الوحدة الوطنية والثوابت الجامعة – نورالدين قربال

حدد جلالة الملك الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها ونحن نترافع عن قضيتنا الوطنية، أهمها أنه لا حل خارج السيادة المغربية، لا مخرج إلا مشروع الحكم الذاتي، الذي وصفته الأمم المتحدة بالواقعية والجدية والمصداقية، ثم الالتزام بمرجعيات الأمم المتحدة التي راكمتها في هذا الموضوع.

من خلال هذا التأطير الملكي، انطلقت الدبلوماسية الرسمية والبرلمانية والمدنية تشق طريق النضال من أجل إنهاء هذا الصراع الذي عمر أكثر من أربعين سنة. خاصة وأن الأمم المتحدة منذ أن قدم المغرب مشروع الحكم الذاتي سنة 2007، تم إقبار كل الطروحات الانفصالية. وأصبح التركيز على الحل السياسي المتوافق عليه والدائم والواقعي. وأصبحت الموائد المستديرة تضم كل من المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو. وهذه إشارة سيميائية على أن الجزائر طرف رئيسي في الصراع ويجب أن يتحمل مسؤوليته التاريخية في حله.

وهناك معطى آخر أن الاتحاد الإفريقي اتخذ قرارا بنواكشط ‘موريتانيا’ مفاده أن قضية الصحراء من الاختصاص الحصري للأمم المتحدة مع دفع ‘الترويكا’ للتفاعل مع قرارات الأمم المتحدة. وأنجز المغرب شراكات استراتيجية مع مجموعة من الأقطاب العالمية بناء على منطق رابح رابح، واعتماد مبدأي التضامن، والتعاون. وبذلك حقق المغرب مكاسب دبلوماسية كبيرة خاصة بعد تأمين معبر الكركرات، والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وفتح قنصليات عدة بالأقاليم الصحراوية.

ومما جعل المغرب يحقق هذا التقدم، هو أنه بلد الحوار والتعاون والتضامن، والأمن والاستقرار والسلم، والتسامح، والشراكات الثنائية والمتعددة الأطراف. وممايؤشر على هذه المكتسبات هو تطوير المنتوج المحلي ديمقراطيا ومؤسساتيا وحقوقيا واقتصاديا واجتماعيا وإصلاحيا بصفة عامة.

لقد خصص المغرب حوالي 85 مليار درهم للمناطق الجنوبية، ووضع استراتيجية خمس سنوات للحماية الاجتماعية، والمقاربة الرائدة لجائحة كورونا. وغيرها من المشاريع التي يشرف عليها جلالة الملك فعليا، لكن تبقى مسيرة الإصلاح تحتاج إلى مجهود أكبر من أجل إحداث التوازن بين الاشعاع الخارجي والتنمية الداخلية الشاملة للبعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. وسنخصص موضوعا متعلقا بالمشاريع التنموية داخل أقاليمنا الجنوبية.

وإذا كانت جبهة البوليساريو تدعي أنها تمثل الساكنة الصحراوية، فهذا كذب وبهتان، لأن 85 في المئة من الساكنة هم أبناء المنطقة الذي ضحوا بالغالي والنفيس من أجل تحرير الأقاليم الصحراوية في علاقة وطيدة مع ملوك المغرب عن طريق البيعة، واليوم يختارون ممثليهم داخل المؤسسات الدستورية بكل أريحية، وبالتالي فهم الممثلون الحقيقيونللمواطنات والمواطنين هناك تحت شعار الله الوطن الملك. أما ساكنة تندوف فهم إخوان لنا محتجزون من قبل عصابات بالوكالة التي يتحكم في رقابهم وأرزاقهم النظام العسكري الجزائر الجائر. والحمد لله أن القضية الوطنية تتصف بإجماع وطني تحت القيادة السامية لجلالة الملك. ويجب أن يعلم الجميع أن قضية الصحراء المغربية هي قضية وجود بالنسبة للمغرب، شأنه شأن كل تراب المملكة من طنجة إلى الكويرة.

ومن الأسئلة الجوهرية في هذا الباب ما يلي: كيف نقوم البنية الدبلوماسية الساعية إلى طي ملف قضيتنا الوطنية الأولى في أفق حل سياسي دائم؟ ما موقع مشروع الحكم الذاتي كحل واقعي لهذا الصراع المفتعل؟ ما دلالة الاعتراف الدولي لعديد من الدول وفتح القنصليات بالمناطق الجنوبية على المسار الدبلوماسي لقضيتنا الوطنية؟ كيف نستثمر إجماع الوحدة الوطنية في تطوير بنياتنا الدبلوماسية على المستوى العالمي؟

إن النضال من أجل قضيتنا الوطنية انطلق منذ أن وطأت قدم الاستعمار هذه الأراضي المباركة. ومن الثمار الإيجابية للدبلوماسية المغربية هو اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء وسيادته على ترابه انطلاقا من مشروع الحكم الذاتي. وقد تفاعلت مجموع من دول العالم بجدية المشروع وواقعتيه. لأنه يحترم الثوابت الجامعة للأمة والشرعية الدولية.

ومن أجل الدفاع عن هذه المكتسبات يلزمنا تجديد الخطط بناء على عنصري التوازن والتعاون بين كل الأطراف من خلال التقائية حكيمة، ومنسجمة ومتناغمة. ومن المؤشرات الدالة على ما ذكرناه هو: الترقي في سلم المكتسبات الدبلوماسية، ومواصلة البعد التنموي داخل أقاليمنا الجنوبية، وعمارة المناطق الجنوبية بما يتناغم مع وضعها الدولي الذي أصبحت تتصف به. واستفادة المغرب عامة من خيراتها خاصة الساكنة هناك.

إن تكثيف الزيارات مع الولايات المتحدة ضرورة دبلوماسية لتتبع ما تم الإعلان عنه في مرحلة الرئيس” ترامب”. نحو ما بعد الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، وكيفية إقناع الجميع بمشروع الحكم الذاتي والشروع في تنزيله، وتشجيع فتح القنصليات بالمناطق الجنوبية واستثمار ما اصطلح عليه بدبلوماسية القنصليات في الإسراع في طي ملف الصراع المفتعل، ثم الإعلان مع الولايات المتحدة الشروع في مشاريع استثمارية مهيكلة للمنطقة، ثم استثمار ما اقتنعت به الأمم المتحدة وذلك بتعزيز المنهجية المعتمدة، والعمل على تحقيق أهدافنا الكبرى، وأخيرا تبيان الصرامة مع كل من سولت له نفسه المس بوحدتنا الترابية.

وأخيرا وليس آخرا نؤكد على ما يلي:

-تشكل الدبلوماسية السياسية والتنموية خطين متوازيين ومتكاملين ومتناغمين، وأي تفريط في أحدهما يفقدنا المكتسبات.

-التناغم بين التمثيلية والتشاركية في إطار التلازمية بين الحق والواجب.

-الإسراع بتصحيح الخطأ التاريخي الذي بني على باطل ودمج دولة وهمية في الاتحاد الإفريقي. والتي لا محل لها من الوجود القانوني على مستوى القانون الدولي. وقد بدأت الخطوة الأولى بموريتانيا حيث تم الاتفاق على جعل قضية الصحراء حصريا بيد الأمم المتحدة.

-الدفاع عن إخواننا بمخيمات تندوف حتى يعودوا إلى بلادهم ويعانقوا عائلاتهم الصغيرة والكبيرة.

إن قضيتنا الوطنية من أولى الأولويات بالنسبة للمغاربة جميعا. ولا تنازل قيد أنملة على حبة رمل من أراضينا. ولنستمر في هذه التعبئة  تحت القيادة السامية لجلالة الملك حتى نسدل الستار عن هذا الصراع المفتعل وما ضاع حق وراءه طالب.

 

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى