الغلاء يضرب الأسر المغربية.. تدهور اقتصادي ومقترحات بديلة

تجتاح موجة الغلاء الأسر المغربية، حيث تحولت توقعات المؤسسات الوطنية والدولية إلى واقع ملموس في أسواق بيع الخضر والفواكه والمتاجر الكبرى والصغرى، ومحلات البيع ومحطات التزود بالوقود ونقاط بيع الحليب إلى غير ذلك، ما أدى إلى حالة من الاحتقان.

و نتج عن هذا الوضع تقهقر مؤشر ثقة الأسر المغربية، حيث تابع منحاه التنازلي استنادا إلى المندوبية السامية للتخطيط ليصل لأدنى مستوى له منذ بداية البحث عام 2008، وأكدت المندوبية أن نسبة الأسر التي صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال 12 شهرا السابقة بلغت 83.1 في المائة.

تدهور معيشة الأسر

أشارت مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط، إلى أن تطور مستوى معيشة الأسر خلال 12 شهرا الماضية آخذة في التدهور، مؤكدة أن 57.8 في المائة من الأسر صرحت بتدهور وضعيتها معيشتها مقابل 4.8 في المائة.

وفي سياق متصل، كشفت نتائج استطلاع الرأي الذي أنجزه “البارومتر العربي” حديثا، أن 65 في المائة من المغاربة غير راضين عن الوضع الاقتصادي المتردي، حيث عبر 62 في المائة منهم عن تخوفهم من أن ينفذ مخزونهم من الطعام قبل توفر النقود لشراء المزيد على مدار الأشهر الـ12 الأخير، بينما يقول 36 في المائة منهم إنهم كثيرا أو أحيانا ما ينفذ الطعام الذي يشترونه ولا تتوفر لهم النقود لشراء المزيد.

ارتفعت التمويلات السنوية الممنوحة من طرف البنوك التشاركية إلى نحو 21 مليار درهم، بنسبة تقدر بـ 31,5 في المائة.وتتوزع هذه التمويلات بالخصوص،

ووصل صدى موجة التساؤلات إلى البرلمان، حيث تقدمت فرق نيابية في مجلس النواب بعشرات الأسئلة الكتابية حول موجة غلاء الأسعار إلى رئيس الحكومة وستة قطاعات وزارية هي “الاقتصاد والمالية” وا”الفلاحة والصيد البحري”، و”النقل واللوجيستيك”، و”الصناعة والتجارة”، و”الشباب والثقافة والتواصل”، و”السياحة والصناعة التقليدية”، وذلك لاتصالهم بالدورة الانتاجية والاستهلاكية.

تباين غير مبرر

وفي ظل الغموض الذي يكتنف الوضعية وآفاقها المستقبلية، لاحظ البنك الدولي أن هناك تباينا كبيرا بين أسعار المنتجات الفلاحية في الحقول مقارنة بما هو عند تجار التقسيط في المغرب، معتبرا في تقرير أصدره بعنوان “الاستجابة لصدمات الإمداد” غير مبرر، مطالبا في الوقت نفسه الحكومة إلى تطبيق سياسات هيكلية لتخفيف القيود على سلاسل الإمداد.

ويشير تقرير البنك الدولي إلى تراجع معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي من 7.9% في 2021، أيام حكومة سعد الدين العثماني إلى ما يقدر بنحو 1.2% في 2022 حاليا، وفي الوقت نفسه ارتفع عجز الحساب الجاري من 2.3% إلى 4.1% من إجمالي الناتج المحلي.

وأكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي  في حوار مع جريدة الكترونية، أن الحكومة اتخذت إجراءات عملية من أجل عودة أسعار المنتجات الفلاحية إلى طبيعتها، مشيرا إلى أن مساحة إنتاج الخضروات في المغرب اليوم كافية وتلبي حاجيات السوق الوطنية.

كما كشف تقرير صادر عن مرصد العمل الحكومي، أن الاقتصاد المغربي تأثر بشكل مباشر من الأزمات العالمية، موضحا أن لها انعكاسات قاسية على أدائه وعلى ارتفاع نسبة التضخم والأسعار، وذلك لاعتماد المغرب الكبير على الاستيراد لتلبية حاجياته من المواد الغذائية الأساسية والتبعية الطاقية للخارج.

ولاحظ  المرصد ارتفاع فاتورة مشتريات المغرب من الغذاء من الخارج بنسبة تقارب 50 في المائة سنة 2022 لتصل إلى 86.72 مليار درهم مقابل 59.86 في المائة سنة 2021، مدفوعة بارتفاع واردات القمح والحبوب بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار على المستوى الدولي.

وسجل تقرير “التضخم وارتفاع الأسعار” ارتفاع الفاتورة الطاقية لتصل إلى 153.5 مليار درهم بزيادة قدرها 102% بالمقارنة مع سنة 2022، موصيا بضرورة الإصلاح الشامل للنظام القانوني لأسواق الجملة الذي يعود إلى سنة 1962، والتسريع بإخراج المراسيم التطبيقية لقانون مجلس المنافسة.

حلول لمواجهة الغلاء

ودعا التقرير الصادر عن مرصد العمل الحكومي إلى تعزيز آليات مراقبة وتتبع حركية الأسواق الوطنية وتطور أسعار المواد الغذائية الأساسية، وإيقاف المؤقت لاستخلاص عدد من الضرائب المتعلقة ببيع المواد الغذائية الأساسية موضوع أزمة غلاء الأسعار، وفي مقدمتها الضريبة على القيمة المضافة، خلال فترة الأزمة الحالية.

وأوصى التقرير بوضع آليات حقيقية للتسويق الإلكتروني، بتمكن المنتجين من توزيع منتجاتهم بما يضمن الفعالية وتوافق العرض مع الطلب، وبتسريع الانتقال الطاقي نحو الطاقات المتجددة واستغلال الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب، مطالبا  بتطبيق القانون فيما يتعلق بالاحتكار الممارس من طرف شركات المحروقات، وإيقاف العمل بالنظام الحالي لأسواق الجملة، وتجنيب المستهلكين أداء الهوامش الربحية الريعية.

من جانبه، اقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عدة إصلاحات لمواجهة موجة الغلاء التي تضرب المغرب. وكانت المندوبية السامية للتخطيط رجحت تسارع ارتفاع أسعار الاستهلاك بنسبة تقدر بنحو 6.4 في المائة خلال سنة 2022. 

ودعا المجلس في نشرة بعنوان “نقطة يقظة” إلى تسريع وتيرة إجراء بحوث للتقصي بشأن وجود أو عدم وجود سلوك مناف للمنافسة من قبل الفاعلين في قطاع المحروقات. 

ولاحظ المجلس وجود عوامل داخلية أثرت على الأسعار، وأدت لتوسع نطاق ارتفاع الأسعار ليشمل المنتجات غير التجارية. منها إشكالية ضعف تنظيم الأسواق الخاصة بالمنتجات الفلاحية وتعدد الوسطاء.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى