظيمة في جو من التكافل يضفي على المناسبة طابعا إنسانيا تذوب فيه الأنانية ليسطع نور العطاء، ومن هذه المبادرات نجد جمعيات في العمل الاجتماعي تعمل على توزيع  أضاحي ومواد غذائية لفائدة الأسر المعوزة.

قيم أسرية

وهناك عدد من القيم الأسرية التي يمكن استخلاصها من مناسبة عيد الأضحى المبارك والتي إن تم حسن استثمارها ستجني الأسر سعادة وطمأنينة وتتوزع هذه القيم بين ما يتعلق بالعلاقة بين الزوجين وبين ما يخص علاقة الآباء بالأبناء، وقصة نبي الله إبراهيم مع ابنه إسماعيل التي كانت اللبنة الأساس في تشريع الأضحية للمسلمين من بعد تأسيا بالرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام.

والعيد في ديننا الحنيف هو طاعة لله وبهجة في الحياة، والعيد أيضا مناسبة لنغرس في أسرنا القيم والأخلاق الدينية ومن ضمنها:
1
ـ قيمة إظهار البهجة والسرور بالعيد والاستعداد له دون مغالاة أو إسراف أو تباهي لقوله تعالى: ” وكلوا واشربوا ولا تسرفوا”.
ـ أن نتلمس حاجة إخواننا الفقراء ونشرك أبناءنا في ذلك.
ـ إحياء صلة الرحم، فنصل من قطعنا ونعفو عمن ظلمنا ونسامح من آذانا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بال له واليوم الآخر فليصل رحمه”.
ـ أن نبث في أسرنا قيمة التعاون في أعمال الدنيا والآخرة وقدوتنا في ذلك نبي الله إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل حينما قال الأب لابنه: “يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى”، فقال الابن لأبيه: “افعل ما تومر ستجدني إن شاء الله من الصابرين”.
ـ من خلال قصة إبراهيم عليه السلام نستخلص قيمتين جليلتين ما أحوج أسرنا إليهما اليوم وهما قيمة الشورى داخل الأسرة، فإبراهيم عليه السلام أخذ رأي ابنه في أمر إلهي حينما قال: “فانظر ماذا ترى؟” والقيمة الثانية هي قيمة طاعة الأبناء لوالديهم حينما قال الابن لأبيه: “ستجدني إن شاء الله من الصابرين”.
ـ قيمة تجديد الحب بين الزوجين، فالعيد مناسبة لبعث معاني الزوجية الجميلة والعشرة الكريمة.

مقال من جريدة التجديد

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى