الإدريسي: القرآن الكريم لديه القدرة التقويمية لأحوال الأسرة والمجتمع

أكدت الدكتورة حنان الإدريسي النائب الثاني لرئيس حركة التوحيد والإصلاح، أن الحاجة كبيرة لتعميق البحث في المقاربة القيمية للأسرة، مشيرة إلى أن القرآن الكريم لديه هذه القدرة التقويمية لأحوال الأسرة والمجتمع.

وأضافت الإدريسي في محاضرة :“الأسرة في القرآن الكريم: التأسيس القيمي والمنهج البنائي” نظمها أمس الخميس 27 أبريل 2023 قسم الدعوة والعمل الثقافي، أن موضوع الأسرة تم مدارسته من خلال المقاربة الفقهية وهي مهمة إلا أنها غير رحبة وغير شاملة، ومن خلال المقاربة المقاصدية التي من خلالها يتم البحث عن كل مقصد من حكم فقهي، وأيضا من خلال المقاربة النضالية السياسية، إلا أن الحاجة كبيرة لمدارسة الأسرة في القرآن الكريم من الجانب القيمي، حيث أعطى القرآن أولوية قصوى للأسرة وفصّل فيها بشكل كبير، باعتبارها القضية الأكثر أهمية، والتي تبني الإنسان والحضارة.

وأوضحت الإدريسي أن الرهان لحل لمشاكلها هو حل قيمي بالدرجة الأولى، فثلاث أرباع التشريع القرآني خاص بالأسرة بدليل حضورها في الكثير من السور القرآنية، كما أنها ذُكرت في القرآن بصيغ : الآل والأهل والعشيرة وذوي القربى والرهط، حيث تميزت مناولة القرآن لقضايا الأسرة بالتناول الشمولي من خلال تحديد حقوق الأفراد من منطلق إدماجهم في الإسرة، فأعطى لكل فرد دوره في المجتمع من خلال الأسرة مقابل المقاربة التجزيئية التي تتبناها الرؤية الحديثة للأسرة اليوم.

وأشارت إلى أن القرآن ركز على قدسية الرابطة الأسرية وهي “الرحم”، على اعتبار أن صلة الأرحام مقترنة بالتوحيد وهو بعد معنوي عميق، ثم مفهوم الزوجية الذي يقابله الله الواحد الأحد، وهي نعمة ومنة من الله ومظهر من عظمة الله والانحراف عنها اليوم يوجب العذاب الشديد.

وركزت الدكتورة في كلمتها على الأخلاق داخل الأسرة، حيث أكدت أن الدين موصول بالأخلاق، وأن الأسرة هي منشأ العلاقة الأخلاقية، ففي ظل ما تعيشه الأسرة اليوم من تحديات، يتجلى دور الأخلاق وسط أفرادها “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه”، إلا أننا اليوم نشهد كيف أن الأسرة لم تعد تقوم بدورها الأخلاقي والقيمي.

وسلطت الدكتورة الضوء على جملة من القيم الأساسية التي تتعلق بالأسرة والعلاقة الزوجية اختارت منها:

قيمة التقوى، الذي تؤطر كل أعمال الإنسان المسلم، بل هي السياج الذي يؤطر كل علاقاته، فمنها تنطلق أعماله من التقوى ستقوم أسرته بأدوارها باعتبار أن التقوى :

  • أساس للكرامة عند الزوج والزوجة
  • وأساس للرابطة الزوجية
  • وأساس للمعاشرة الزوجية
  • وأساس لمعالجة مشكلة الزواج
  • وأساس لحسن تنفيذ أحكام الطلاق

قيمة المعروف، وهي قيمة جامعة ومهمة جدا حيث تكرر ذكرها كثيرا في كتاب الله فيما يتعلق بالعلاقة الزوجية وعلاقة المسلم بأسرته.

قيمة الفضل والعدل، فالعدل أساسي والفضل مرتبة أعلى منه، بل هو من طبيعة الإنسان وجزء من فطرته، واجتماعهما فيه خير كبير في توطيد العلاقة الزوجية واستمرار علاقة الأسرية، “ولا تنسوا الفضل بينكم”.

وختمت الدكتورة محاضرتها بنموذج التراحم الذي يقدمه القرآن الكريم حيث لا تستقيم كل القيم المذكورة سابقا إلا به، والذي عبرت عنه الآية الكريمة :”ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون”، مشيرة إلى أن نموذج الأسرة في القرآن نموذج تراحمي وليس نموذجا تعاقديا فقط، وإن كان النموذج التعاقدي مهم من جانب النصوص الفقهية وضبط الحلال والحرام، إلا أن النموذج الأهم هو النموذج الإيماني الأخلاقي الذي يسيجها بسياج التقوى والمعروف والمودة والرحمة، بأن يضحي الفرد فيها ويعدل ويحتسب للآخرة لكي تستمر الأسرة، مؤكدة على ضرورة أن ننتقل من ثقافة الواجب لثقافة الرحمة، ومن ثقافة الصراع إلى ثقافة المودة والرحمة والترابط، وعوض التنافس والأنانية لا بد أن ننتقل لمنطق التكامل في الأدوار، وعوض ثقافة الدنيا ننتقل لثقافة احتساب الأجر في الآخرة.

وأشارت إلى مفهوم عميق في كتاب الله يتعلق بالأسرة وهو مفهوم اللباس “هن لباس لكم وأنتم لباس لهن”، والذي يضمن امتدادا للحياة الزوجية، بحيث يصبح الزوجين ذاتا واحدا مما يضفي الثبات والاستقرار على الأسرة من خلال آلية الحوار والتفاهم وحل المشكلات التي تواجهها بمنطق المحافظة على هذا الكيان الاجتماعي، وهي مفاهيم قرآنية تكسب للأسرة المناعة الحقيقية والسعادة للبشرية.

موقع الإصلاح

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى