علماء وأكاديميون بالرباط يدعون إلى النهوض بمنزلة علم الكلام لمواجهة الأفكار الهدامة للاعتقاد
دعا علماء وأكاديميون إلى النهوض بمنزلة علم الكلام في الحقل الأكاديمي ليقتدر الفاعلون فيه والمشتغلون به على مواجهة الفلسفات الوافدة والأفكار الهدامة على مستوى الاعتقاد.
وأوصى المشاركون في ندوة دولية في موضوع: “أثر علم الكلام في العلوم الإسلامية” نظمتها مؤسسة دار الحديث الحسنية، واختتمت أشغالها أمس الأربعاء بحثّ الباحثين في علم الكلام على الاستفادة مما تزخر به الخزانة الكلامية التراثية من النفائس، والاستفادة من معارف العصر في الرد على الشبه الجديدة والتحديات المعاصرة التي تعترض العقائد الدينية الإسلامية.
واقترحت مخرجات الندوة الدولية توجيه الباحثين إلى إنجاز دراسات موضوعية في الأسباب العلمية والتاريخية، التي فرضت دمج علم الكلام في العلوم الإسلامية، وتوجيه الدارسين إلى البحث في نظرية المعرفة المعتمدة في علم الكلام والإفادة منها في الإجابة عن المشكلات العقدية والفكرية المستجدة.
وحثّت توصيات الندوة على الانفتاح على أعمال العلماء والباحثين الغربيين المهتمين بالفكر الكلامي، وتشجيع الباحثين على التفاعل معها وصفا وتحليلا ونقدا؛ وتشجيع الباحثين المقتدرين على إنجاز كتب ورسائل لتقريب المذهب الأشعري من عموم المتعلمين والمثقفين، وعلى فتح منصات في مواقع التواصل الاجتماعي موجهة للشباب على وجه الخصوص.
كما طالبت الندوة بتعزيز مكانة الدرس الكلامي الأشعري لمؤسسة دار الحديث الحسنية خاصة، وبمؤسسات التعليم العالي عموما باعتباره مكونا أساسيا من أسس الثقافة الإسلامية، وثابتا من ثوابت الأمة المغربية؛ وطبع أعمال هذه الندوة لتعم بها الفائدة في الأوساط الجامعية والأكاديمية.
وافتتحت أشغال هذه الندوة يوم الثلاثاء بمحاضرة افتتاحية ألقاها العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة بعنوان: “الوظيفة الحمائية لعلم الكلام” واختتمت بمحاضرة ألقاها الدكتور سعيد فودة في موضوع: “المآخذ الكلامية في بناء الفكر وتحصين الإنسان في ظل التحديات الفكرية المعاصرة”.
وتناولت مداخلات الندوة علم الكلام مفهومه ومشروعيته، ومقاصده ووظائفه العلمية وسؤال التحيز؛ وقضايا منهجية متعلقة بهذا الحقل المعرفي، وعلاقته بالعلوم الإسلامية والإنسانية رؤى في العلائق وفي الآفاق.
وخلصت المداخلات إلى أن لعلم الكلام أثرا عميقا في العلوم الإسلامية في الفقه وأصول الفقه والتفسير وشرح الحديث وغيرها، وهذا الأثر عائد إلى موقعه ورتبته من علوم الإسلام وإلى الخصائص المنهجية التي تفرد بها؛
وذهب المشاركون في الندوة إلى أن علم الكلام اضطلع منذ نشأته الأولى وما يزال بوظائف ريادة من أهمها؛ تسديد العقل المسلم، والذود عن حياض الدين، وتحصين العقائد الإسلامية. وأكدوا أنه بشقيه الأشعري والماتوردي ما يزال قادرا على مواكبة الحاضر، والاستمرار في المستقبل بفضل منهجه الاستدلالي القوي وبنيته المعرفية الموسومة بالتوازن والتكامل والتي يمكن توظيفها في الأبحاث والنقاشات المعاصرة.
وأكدت المداخلات على أن المباحث التي باحثها المتكلمون المتقدمون ما زالت كفيلة بحل المشكلات والجواب عن الشبهات المعاصرة، شريطة تحديث صياغتها وتقوية بنيانها وتوظيفها على الوجه الصحيح؛ كما أن علم الكلام علم مؤسس للحوار مع الآخر وممهد للتعرف على أرائه الفلسفية والدينية.
كما استحضر المتدخلون أن من خصائص علم الكلام الأشعري التي تستحق مواصلة الاعتناء بالبحث فيها مقاصد وتأصيلا وتفصيلا خصيصة النأي عن التكفير والتماس الأعذار لأهل الملة؛ وأن البحث الكلامي للمغرب امتداد لجهود الإمام أبي الحسن الأشعري ومن انتسب إلى مذهبه من الأئمة في ترسيخ معتقد السلف وتحصينه والذب عنه بقواطع المنقول والمعقول؛
وأشار المتدخلون في هذا الصدد إلى أن لأهل المغرب تميزهم وبصمتهم الخاصة في عرض المباحث العقدية بأدلتها اليقينية، إذ أسهموا في إغناء البحث الكلامي الأشعري بتحقيقاتهم النفيسة وأبحاثهم الرصينة ومؤلفاتهم الفريدة الشاهدة على علو كعبهم في العلوم العقلية عموما وفي علم الكلام على وجه الخصوص.
يذكر أن مؤسسة دار الحديث الحسنية احتضنت ندوة دولية بمقرها بالرباط في موضوع: “أثر علم الكلام في العلوم الإسلامية” شارك فيها ثلة من العلماء والباحثين والمفكرين من جامعات ومعاهد علمية من داخل المملكة وخارجها؛ أعدوا بحوثا قيمة ناقشوا فيها يومي الثلاثاء والأربعاء 25/26 ربيع الآخر 1446ه الموافق ل29 و30 أكتوبر 2024م، منزلة علم الكلام ومشروعيته وصلته بالعلوم الشرعية والإنسانية، وأثره في المعرفة الإسلامية وضرورته في الدفاع عن هوية الأمة وعقيدتها خاصة في هذا الزمان الذي كثرت فيه الشبه وتنوعت فيه مظاهر التشكيك الكلي والجزئي في عقائد المسلمين؛