تقرير: حصيلة هزيلة للنشر بالمغرب وحركة التعريب في تقدم

أصدرت مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية تقريرها السنوي عن وضعية النشر والكتاب المغربيين في مجالات الأدب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، وذلك على بعد أيام قليلة من المعرض الدولي السنوي للنشر والكتاب في دورته 29 بالرباط.

وأفاد التقرير -الذي تصدره المؤسسة سنويا- أن حصيلة النشر المغربي لسنة 2023/2022 بلغت ما قدره 3.482 عنوانا، بمعدل إنتاج سنوي يقدر بــ 1.741 عنوانا. وتتضمن هذه الحصيلة المنشورات الورقية والرقمية على حد سواء. أما حصيلة المجلات المغربية المتضمنة في الحصيلة فقد بلغت في فترة التقرير 496 عددا.

وكشف التقرير أن نسبة الإصدارات المغربية في مجالات الإبداع الأدبي والعلوم الإنسانية والإجتماعية المكتوبة باللغة العربية تقدر بـ %78,29 من مجموع المنشورات، بينما شكلت الإصدارات بالفرنسية نسبة (%17,72) في حين حلت الإصدارات بالأمازيغية رابعة في الترتيب (%1,51) بعد الإنجليزية (%2,58).

ومما ميز النشر الرقمي في المغرب صدوره غالبا باللغة الفرنسية خاصة في مجالات البحث التي تستعمل هذه اللغة بشكل أساس، كما هو الحال بالنسبة لمجالات الاقتصاد والتدبير والمالية والدراسات السياسية.

وأظهر التقرير استمرار مسلسل تعريب قطاع النشر المغربي، والذي سبق رصده في التقارير السابقة منذ سنة 2015 أول عام أصدرت فيه المؤسسة تقريرا عن وضعية الكتاب والنشر في المغرب. هذا وإن تفاوتت النسب من عام لآخر، فإن سيرورة تعريب قطاع الثقافة والنشر بالمغرب يترسخ بوضوح مع مرور الزمن.

ولاحظت المؤسسة من خلال التقرير أن نسبة استعمال اللغة العربية في مجالات الإنتاج الأدبي والفكري المغربي قد ناهزت .%79,1 ومقارنة بالمكانة التي احتلتها اللغة الفرنسية خلال العقود الثالثة التي تلت الاستقلال (1980-1960) والتي شكلت مرحلة فريدة في تاريخ الإنتاج الفكري المغربي، فإن إيقاع النشر بها، كما أظهرت ذلك التقارير السابقة، عرف تراجعا ملحوظا، حيث لا تكاد هذه اللغة تمثل سوى نسبة %16,31 من حصيلة المنشورات المغربية خلال فترة هذا التقرير.

يفسر ذلك بشكل عام بحركة التعريب التي طالت تدريس العلوم الإنسانية والاجتماعية داخل الجامعات المغربية منذ السبعينيات، وبالتالي تخرج أجيال جديدة من الباحثين والمؤلفين الناطقين بالعربية ومن ثم انعكاس ذلك على مجالي التأليف والنشر. وتجدر الإشارة كذلك إلى أن اللغات الأجنبية الأخرى لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من حصيلة النشر المغربي، حيث تقدر نسبة اللغة الإنجليزية بـ %2,28 والإسبانية بـ .%0,5

وقارب الإنتاج الرقمي باللغة العربية الثلث من مجموع الإنتاج الرقمي المرصود، وأغلبه تعريب لما صدر رقميا عن المؤسسات العمومية باللغات الأجنبية، وإصدارات محتشمة لبعض مراكز البحث. هذا وقد أصدرت مؤسسة البحث في الفلسفة والعلوم في السياقات الإسالمية عددا مهما من الدراسات والمواد النصية الإكترونية باللغة العربية بلغ تعدادها 13 نصا إلكترونيا خلال فترة التقرير.

ويكشف التوزيع اللغوي للنصوص الرقمية أو المنشورة إلكترونيا عن حضور مهم للغة الفرنسية بـ 84 عنوانا، متبوعة بالعربية (63 عنوانا)، ثم الإنجليزية (44 عنوانا).  أما المجالات المعرفية التي تناولتها هذه المنشورات، فقد جاءت مخالفة لما يعرفه النشر التقليدي (الورقي)؛ حيث إن المنشورات القانونية والأدبية (أعمال ودراسات) التي تبلغ حصتها من النشر عموما %43,27 ومن النشر الورقي، %46,23 لا تمثل سوى %8,38 تقريبا من المنشورات الإكترونية.

في المقابل، كانت المجالات المعرفية الأكثر حضورا ضمن حصيلة النشر الإكتروني فهي: الدراسات ذات الطابع الإقتصادي ،%38,74 تليها الدراسات السياسية والاستراتيجية بنسبة %23,03 ، فالدراسات حول المجتمع بنسبة %10,47 من مجموع المنشورات الإلكترونية.

ولم يتعد مجموع الإصدارات الجامعية 127 إصدارا خلال سنتي، 2023-2022 وهو رقم يظل هزيلا يعكس ضعف الإنتاج الجامعي في مجال النشر بالمغرب. وعلى غرار السنوات الماضية، تستمر أربع جامعات في تصدر القائمة وهي جامعة الحسن الثاني (28)، جامعة ابن زهر (26)، جامعة محمد الخامس (24)، وجامعة محمد الأول (15).

ويوفر التقرير معلومات بيبليومترية مفصلة عن المنشورات المغربية، الورقية والرقمية، في مجالات الأدب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، وفق مؤشرات متعددة: اللغات والمجالات المعرفية، والترجمات، وخصائص خريطة النشر، والطبع عبر أرجاء التراب المغربي، فضلا عن إصدارات المؤلفين المغاربة في الخارج (الكتب خاصة)، وذلك بهدف التعريف بأحد مظاهر حضور الإنتاج الفكري المغربي في الساحات الثقافية والفكرية والعلمية العربية والأجنبية.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى