الهلالي: الأبناك التشاركية يلزمها الإبداع في سياسة تنافسية تسويقية استشهارية لمنتوجاتها.

كتب الأستاذ امحمد الهلالي تدوينة بخصوص تقييم الأبناك  التشاركية بعد مرور سنتين من انطلاقها، وقد تفاعل الهلالي مع ما توصلت إليه الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي  في لقاءها يوم الجمعة 26يوليوز 2019بمدينة الدارالبيضاء  لتقويم تجرية المالية التشاركية بعد سنتين من انطلاقها، والتي أسفرت عن مجموعة من التوصيات والمقترحات، وهي محط نقاش عمومي مفتوح… وتعميما للفائدة، وإتاحة الفرصة لكل الأقلام من أجل الإسهام بالنقد و والتقويم والتصويب لهذه التجربة، ننشر ما كتبه الأستاذ الهلالي في هذا الموضوع: 

“يتداعى بعض الأحبة إلى القيام بحملة إشهارية نضالية لفائدة مؤسسات ائتمانية هي الأبناك التشاركية بدعوى أنها تعيش صعوبات تحول دون نجاحها،  مما سينعكس سلبا على توفير فرصة للتمويل مطابقة للشريعة الاسلامية، ويحرم تبعا لذلك عدد كبير ممن ينأون بأنفسهم عن طرق الربا من هاته الفرصة وتقوض الجهود المضنية التي بذلت في سبيل تحقيق هذا المكسب الكبير .

ذ. امحمد الهلالي

هاته الدعوة جاءت مباشرة بعد يوم دراسي تقييمي نظمته إحدى الجمعيات الرائدة في هذا المجال هي جمعية الاقتصاد الاسلامي والتي أطلقت ما يشبه نداء استغاثة لإنقاذ الأبناك التشاركية، وتلقف النداء عدد من المخلصين من العلماء والمشايخ والنشطاء الإسلاميين.

وبوصفي واحدا ممن ناضلوا باستماتة من أجل خروج هذا المنتوج إلى حيز الوجود أولا كصيغ تمويلية بديلة، ولاحقا كمؤسسات قائمة الذات، وممن يهتمون بنجاحها ويواكبون أحداثها واستمرارها علميا ودراسيا، أعتبر أن الدعوة إياها هي أكثر ضررا على هاته المؤسسات وعلى الفرصة ذاتها وذلك من وجوه عدة أجمل أبرزها على النحو التالي : 

1- إنها تقود حملة إشهارية مجانية تعتمد على الأسلوب النضالي عوض الأسلوب الاحترافي والمهني في التسويق، مما سيكون له من أثر سلبي على المنتج نفسه وذلك لمحدودية الأسلوب النضالي أمام فوائد الأسلوب المهني في عالمي الإشهار والتسويق، وسيكرر تجربة الإعلام لدى الإسلاميين التي راهنت على الأسلوب النضالي وتغافلت عن أسباب النجاح المهنية فكان مآلها ما يعرفها الجميع.
2- إن أهم نقاط نجاح هاته التجربة التمويلية هو أنها قدمت كمنتوج لجميع المغاربة وليس لفئة منهم، سواء في تسميتها أو في ضماناتها الشرعية والقانونية والمالية؛ مما يفضل لها أن تظل كذلك في جميع مناحيها بما في ذلك قضية نجاحها واستمرارها الذي ينبغي أن يكون قضية لجميع المغاربة وليس لفئة دون أخرى ، وفي المقام الأول والنهائي أن يكون هذا النجاح قضية القائمين عليها، ابتداء ممن يملكون رساميلها ثم من يشرفون على تدبيرها وكذا مسيروها، وإن الجمهور الداعم لها عليه أن يواكبها من جهة قواعد وآليات حماية المستهلك أو من جهة المجتمع المدني الداعم بالنقد والتنبيه والنصح أكثر منه بالعواطف والمشاعر .

وعليه فإن هاته الحملة العاطفية من شأنها أن تضفي بعدا إديولوجيا يقدم المؤسسة على أنها في مصلحة فئة من المجتمع هم الإسلاميون وليس عامة المجتمع بكل فئاته، فيتم محاصرة المؤسسة عوض تعميمها على مختلف الفئات، علما أن المحاصرة في السوق المالية لها أساليبها التي يستحيل مواجهته إلا بتكتيكات مالية متفوقة في الإبداع والابتكار، ولنا في الحروب التجارية عظة وعبرة ليس بالنسبة لبعض المؤسسات وحسب، ولكن بالنسبة لدول صاعدة كما كان الشأن بالنسبة لماليزيا ماضيا، ثم تركيا لاحقا، مما يقتضي أن يترك الموضوع لخبرائه وتقنياته وسياساته.
3- كون هذه الحملات قد يدفع بعض مسيري هاته المؤسسة إلى الركون الى هاته الوسائل المجانية ويعفون أنفسهم من الاجتهاد في تقديم سياسة تسويقية واستشهارية تقوم على الإقناع والإبداع والجودة في الخدمات واليسر في الوصول إليها والتخفيض من كلفتها كطريق أضمن لفرص النجاح المؤسس على الابتكار والاجتهاد وليس على العواطف المنومة.

4- كون هاته الدعوات تقدم الإسلاميين والعقل الإسلامي عامة على درجة كبيرة من العاطفية والسذاجة ولا أقول شيئا آخر، لأنهم مستعدون لتقبل أي دعوى لا تستند على دراسات علمية وإحصائيات ميدانية قدر ارتكازها على نداءات فردية وتقييمات شخصية .

وإذ أدعو إلى اليقظة وعدم الاستخفاف بالوعي الجمعي بمثل هاته الدعوات فإنني أؤكد أن طريق نجاح هاته المؤسسات هي في انتهاج المنافسة الحرة مع نظيراتها التقليدية وفي حكامة رشيدة وتسويق جيد وموارد بشرية ذات نفس إبداعي وجودة عالية في الخدمة وسرعة في التفاعل وكلفة أقل يقوم بها أهل هاته المؤسسات ومستخدموها .

أما جمعيات المجتمع المدني فعليها مواكبة التجربة بالنقد والنصح والتنبيه إلى نقاط الضعف، والتقويم فهو وحده السبيل الأضمن للنجاح وفرض الوجود في سوق حرة طالما أنها مؤسسات رأسمالية للربح بنسب من رقمين كما هي سائر الأبناك، وليست مؤسسات للخير والإحسان على كل حال.

لذلك أقول دعوا الأبناك التشاركية تنفق الأموال وتبدع في التخطيط والتدبير لكي تنمو بشكل طبيعي وتربح بشكل معقول . وتنجح بهدوء رحمكم الله .

ذ. امحمد الهلالي 

مواضيه ذات الصلة: 

-*-*-*-*-*

المقالا المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى