دراسة تحلل بنية خطاب كيان الاحتلال “الإسرائيلي” على منصتي “إكس” و”فايسبوك”

أظهرت دراسة جديدة أن أنماط الخطاب الأيديولوجي للاحتلال “الإسرائيلي”، وإستراتيجيات شبكات التواصل الاجتماعي لها دور في إنتاج الهيمنة الخطابية، كما أن لأنظمة الخوارزميات دور في التملك الاجتماعي للخطاب والسيطرة على سياقاته، وهوما يجعل الذات المتكلمة/(الإسرائيلية) تقترن بأنماط مخصوصة من الخطابات الأيديولوجية (الشرعنة، التعتيم، التوحيد، التفتيت، التشيؤ، العسكرة)، بينما لا تستطيع الذات الفلسطينية أن تنتج خطابا مماثلا له في البعد الرمزي، ومناظرا له في الطرح الأيديولوجي.

ويسهم هذا التملك الاجتماعي في إخضاع الخطاب لمجموعة من البنى الفكرية، وتشكيل عدد من المجالات والموضوعات، وتأطيره بعدد من المحددات انطلاقا من النفاذ التفضيلي الذي تتمتع به الذات (الإسرائيلية) عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وأفادت الدراسة بعنوان “إستراتيجيات شبكات التواصل الاجتماعي في إنتاج الأيديولوجيا والهيمنة الخطابية: دراسة بنية الخطاب الإسرائيلي على “إكس” (تويتر سابقا) و”فيسبوك”، أن التملك الخطابي يبين أن الأنظمة الخوارزمية لشبكات التواصل الاجتماعي، ليست برامج وعمليات حسابية وتشفيرا وترميزا فقط، ولا أنظمة تنشأ من الفراغ، وإنما تمثل ممارسة خطابية وتأطيرا لقيم وأفكار ومقولات معينة لها أبعاد اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية، أي أنظمة برامجية مرتبطة برؤى للعالم الاجتماعي وبالمصالح السياسية والتجارية وغيرها من الأجندة لتشكيل وصناعة اتخاذ القرارات.

ومن خلال هذا الحضور المعرفي للخوارزميات، يمكن ملاحظة القَدَارَة التي تتميز بها أنظمتها البرامجية على إنتاج ما تراه مُمَثِّلًا لـ”الحقيقة” أو “الحقائق” حول الأحداث والموضوعات والأشياء، وهو ما يجعل الخوارزميات جزءًا من آليات وديناميات السيطرة والسلطة والهيمنة الخطابية/الثقافية. 

ويرتبط التملك الاجتماعي للخطاب أيضًا – حسب الدراسة المنشورة في العدد الثاني من مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام للباحث محمد الراجي – بالنفاذ التفضيلي لشبكات التواصل الاجتماعي؛ الأمر الذي فسح المجال واسعًا للذات الإسرائيلية لإنتاج أنماط أيديولوجية تعكس تصورا معينًا للقضية الفلسطينية، ورؤية لعلاقتها بالذات الفلسطينية وللعالم أيضًا.

وكانت هذه الأنماط الخطابية الستة المذكورة آنفًا تنصهر مع رؤى المؤسسات الإسرائيلية الرسمية في جميع المواقف والأحداث، خاصة العمليات العسكرية والحروب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة. كما أن قوة حركة النفاذ التفضيلي لمنتجي الخطاب الأيديولوجي الإسرائيلي من خلال إستراتيجية الغمر النصي وتدفق المنشورات التي يبثها أفراد العينة، كان لها دور في “التعبئة العامة” في صفوف منتجي الخطاب الأيديولوجي الإسرائيلي الذين تحوَّلوا إلى كتلة/كتيبة مترابطة تتميز بوحدة نمط الخطاب الأيديولوجي الذي يُنتِجه أفرادها، وبالتوارد في بنية التلفظ لهذا الخطاب، وبالتجاوز في صوغ الأطروحات والرؤى والتعليقات والردود، فضلًا عن وحدة السياق الزمني للحدث التواصلي.

وتشير الدراسة إلى دور تأثير قوة حركة النفاذ التفضيلي في إستراتيجية التلاعب الخطابي، التي تُقدِّم خلالها الذات المتكلمة/”الإسرائيلية” معلومات مزيفة، تقلب الحقائق حول تطورات الحرب “الإسرائيلية” على قطاع غزة، في صيف 2022، وتحاول تشويه الذات الفلسطينية (حركة المقاومة)، وتفتيت مكوناتها عبر خلق حالة الانقسام في صفوفها وفي النسيج الاجتماعي الفلسطيني.

لذلك كان هذا الخطاب مثلا يحمِّل مسؤولية الضحايا الذين يسقطون في هذه الحرب إلى حركة الجهاد الإسلامي، ويقوم بتجميل هوية الجيش الإسرائيلي والدفاع عن صورته أمام الذات الفلسطينية التي تمثِّل في نظر هذا الخطاب “العدو”. وتكرس هذه المنصات (تويتر وفيسبوك) السيطرة والهيمنة الخطابية للذات (الإسرائيلية) عبر تحكمها في مداخل الخطاب ومنافذه، ونمط التواصل (مكتوبا أو مصورا) وتمليك الذات (الإسرائيلية) لنمط مخصوص من الخطاب، أي التحكم في سياقاته.

ويشير ذلك إلى قدرة الخوارزميات على إنتاج “الحقائق” كما تتصورها الذات (الإسرائيلية)، وتدخلها المادي في الترويج لخطابات معينة وتعزيز الرواية التي تدافع عنها؛ حيث تصبح شبكات التواصل الاجتماعي بمنزلة الحراس الجدد المراقبين للمجال الرقمي. ومن ثم تقاطع المصالح بين شبكات التواصل الاجتماعي والقوى المهيمنة على الخطاب.

مواقع إعلامية

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى