صحفي يهودي: مشروع “إسرائيل الكبرى” يهدف لمحو الشرق الأوسط

قال الصحفي اليهودي المقيم في ألمانيا، مارتن جاك إن الهجمات التي تنفذها “إسرائيل” في المنطقة غالبًا ما تكون “غير شرعية”، وحذر من أن مشروع “إسرائيل الكبرى” يهدف إلى “محو” منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
مخطط توسعي
وقال جاك في مقابلة مع وكالة الأناضول “ما يجري لا يمكن وصفه بأنه دفاع مشروع، بل لا يمكن حتى تسميته بهجوم وقائي”. وأضاف: “إنه ببساطة تدمير واستئصال وقائي، يهدف إلى محو المنطقة (الشرق الأوسط) بأكملها ومنع أي إمكانية للرد أو الدفاع”.
وترتكب “إسرائيل” إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وشنت حربا واسعة على لبنان بين سبتمبر ونوفمبر2024، فيما قصفت عددا من المواقع في سوريا بعد سقوط نظام الأسد أواخر العام الماضي، وتواصل تنفيذ هجمات على اليمن، وبدأت الشهر الجاري عدوانا على إيران.
وقال جاك: “أعتقد أن نتنياهو وتحالفه واليمين المتطرف في إسرائيل يسعون لتوسيع الأراضي الإسرائيلية. ولأكون صريحًا، فإن هذا المخطط يتجاوز حتى التصورات الدينية التقليدية لما يسمى بإسرائيل الكبرى”، مؤكدا أن هذه الممارسات “تزرع مشاعر العداء تجاه إسرائيل، حتى وإن لم تكن معادية لليهود أنفسهم”.
الإفلات من العقاب
وشبّه الصحفي اليهودي ما تقوم به “إسرائيل” في الشرق الأوسط بالنهج الذي اتبعته روسيا في عدد من البلدان. وقال: “عندما تنظر إلى ما حدث في غزة وجنوب لبنان، فإن المشاهد تذكّر بما جرى في مدينة غروزني خلال الحرب الشيشانية الثانية، أو ما ارتكبه الروس في حلب بعد تدخلهم إلى جانب نظام الأسد… ما نشهده الآن هو استراتيجية تدمير شاملة على النمط الروسي”.
وأضاف أن “تمكن الإسرائيليون من التجول بحرية في أماكن مختلفة في وضح النهار، وإبراز قوتهم أثناء ارتكابهم مجازر بحق آلاف الأطفال والنساء وكبار السن، دون أن يعترضهم أحد، يُظهر أنهم يمتلكون قوة مطلقة لا رادع لها”، مشددا على أن هذه الحالة تمثل “عرضًا فجًا لواقع الإفلات من العقاب”.
مركز قوة
وأوضح جاك أن “إسرائيل” لم تعد تسعى فقط إلى تحقيق ما ورد في التوراة من حدود “إسرائيل الكبرى”، بل تجاوزت ذلك إلى ما هو أبعد. وأن “الهدف اليوم هو بناء إسرائيل كمركز قوة مشابه للولايات المتحدة، من حيث القدرات العملياتية والنفوذ السياسي”.
وزاد: “ما نشهده اليوم (العدوان الإسرائيلي في المنطقة) هو ما رأيناه لعقود في أفغانستان، والعراق، وأمريكا اللاتينية”، مؤكدا أن هذه القوة تمارس عملها “بلا أي احترام للقانون الدولي، أو للأسس القانونية التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية”.
وتابع جاك أن ما تفعله إسرائيل يشبه “الغزو الروسي لأوكرانيا والشيشان”، كما شبّه تلك الممارسات بسياسات الصين تجاه الأويغور المسلمين.
قومية توسعية متطرفة
وتطرق جاك إلى الدور الذي يلعبه يمينيون متطرفون بالحكومة الإسرائيلية مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، قائلًا: “هؤلاء لا يخفون نواياهم بشأن مشروع إسرائيل الكبرى، بل يصرّحون بها علنًا”.
وقال “نتنياهو يضع مصلحته الشخصية فوق كل اعتبار، وهو بحاجة إلى إنقاذ نفسه. وفي ائتلافه الحالي، يوجد أشخاص ينادون منذ زمن طويل بإقامة إسرائيل الكبرى”، مؤكدا أن هؤلاء الأشخاص يشكلون جزءا من الحكومة الإسرائيلية ويتولون مواقع صنع القرار، و أنهم “لا يتحدثون فقط عن جنوب لبنان، بل عن أجزاء من سوريا ومصر أيضا، نحن أمام قومية توسعية متطرفة لم نرَ مثلها منذ التوسعية الألمانية في منتصف القرن العشرين”.
شكل من الجنون
وحذّر جاك من خطورة مجموعة من السياسيين في إسرائيل تتبنى مفهوم “الأمن العالمي”، وترى أنه من المشروع مهاجمة كل ما تعتبره تهديدا. وقال: “في إسرائيل، هناك حديث متزايد هذه الأيام عن أن الدور نصف النهائي سيكون مع إيران، أما النهائي فمع تركيا”.
وقال : “لم نعد نتحدث عن فهم ديني توراتي، بل عن ذهنية أقرب إلى العقلية الجمهورية الأمريكية في مقاربتها للقضايا العالمية”، مشيرا إلى أن هذه المجموعة: “مستعدة لإثارة الحروب حتى في الأماكن التي تعتبرها مجرد احتمال لخطر أو ثغرة أمنية، وهي في غاية التطرف والتهور”.
وشدد جاك على أن “ما يُمارس باسم التوسع الإسرائيلي، لا يمت بصلة لليهودية”، وان “اليهودية، في جوهرها، ديانة تقوم على فكرة الشتات والمنفى، وما نراه اليوم ليس يهودية، بل شكل من الجنون”.
وكالة الأناضول