المجلس الأعلى للحسابات يدعو إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية الكفيلة بحماية الملك العمومي المائي
أنجز المجلس الأعلى للحسابات مهمات رقابية بخصوص القطاعات الإنتاجية وقطاعات الإسكان والتجهيز، ضمن خلاصاتها وتوصياتها من أجل النهوض بهذه القطاعات، في تقريره السنوي 2019 – 2020، الذي أصدره اليوم الاثنين.
وهكذا، أنجز المجلس مهمة رقابية همت تقييم سلسلة الدواجن. وحسب قطاع الفلاحة، يشير التقرير، بلغ إنتاج لحوم الدواجن خلال سنتي 2019 و2020، على التوالي، 782 ألف طن و685 ألف طن (بما فيها القطاع التقليدي)، فيما بلغ انتاج بيض الاستهلاك، عن الفترة ذاتها، 6,9 مليار و6,3 مليار وحدة، مسجلا أن هذا الإنتاج يغطي جميع حاجيات المغرب من لحوم الدواجن (55 بالمائة من إجمالي استهلاك اللحوم بجميع أصنافها) و100 بالمائة من حاجيات بيض الاستهلاك.
وبحسب التقرير ، فقد أبرزت المهمة الرقابية، فيما يخص تنظيم سلسلة الدواجن، استمرار الحضور القوي للوسطاء في القطاع وممارسة نشاط الدواجن بشكل غير رسمي من قبل الوحدات غير المصرح بها، لافتا إلى تفاقم هاتين الظاهرتين بسبب ضعف تكامل القطاع وتقنينه، فضلا عن الافتقار إلى أدوات التمويل. كما أنه، مقارنة بعالية ((amont سلسلة الدواجن التي عرفت تطورا خاصة فيما يتعلق بتأهيلها، لازالت سافلة (aval) السلسلة، والمتعلقة بتثمين منتجات الدواجن وتسويقها، في حاجة إلى المزيد من التأهيل.
ومن أجل مواصلة تطوير هذه السلسلة الإنتاجية، أوصى المجلس باستكمال الإطار القانوني وبضرورة التعجيل بتأهيل وحدات الذبح التقليدي و/أو تحويلها لتتوافق مع المعايير الصحية التي تقتضيها النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
وعلى صعيد آخر، واستعدادا للمهمة الموضوعاتية التي يقوم بها المجلس حاليا حول التشغيل على المستوى الوطني، تم، سنة 2020، إنجاز مهمة لمراقبة تسيير الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات أبرزت الحاجة إلى إعادة تموقع هذه الأخيرة كمرفق عمومي للتشغيل، مع توفير برامج لإنعاش التشغيل تستجيب لحاجيات كل فئة من الباحثين عن الشغل، مما سيمكنها من تعزيز دورها في تنشيط سوق الشغل، مع العلم أن نسبة المسجلين كل سنة تمثل، في المتوسط، 14 % فقط من مجموع المسجلين في قاعدة معطيات الوكالة.
ويالنسبة لإنعاش التشغيل المأجور، اعتبر المجلس أنه على الرغم من التحسينات التي عرفها برنامج عقود الإدماج، فإن مجموعة من المعيقات لا تزال قائمة، خاصة استيعاب الشروط المحددة لتطبيق العقوبات التي تثير تفسيرات مختلفة وكذا تنزيلها على أرض الواقع.
كما لفت إلى أن الممارسة كشفت عن لجوء بعض المشغلين بشكل مستمر لهذه العقود، وذلك من أجل تلبية حاجياتهم من اليد العاملة والاستفادة من التحفيزات المتاحة وخفض كلفة الأجور وإضفاء المرونة على عملية التشغيل، وبالتالي، نتج عن هذه التحفيزات انعكاسات غير متوقعة، إذ أصبحت تستهدف بالأساس المشغلين عوض الباحثين عن الشغل.
وفي هذا الإطار، أوصى المجلس هذه الوكالة بالعمل على التقيد بالالتزامات المقررة بالنسبة للتكوين التعاقدي للتشغيل يضمن إدماج الباحثين عن الشغل المكونين في هذا الإطار، وكذا بوضع وتفعيل عرض للخدمات يوضح المسار والآليات في مجال مواكبة ودعم حاملي المشاريع وتتبع مآلها قصد ضمان ديمومتها.
من جهة أخرى، دعا المجلس الأعلى للحسابات إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية الكفيلة بحماية الملك العمومي المائي وتقوية شرطة الماء، وتفعيل دور هيئات التشاور والتنسيق والتوجيه الاستراتيجي.
وأوصى المجلس بالحرص على تحسين فعالية الاستثمارات، وكذا إنجاز دراسة حول الإستهداف الأنجع وعند الإقتضاء مراجعة منظومة تعريفة الماء والتطهير بشكل تدريجي مع الأخذ بعين الاعتبار الفئات الهشة.
وسجل المجلس، الذي أنجز مهمة موضوعاتية تتعلق بقطاع الماء، أن المغرب يوجد ضمن العشرين دولة التي تصنف عالميا في وضعية “إجهاد” من حيث توفر هذه المادة الحيوية، مشيرا إلى أن المهمة الرقابية وقفت على وجود تحديات تخص أساسا تعبئة الموارد المائية وترشيد استعمالها وحمايتها.
وفي هذا الصدد، اقترح المجلس القيام بإنجاز المشاريع المتعلقة بالربط بين الأحواض المائية، والعمل على تزامن إنجاز المنشآت الهيدروفلاحية في سافلة السدود الجديدة مع بناء هذه الأخيرة، وكذا تدارك التأخر المسجل في إنجاز المنشآت الفلاحية في سافلة السدود القائمة. كما ألح على تحفيز اللجوء إلى الموارد المائية غير الاعتيادية، ولاسيما تحلية المياه.
وبخصوص قطاعات الإسكان والتجهيز، أعد المجلس، بناء على التقارير المتعلقة بأربع مهمات رقابية في ميدان الإسكان، خلاصة حول آليات وتدخلات الدولة في مجال محاربة السكن غير اللائق، مسجلا في هذا السياق، أنه برغم المجهودات المبذولة من طرف الدولة والتي مكنت من معالجة 280 ألف سكن غير لائق بين سنتي 2004 و2018، فإن معطيات القطاع المكلف بالسكنى لسنة 2018 تفيد وجود 472 ألف و723 أسرة بدور الصفيح، إضافة الى 43 ألف و734 سكن آيل للسقوط.
وخلص تقرير المجلس إلى ضرورة المزيد من تضافر الجهود بين القطاع المكلف بالسكنى وباقي المتدخلين العموميين المعنيين (الجهة والجماعة، السلطات المحلية، …).
ومن أجل تجاوز النقائص المسجلة، أوصى المجلس بتحسين مراحل الاستهداف والبرمجة وبتعزيز آليات الوقاية من نشوء وانتشار السكن غير اللائق، وخاصة باللجوء إلى الوسائل التقنية الحديثة (تبادل المعطيات، المراقبة بالطائرات المسيرة).
كما دعا إلى اعتماد نهج متكامل للتنمية البشرية يتجاوز منطق “السكن” كهدف ليشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بالإضافة الى معالجة النقائص المرتبطة بتجهيز وربط مواقع الاستقبال، وذلك بغية تحقيق اندماج أفضل للساكنة في الأحياء والمساكن البديلة وتملكها لمجال عيشها،
وفي ما يتعلق بميدان اللوجستيك، أنجز المجلس خمس مهمات رقابية كانت موضوع خلاصة تركيبية أدرجت بهذا التقرير، مسجلا أن السوق الوطني الخاص بالخدمات اللوجستيكية والنقل الطرقي للبضائع يقدر بحوالي 26,5 مليار درهم سنة 2018، وهو ما يوفر ما قدره 445 ألف منصب شغل، مع استثمارات بالقطاع تقدر ب 8,25 مليار درهم.
ومن أجل تحسين أداء الجوانب التي شملتها المراقبة، أوصى المجلس الحكومة، وخاصة الوزارة المكلفة بالنقل واللوجستيك والوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية، بمراجعة الاستراتيجية الوطنية لتطوير التنافسية اللوجستيكية 2010-2030، وكذا الإطار العام لحكامة قطاع اللوجستيك، وتسريع وضع نموذج لتطوير وتسيير المناطق اللوجستيكية مع إعطاء دور أكبر للجهات، والتفكير في آليات تحفيزية وحلول تشاركية مع القطاع الخاص.
كما حث على الشروع في إنشاء ممرات لوجستيكية، وخاصة الممر “المغرب-طنجة المتوسط-العالم”، مع وضع هيكل حكامة فعال لهذا الممر اللوجستيكي بتنسيق مع الفاعلين الرئيسيين.
الإصلاح