غدا أو بعد غد، شهر رجب، وهذا بيان فضله ومكانته

سيحل علينا غدا أو بعد غد السبت شهر رجب، وهو من الأشهر الحرم، إلى جانب كل من شهر ذي القعدة وذي الحجة والمحرم، ورجب مضر أو رجب الفرد هو الشهر الذي يجب تعظيمه وعدم ظلم النفس فيه، وقد عرف العرب في جاهليتهم فضل شهر رجب الحرام فعظموه ومنعوا فيه الحروب والخلافات العصبية والقبلية، وخلدوا فيه إلى السلم والسلام، ثم جاء الإسلام ليؤكد ويبين مكانة شهر رجب بين الأشهر الحرم؛ فنرى الحديث السابق يؤكد على عدد الأشهر الحرم ومكان شهر رجب وأنه بين جمادى وشعبان وذلك لإبطال ما كان يفعل من الجاهلية من تأخير للشهور على حسب أهوائهم ومقاصدهم.

وفي الإسلام، فضل الله بعض الأزمان على بعض، وبعض الأمكنة على بعض، وهذا التفضيل؛ لمضاعفة الأجر لما شرع من العبادات، فمما فضَّله الله – سبحانه وتعالى – شهر رمضان، الذي فرض صيامَ نهاره، وسن قيام ليله، وضاعف الحسنات فيه، وفضّل شهر الحج الذي فرض فيه زيارة بيته، والمشاعر المفضَّلة في تلك البُقعة، ومما فضل الله تعالى من الأزمان شهر رجب، فهو من الأشهر الحُرم.

ومما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا دخل شهر رجب قال: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلِّغنا رمضان)، ففي الحديث دليل على استحباب الدعاء بالبقاء إلى الأزمان الفاضلة؛ لإدراك الأعمال الصالحة فيها، فإن المؤمن لا يَزيده عمره إلا خيرًا، وخير الناس مَن طال عمرُه وحَسُن عملُه، وكان السلف يحبون أن يموتوا عقِب عمل صالح من صوم رمضان أو رجوع من حج.

واليوم ونحن ندخل في شهر من شهور الله، فهو أحد الأشهر الحرم التي ذكرها الله في كتابه فقال”إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ “، روى البخاري في صحيحه بسنده عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ، مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى، وَشَعْبَانَ).

ولشهر رجب أسماء منها: رجب من الترجيب، أي: التعظيم؛ لأنه كان يعظم.

ومن أسمائه أيضاً: رجم بالميم، يقولون: إنه كانت ترجم فيه الشياطين.

وسمي أيضاً: شهر رجب الأصم، لأنه لم تكن تسمع فيه قعقعة بسلاح.

وسمي شهر رجب الأصب، قالوا: لأن الرحمة تصب فيه صباً.

وسمي المعكعك، وسمي المعلى، وسمي المقيم؛ لأن حرمته ثابتة مقيمة.

وسمي الأَصَمَّ لأَن الْعرب كانت لا يغير بعضها على بعض فيه ولا تحمل فيه السلاح، وكانوا لا يسمعون قعقعةَ السلاح فسمي أصمَّ به.

وأهم ما وقع من حوادث تاريخية في هذا الشهر الكريم، حادثتان عظيمتان: فتح بيت المقدس في رجب في السنة السادسة عشر للهجرة، وتحرير صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس في يوم الجمعة الموافق 27 رجب سنة 583 هجرية.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى