وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم

محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض أوجبه الله تعالى على كل مسلم ومسلمة ، فقد قال تعالى : {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين”. [البخاري]

لماذا نحب النبي صلى الله عليه وسلم ؟

موافقة مراد الله تعالى في محبته :

لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أحب الخلق الى الله تعالى فقد اتخذه خليلا وأثنى عليه مالم يثن على غيره كان لزاما على كل مسلم أن يحب ما يحب الله وذلك من تمام محبته سبحانه

مقتضى الإيمان :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا أن من مقتضى الإيمان حب النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتوقيره “والذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين”. [البخاري]

مميزات النبي صلى الله عليه وسلم :

فرسول الله صلى الله عليه وسلم أ شرف الناس وأكرم الناس وأطهر الناس وأعظم الناس

شدة محبته صلى الله عليه وسلم لأمته وشفقته عليها ورحمته بها :

كما وصفه ربه { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم { ولذلك أرجأ استجابة دعوته شفاعة لأمته غدا يوم القيامة

بذل جهده صلى الله عليه وسلم الكبير في دعوة أمته :

دلائل محبته صلى الله عليه وسلم ومظاهر تعظيمه

تقديم النبي صلى الله عليه وسلم على كل أحد

قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم{

وقال سبحانه { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين{

سلوك الأدب معه صلى الله عليه وسلم

الثناء عليه والصلاة والسلام عليه لقوله تعالى { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما {

التأدب عند ذكره بأن لا يذكره مجرد الاسم بل مقرونا بالنبوة أو الرسالة كما قال تعالى } لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا {

الأدب في مسجده وكذا عند قبره وترك اللغط ورفع الصوت

 توقير حديثه والتأدب عند سماعه وعند دراسته وكان مالك إذا أراد أن يجلس (أي للتحديث) توضأ وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابه، وتطيّب، ومشط لحيته، فقيل له في ذلك، فقال: أوقّر به حديث رسول الله.

و كان سعيد بن المسيب وهو مريض يقول أقعدوني فإني أعظم أن أحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع

تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به.

عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت:

لما أسري بالنبي إلى المسجد الأقصى ، أصبح يتحدث الناس بذلك ، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به ، و صدقوه ، و سعوا بذلك إلى أبي بكر ، فقالوا : هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ؟ قال : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : لئن كان قال ذلك لقد صدق ، قالوا : أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس و جاء قبل أن يصبح ؟ قال : نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء في غدوه أو روحه ، فلذلك سمي أبو بكر الصديق (السلسلة الصحيحة للألباني)

اتباعه صلى الله عليه وسلم وطاعته والاهتداء بهديه.

قال تعالى { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم {

والاقتداء به صلى الله عليه وسلم من أكبر العلامات على حبه:

قال تعالى { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا {

الدفاع عنه صلى الله عليه وسلم

وقد سطر الصحابة أروع الأمثلة وأصدق الأعمال في الدفاع رسول الله وفدائه بالأموال والأولاد والأنفس في المنشط والمكره .كما قال تعالى { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون {

والدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أنواع نذكر منها :

1- نصرة دعوته ورسالته بكل ما يملك المرء من مال ونفس ….

2- الدفاع عن سنته صلى الله عليه وسلم :بحفظها وتنقيحها وحمايتها ورد الشبهات عنها .

3- نشر سنته صلى الله عليه وسلم وتبليغها خاصة وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بذلك في أحاديث كثيرة كقوله” فليبلغ الشاهد الغائب ” وقوله “بلغوا عني ولو آية “

نماذج من محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم

علي ابن أبي طالب ونومه في فراش النبي صلى الله عليه وسلم

ليلة أن أراد المشركون قتله :

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال يخبر عن علي رضي الله عنه : ” شرى علي نفسه ، ولبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم نام مكانه ، وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ألبسه بردة، وكانت قريش تريد أن تقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يرمون عليا، ويرونه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد لبس بردة ، وجعل علي رضي الله عنه يتضور، فإذا هو علي فقالوا : إنك للئيم إنك لتتضور، وكان صاحبك لا يتضور ولقد استنكرناه منك ” هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (المستدرك على الصحيحين للحاكم) .

 وسئل علي بن أبي طالب كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال : كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ

صور من محبة أبي بكر.

لقد خاض الرسول صلى الله عليه وسلم في سبيل نشر الدعوة المباركة حرباً شرسة دائمة مع الكفار، وأخذت الدعوة المحمدية تغزو معاقل الشرك وتجتث عروش المشركين، فقابلها الكفار بمحاولة إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم والتعرض له في كل مكان حتى أنه لم يسلم من إيذائهم حتى وهو قائماً يصلي في محرابه، وكان المسلمون يدافعون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وينافحون عنه، ويبذلون أنفسهم فداء له :

عن عروة بن الزبير قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص : أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا ، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم } (صحيح البخاري) .

عن عبدالله بن أبي مليكة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج هو وأبو بكر إلى ثور فجعل أبو بكر يكون أمام النبي صلى الله عليه وسلم مرة وخلفه مرة فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال إذا كنت خلفك خشيت أن تؤتى من أمامك وإذا كنت أمامك خشيت أن تؤتى من خلفك حتى إذا انتهى إلى الغار من ثور قال أبو بكر كما أنت حتى أدخل يدي فأحسه وأقصه فإن كانت فيه دابة أصابتني قبلك قال نافع فبلغني أنه كان في الغار جحر فألقم أبو بكر رجله ذلك الجحر تخوفا أن يخرج منه دابة أو شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم . (مرسل و له شواهد – البداية و النهاية) .

عن البراء بن عازب ، قال : جاء أبو بكر رضي الله عنه ، إلى أبي في منزله ، فاشترى منه رحلا ، فقال لعازب : ابعث ابنك يحمله معي ، قال : فحملته معه ، وخرج أبي ينتقد ثمنه ، فقال له أبي : يا أبا بكر ، حدثني كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : نعم أسرينا ليلتنا ومن الغد ، حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد ، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل ، لم تأت عليه الشمس ، فنزلنا عنده ، وسويت للنبي صلى الله عليه وسلم مكانا بيدي ينام عليه ، وبسطت فيه فروة ، وقلت : نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك ، فنام وخرجت أنفض ما حوله ، فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة ، يريد منها مثل الذي أردنا ، فقلت : لمن أنت يا غلام ، فقال : لرجل من أهل المدينة أو مكة ، قلت : أفي غنمك لبن ؟ قال : نعم ، قلت : أفتحلب ، قال : نعم ، فأخذ شاة ، فقلت : انفض الضرع من التراب والشعر والقذى ، قال : فرأيت البراء يضرب إحدى يديه على الأخرى ينفض، فحلب في قعب كثبة من لبن ، ومعي إداوة حملتها للنبي صلى الله عليه وسلم يرتوي منها، يشرب ويتوضأ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكرهت أن أوقظه، فوافقته حين استيقظ ، فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله ، فقلت : اشرب يا رسول الله، قال : فشرب حتى رضيت ، ثم قال : ( ألم يأن الرحيل ). قلت : بلى ، قال : فارتحلنا بعد ما مالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك ، فقلت : أتينا يا رسول الله ، فقال : ( لا تحزن إن الله معنا ). فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتطمت به فرسه إلى بطنها – أرى – في جلد من الأرض – شك زهير – فقال : إني أراكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب ، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم فنجا، فجعل لا يلقى أحدا إلا قال : كفيتكم ما هنا ، فلا يلقى أحدا إلا رده ، قال : ووفى لنا . (صحيح البخاري) .

ولقد أوذي أبو بكر وحُثي على رأسه التراب، وضرب في المسجد الحرام بالنعال، حتى ما يعرف وجهه من أنفه، وحمل إلى بيته في ثوبه وهو ما بين الحياة والموت فقد روت عائشة رضي الله تعالى عنها أنه لمّا اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً ألح أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهور، فقال: يا أبا بكر إنَّا قليل. فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرق المسلمين في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيباً ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فكان أوّل خطيب دعا إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، فضربوه في نواحي المسجد ضرباً شديداً، ووطئ أبو بكر وضرب ضرباً شديداً، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويُحرِّفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر، حتى ما يعرف وجهه من أنفه، وجاءت بنو تميم يتعادون فأجلت المشركين عن أبي بكر، وحَمَلت بنو تميم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولا يشكون في موته، ثم رجعت بنو تميم فدخلوا المسجد وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة فرجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة (والده) وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب، فتكلم آخر النهار فقال: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فمسّوا منه بألسنتهم وعذلوه، وقالوا لأمه أم الخير: انظري أن تطعميه شيئاً أو تسقيه إياه. فلما خلت به ألحت عليه، وجعل يقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: والله مالي علم بصاحبك. فقال: اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه، فخرجت حتى جاءت أم جميل، فقالت: إن أبا بكر سألك عن محمد بن عبد الله. فقالت: ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبدالله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك. قالت: نعم، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دَنِفاً، فدنت أم جميل، وأعلنت بالصياح، وقالت: والله إن قوماً نالوا منك لأهل فسق وكفر إنني لأرجوا أن ينتقم الله لك منهم، قال: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هذه أمك تسمع، قال: فلا شيء عليك منها، قالت: سالم صالح، قال: أين هو؟ قالت: في دار الأرقم. قال: فإن لله علي أن لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس، خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: فأكب عليه رسول الله فقبله، وأكب عليه المسلمون، ورقّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم رقة شديدة فقال أبو بكر : بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله، وأدع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار. قال: فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها إلى الله فأسلمت (السيرة النبوية لابن كثير – البداية و النهاية) .

عن أسماء بنت أبي بكر قالت لما كان عام الفتح ونزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذا طوى قال أبو قحافة لابنة له كانت من أصغر ولده : أي بنية أشرفي بي على أبي قبيس وكان قد كف بصره فأشرفت به عليه … فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسجد خرج أبو بكر حتى جاء بأبيه يقوده فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : هلا تركت الشيخ في بيته حتى آتيه ، فقال يمشي هو إليك يا رسول الله أحق أن تمشى إليه وأحله بين يديه ثم مسح على صدره فقال : أسلم تسلم ثم قام أبو بكر … (إسناده صحيح – الإصابة) .

اجتمع جعفر وعلي وزيد بن حارثة فقال جعفر أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال علي أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال زيد أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نسأله قال أسامة فجاءوا يستأذنونه فقال اخرج فانظر من هؤلاء فقلت هذا جعفر وعلي وزيد ما أقول أبي قال ائذن لهم فدخلوا فقالوا يا رسول الله من أحب إليك قال فاطمة قالوا نسألك عن الرجال قال أما أنت يا جعفر فأشبه خلقك خلقي وأشبه خلقك خلقي وأنت مني وشجرتي وأما أنت يا علي فختني وأبو ولدي وأنا منك وأنت مني وأما أنت يا زيد فمولاي ومني وأحب القوم إلي (إسناده حسن) .

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر وفي يده قدح يعدل به القوم فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار وهو مستنتل من الصف فطعن في بطنه بالقدح وقال استو يا سواد فقال يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني قال فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال استقد قال فاعتنقه فقبل بطنه فقال ما حملك على هذا يا سواد قال يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقال له استو يا سواد (اسناده حسن – الألباني) .

عن أسيد بن حضير – رجل من الأنصار – ، قال : بينما هو يحدث القوم ، وكان فيه مزاح ، بينما يضحكهم ؛ فطعنه النبي – صلى الله عليه وسلم – في خاصرته بعود ، فقال : أصبرني ، قال : اصطبر ، قال : إن عليك قميصا وليس علي قميص ! فرفع النبي – صلى الله عليه وسلم – عن قميصه ، فاحتضنه وجعل يقبل كشحه ، قال : إنما أردت هذا يا رسول الله ! . (إسناده جيد- مشكاة المصابيح) .

روي ابن حبان في صحيحه عن عائشة قالت‏:‏ قال أبو بكر الصديق‏:‏ لما كان يوم أحد انصرف الناس كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت أول من فاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيت بين يديه رجلاً يقاتل عنه ويحميه، قلت‏:‏ كن طلحة، فداك أبي وأمي، كن طلحة، فداك أبي وأمي، ‏حيث فاتني ما فاتني، فقلت‏:‏ يكون رجل من قومي أحب إلي‏‏ فلم أنشب أن أدركني أبو عبيدة بن الجراح، وإذا هو يشتد كأنه طير حتى لحقني، فدفعنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا طلحة بين يديه صريعاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏(‏دونكم أخـاكم فقـد أوجب‏)‏، وقد رمي النبي صلى الله عليه وسلم في وَجْنَتِهِ حتى غابت حلقتان من حلق المِغْفَر في وجنته، فذهبت لأنزعهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبيدة‏:‏ نشدتك بالله يا أبا بكر، إلا تركتني، قال‏:‏ فأخذ بفيه فجعل ينَضِّـضه كراهية أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استل السهم بفيه، فنَدَرَت ثنية أبي عبيدة، قال أبو بكر‏:‏ ثم ذهبت لآخذ الآخر، فقال أبو عبيدة‏:‏ نشدتك بالله يا أبا بكر، إلا تركتني، قال‏:‏فأخذه فجعل ينضضه حتى اسْتَلَّه، فندرت ثنية أبي عبيدة الأخري، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏‏‏(‏دونكم أخاكم، فقد أوجب‏)‏، قال‏:‏ فأقبلنا على طلحة نعالجه، وقد أصابته بضع عشرة ضربة ‏.‏ وفي تهذيب تاريخ دمشق ‏:‏ فأتيناه في بعض تلك الحفار فإذا به بضع وستون أو أقل أو أكثر، بين طعنة ورمية وضربة، وإذا قد قطعت إصبعه، فأصلحنا من شأنه ‏.‏

أخرج أحمد عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال : لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته فلما فرغ قال : ” يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري ” فبكى معاذ جزعاً لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولم يكن خوفهم من فراقه يقتصر على الدنيا بل تعداه إلى خشيتهم من فراقه في الآخرة ، عن عائشة رضى الله عنها قالت : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وأهلي وولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين فإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل هذه الآية { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين } . (رجاله موثوقون – ابن حجر العسقلاني)

نزل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أحدهم عبد الرحمن بن عوف وكان المغيرة بن شعبة يدعى أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول أخذت خاتمي فألقيته وقلت إن خاتمي سقط من يدي لأمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون آخر الناس عهدا به . (إسناده حسن – مجمع الزوائد) .

وهذه سيدتنا أم عمارة تباشر القتال في أحد، وتذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، وترمي بالقوس حتى خلصت الجراح إليها، تعرض نفسها للسيوف والنبال..امرأة تقف صامدة مقاتلة خوفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ويوم حنين، تقف سيدتنا أم سليم تتحدى الأعداء بخنجرها بعد أن انهزم المسلمون.. مستعدة للقتال والذود عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .

عن ابن شماسة المهري  حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلا وحوله وجهه إلى الجدار. فجعل ابنه يقول : يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ؟ أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ؟ قال فأقبل بوجهه فقال : إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . إني قد كنت على أطباق ثلاث . لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني . ولا أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه فقتلته . فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار . فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : ابسط يمينك فلأبايعك . فبسط يمينه . قال فقبضت يدي . قال ” مالك يا عمرو ؟ ” قال قلت : أردت أن أشترط . قال ” تشترط بماذا ؟ ” قلت : أن يغفر لي . قال ” أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ ” وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه . وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له . ولو سئلت أن أصفه ما أطقت . لأني لم أكن أملأ عيني منه . ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة . ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها. فإذا أنا مت، فلا تصبحني نائحة ولا نار . فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا . ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور . ويقسم لحمها . حتى أستأنس بكم . وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي . (صحيح مسلم)

كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال له عمر : يا رسول الله ، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ، والذي نفسي بيده ، حتى أكون أحب إليك من نفسك ) . فقال له عمر : فإنه الآن، والله، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الآن يا عمر ) . (صحيح البخاري)

وروي أن  بلالا ما استطاع أن يؤذن بعد موت الرسول صلى الله عليه و سلم : قام بلال   ليؤذن، قام ليؤدي مهمته التي كلفه بها رسول الله ، وبدأ بلال يؤذن: الله أكبر.. الله أكبر. وقال: أشهد أن لا إله إلا الله.. أشهد أن لا إله إلا الله، ولكن أتت قاصمة الظهر، أتت المعضلة التي لا يستطيع بعدها أن يتكلم ولو بكلمة واحدة، قال: أشهد أن محمداً.. ولم يستطع أن يكمل، بكى بكاءً شديداً، بكى المؤذن اختنق صوته، لم يستطع أن يكمل، فنزل  ورمى بجسمه على الأرض وحضر الصحابة ليشاهدوا ذلك المنظر، منظر المؤذن وهو ملقى على الأرض، يبكي بكاء الثكلى .

مالك يا بلال، قال: لا أؤذن.

أتاه أبو بكر الخليفة : قال مالك؟ قال لا أؤذن لأحد بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام،

ورأى بلال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بداريا يقول له ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني  (إسناده جيد – الشوكاني).

ولما حضرته الوفاة قالت امرأته وهو يموت وامصيبتاه وامصيبتاه. فقال لها: بل قولي وا فرحتاه غداً ألقي الأحبة محمداً وصحبه

عن أم عبد الرحمن بنت أبي سعيد ، عن أبيها أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه يوم أحد فتلقاه أبي مالك بن سنان فلحس الدم عن وجهه بفمه ، ثم ازدرده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” من سره أن ينظر إلى من خالط دمي فلينظر إلى مالك بن سنان ” (المستدرك على الصحيحين للحاكم)

عن عبد الله بن الزبير أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم فلما فرغ قال يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراه أحد فلما برزت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدت إلى الدم فحسوته فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ما صنعت يا عبد الله قال جعلته في مكان ظننت أنه خاف عن الناس قال فلعلك شربته قال نعم قال ومن أمرك أن تشرب الدم ويل لك من الناس وويل للناس منك. (رجال البزار رجال الصحيح غير هنيد بن القاسم وهو ثقة‏ – الهيثمي)

وفي رواية ابن كثير كان النبي صلى الله عليه وسلم قد احتجم في طست فأعطاه عبد الله بن الزبير ليريقه فشربه فقال له لا تمسك النار إلا تحلة القسم وويل لك من الناس وويل للناس منك وفي رواية يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراك أحد فلما بعد عمد إلى ذلك الدم فشربه فلما رجع قال ما صنعت بالدم قال إني شربته لأزداد علما وإيمانا وليكون شيئا من جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم في جسدي وجسدي أولى به من الأرض فقال أبشر لا تمسك النار أبدا وويل لك من الناس وويل للناس منك ( روي من غير وجه)

قصة قتل زيد بن الدثنة : قال ابن إسحاق (4/ 126) : اجتمع رهط من قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب؛ فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل : أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه ، وأنك في أهلك ؟ قال : والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي . قال : يقول أبو سفيان : ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمدٍ محمدا.

أخرج ابن إسحاق: عن سعد بن أبي وقاص قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار وقد أصيب زوجها، وأخوها، وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد، فلما نعوا لها قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين .

قالت: أرونيه حتى أنظر إليه .

قال: فأشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل .

جزاء محبة النبي صلى الله عليه وسلم :

روى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ أَعْرَابِيَّا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَتَىَ السَّاعَةُ ؟ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟” قَالَ: حُبُّ اللهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ : “أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ”. قال أنس فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيء ما فرحوا به.‏ فنحن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نستطيع أن نعمل كعمله فإذا كنا معه فحسبنا .

عبد الرحيم بن بوشعيب مفكير

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى