المغاربة يحرصون على إخراج الزكاة في شهر محرم، ويأملون خيرا في مؤسسة الزكاة

حافظ المغاربة طوال القرون السابقة على فريضة الزكاة إلى يومنا هذا، وتدب حركة غير مسبوقة بين التجار والفلاحين مع دخول السنة الهجرية الجديدة لإخراج ما يصطلح على تسميته ب «لعشور» سواء نقدا أو عينا.

وتعارف المغاربة على إخراج زكاة المال في شهر محرم باعتباره أول أشهر السنة الهجرية رغم أنه لا يوجد سند شرعي يحدد تاريخا معينا لإخراج الزكاة، فيما يذهب المسلمون في دول إسلامية أخرى إلى إخراجها في شهر رمضان أو شهر رجب.

يتعامل المغاربة مع الزكاة بشكل فردي ويخرجه كل صاحب مال وتجارة وذهب وزراعة زكاة المال بطريقته الخاصة، وإذا كان البعض يصرف مال الزكاة كاملا لمن يرى فيه الفقر والعوز الاجتماعي، يفضل آخرون توزيع المال المتحصل من الزكاة على عدة أفراد بدعوى تعميم الفائدة، من جهة أخرى يترقب المتسولون هذه المناسبة أي دخول السنة الهجرية ويتجولون في الأسواق التماسا لنيل جزء من مال الزكاة.

فيجب إخراج زكاة المال بعد مرور حول قمري كامل من بلوغ النصاب، فإذا اكتمل العام في أول الشهر وجب إخراجها في أوله, وإذا لم يكتمل إلا في وسطه أو آخره لم يجب إخراجها قبل ذلك، إلا أن يشاء صاحب المال تعجيل زكاته، ولا حرج في إخراج زكاة المال في شهر معين بشرط أن يكون هذا الشهر هو وقت اكتمال الحول أو قبله، لا بعده.

ولم يحدد الإسلام تاريخا معينا لإخراج زكاة المال، وربطه بمرور الحول أي عاما كاملا، وقد يختلف هذا الحول من شخص لآخر، لكن المغاربة توافقوا على شهر محرم لإخراج الزكاة، ويستند بعض المفسرين على حديث رواه مالك بسند صحيح أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يقولَ « هذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ فَتُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاة» فقال البعض أن الشهر هو المحرم فيما ذهب آخرون إلى أنه أراد شهر رمضان.

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: (وأما الزكاة فقد اعتاد أهل هذه البلاد إخراج الزكاة في شهر رجب، ولا أصل لذلك في السنة، ولا عرف عن أحد من السلف، لكن روي عن عثمان أنه خطب الناس على المنبر فقال: إن هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه وليزك ما بقي؛ خرجه مالك في الموطأ، وقد قيل إن ذلك الشهر الذي كانوا يخرجون فيه زكاتهم نسئ ولم يعرف، وقيل بل كان شهر المحرم لأنه رأس الحول، وقد ذكر الفقهاء من أصحابنا وغيرهم أن الإمام يبعث سعاته لأخذ الزكاة في المحرم، وقيل بل كان شهر رمضان، لفضله، وفضل الصدقة فيه، وبكل حال فإنما تجب الزكاة إذا تم الحول على النصاب، فكل أحد له حول يخصه بحسب وقت ملكه للنصاب، فإذا تم حوله وجب عليه إخراج زكاته في أي شهر كان، فإن عجل زكاته قبل الحول أجزأه عند جمهور العلماء، وسواء كان تعجيله لاغتنام زمان فاضل، أو لاغتنام الصدقة على من لا يجد مثله في الحاجة، أو كان لمشقة إخراج الزكاة عليه عند تمام الحول جملة، فيكون التفريق في طول الحول أرفق به).

إخراج مؤسسة الزكاة

كلما حل شهر محرم، طرح المغاربة السؤال عن مؤسسة الزكاة، الوعاء المؤسساتي لتجميع الزكاة، وتنظيمها… ويأملون خيرا في أن  مؤسسة الزكاة، التي أُعلن عنها في شهر ماي 2020 من قبل وزير الأوقاف والشؤون الأسلامية، سترى النور بإذن الله.

وفي هذا السياق يذكر  أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أكد  أن “مسألة الزكاة، مثل الصلاة، يؤديها الفرد وهو مكلف ومطالب بها شرعا” غير أن تنظيمها أمر يبت فيه  أمير المؤمنين الملك محمد السادس. وأضاف الوزير خلال عرض قدمه اليوم الخميس 28 ماي 2020، في اجتماع لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب لـ”دراسة التدابير التي اتخذتها الوزارة لتمنيع وتحصين مختلف الأنشطة التي تسهر عليها”، أن الملك أمر منذ مدة بإعداد جميع الوثائق والتصورات المتعلقة بالزكاة ودليل خاص بها، وهي وثائق موجودة، مشيرا إلى أنه هو الذي سيقرر في تنظيمها بالكيفية التي يراها مناسبة للشرع والاجتهاد.

ومن جهته، أكد الدكتور الحسين الموس الباحث في أصول الفقه ومقاصد الشريعة، أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، وقد اقترنت في أغلب سور القرآن الكريم بالصلاة. وهي عبادة مالية تجب على أغنياء المسلمين. وأضاف عضو المكتب التنفيذي للحركة، في تصريح لموقع الإصلاح، أن خطوة إخراج مؤسسة الزكاة التي أخبر السيد الوزير عن وجود دليل تنظيمها في انتظار قيام أمير المؤمنين بإعطاء الإذن بذلك يرجع الأمر إلى نصابه، ويُقرب وطننا من أصول مذهب مالك التي تشهد لقيام الدولة المسلمة على تنظيم جمعها وتوزيعها على مستحقيها.

الإصلاح

-*-*-*-*-*

اطلع ايضا على: 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى