الفقيه المختار وعدي يرحل إلى دار البقاء، وصبير يترجم له في مدارج الثناء لعلماء الدارالبيضاء

توفي الفقيه سيدي المختار وعدي (81 عاما) عضو المجلس العلمي مولاي رشيد الدار البيضاء، إمام وخطيب في منتصف هذا اليوم فاتح دجنبر 2020م، ويعتبر وعدي من خيرة الدعاة والعلماء بالمغرب، حيث كان رحمه الله إماما وخطيبا لمسجد “روش نوار” الصخور السوداء لمدة قاربت خمس عقود.

وقد سبق للأستاذ مولاي أحمد صبير أن قدم ترجمة للراحل سيدي المختار وعدي في كتابه الصادر مؤخرا بعنوان: “مدارج الثناء بتراجم علماء الدارالبيضاء“، الجزء الأول، دار الرشاد الحديثة الدارالبيضاء، حيث نقتبس  بتصرف، جزءا مما كتبه في ترجمة الراحل رحمه الله:

المولد والنشأة:

الفقيه النحوي، الشيخ البركة أبو الفضل المختار بن الفقيه العلامة إبراهيم بن الفقيه محمد بن العلامة القاضي خريج القرويين سعيد بن العلامة القاضي خريج القرويين أحمد بن بلا بن وَعَدّي. من مواليد 1358 هـ/ 1939م، بدوار الرباط إداومرزوگ، قبيلة متوگة.

لما بلغ سن الخامسة، أدخل الكتاب، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم شرع في حفظ القرآن الكريم على يد والده الفقيه إبراهيم بمسجد تْلِيوْ بإيداوتالين، ثم تنقل بين عدد من الكتاتيب والمساجد بعدد من الدواوير التي كان والده يشارط بها، كدوار ماغيلت والرباط وبوغودي وإيرجدان مطيزيگ وفلغوس بإيداو مرزوگ وآيت داود الذي هرّبه إليه والده ليفوّت على ممثلي سلطة الاستعمار إرغامه على التسجيل بالمدرسة الفرنسية.

الرحلة في طلب العلم:

بعد ختم القرآن الكريم ست ختمات، انتقل وعدي إلى سوس لطلب العلم، لكن الحاكم الفرنسي أجبره على العودة إلى بلدته، فعاد مكرها ليلتحق بمسجد ملغوس ليتابع حفظ القرآن الكريم ولكن هذه المرة برواية قالون، ثم اشتغل مدة بمسجد والده مدرّرا ففتح الله عليه وتخرج على يديه خلق كثير.

وفي سنة 1956م، التحق بالمدرسة العتيقة بتالمست نواحي إمنتانوت قبيلة نفيفة، فلازم عميدها الفقيه العلامة الشيخ أبي البركات عبد الله سبع سنين وأخذ عنه علوما مختلفة، حيث درس عليه وعلى الفقيه الطاهر العلام والفقيه سيدي محمد أُو الحسين الأجرومية والزواوي ولامية الأفعال وألفية ابن مالك وابن عاشر ورسالة ابن أبي زيد القيرواني وشيئا من مختصر الشيخ خليل والعاصمية وتفسير ذي الجلالين… ومكث هناك إلى أن تخرج سنة 1963م.

السعي في طلب الرزق:

التحق الشيخ المختار وعدي أولا بمدينة خريبكة فتعاطى التجارة طلبا للرزق، لكنه وبعد مرور ثلاث سنوات تأكد لديه أنه لم يُخلق للتجارة، وإنما خلق لتعليم القرآن وتدريس علوم الآلة والعلوم الشرعية، فاشتغل إماما بأحد المساجد ومحفظا للقرآن الكريم، فتغيّر حاله إلى أفضل حال، ثم سرعان ما فتح حلقة للتدريس، بعد أن التحق به كوكبة من الطلبة والأئمة، فدرسهم  النحو والفقه.

الالتحاق بالدار البيضاء:

التحق الشيخ المختار بالدار البيضاء سنة 1973م، ملبيا دعوة كريمة من بعض المحبين بحي بلفدير التابع لتراب عمالة مقاطعات الحي المحمدي عين السبع، فاشتغل إماما وواعظا وخطيبا للجمعة بمسجد المسيرة الخضراء الذي شرع في بنائه سنة 1975م، بعد أن قضى سنتين في مرآب واسع كان مخصصا للصلوات الخمس وإقامة الجمعة. ثم سرعان ما ذاع صيته ليفتح بمسجده حلقات للتدريس كان من روادها بعض طلبة المعهد الديني المقبلين على اجتياز امتحان البكالوريا الأصلية، وبعض أئمة المساجد بالدار البيضاء، وقد تخرج من هذه الكوكبة عدد من الطلبة الذين يشغلون حاليا وظائف مختلفة بمؤسسات تابعة لوزارات العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية والتربية الوطنية والتعليم العالي، ولا زال مسجده إلى اليوم قبلة للطلبة يقصدونه فجر كل خميس وجمعة لحضور دروسه العلمية.

وفي سنة 1978م التحق للتدريس بالمعهد الديني بالقريعة التابع لجمعية الوعظ والإرشاد، رفقة ثلة من علماء الدار البيضاء أمثال العلامة المذكوري والفقيه التباع والفقيه السماحي والقاضي مسعود الحريزي وغيرهم، وقد اشتهر مترجمنا بتدريس لامية الأفعال والعاصمية وألفية ابن مالك ومختصر الشيخ خليل، وتخرج على يديه عدد من الطلبة الحاملين لكتاب الله تعالى، الوافدين على الدار البيضاء من مناطق مختلفة، ممن كُتب لهم مواصلة تعليمهم العالي فانتفعوا ونفع الله بهم. 

كما درّس مترجمنا بالمعهد الديني بقرية الجماعة سنوات عدة، قبل أن يلتحق بالمدرسة القرآنية التابعة لمسجد الحسن الثاني حوالي 2003م لتدريس مادتي الفقه والنحو. فضلا عن كونه يشغل منصب عضو بالمجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات مولاي رشيد والذي يقدم فيه دورات تكوينية منتظمة للوعاظ والأئمة في مجال الفقه المالكي.

كما حاز العضوية في رابطة علماء المغرب التي عاصر ثلاثة من رؤسائها وهم السادة: العلامة سيدي عبد الله گنون والعلامة بنشقرون والعلامة محمد المكي الناصري.

إجازاته:

مع الشيخ المختار وعدي اجازات من شيخه العلامة أبي البركات عبد الله، والعلامة سيدي حمزة الإدريسي  الحسني البيضاوي، والعلامة محمد الإثيوبي اللولوي المدرّس بالحرم المكي.

آثاره:

يملك الشيخ المختار وعدي رصيدا هائلا من الخطب التي أعدها على مدى عقود، ويمكن أن يشكل مرجعا يستفاد منه في بابه، خاصة إذا وجد من يعتني به تبويبا وترتيبا. كما أسرّ إليّ بمؤلف في العقيدة، إلا أنه يرى أن فرصة طبعه لم تحن بعد.

-*-*-*-*-

 

ذات الصلة:

العالم العلمي في ذمة الله، وصبير يثني عليه في مدارج الثناء

 

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى