صدقي يكشف لموقع “الإصلاح” رأي “الرابطة المغربية للأمازيغية” في عدد من القضايا المستجدة (حوار)

بعد صدور الدستور المعدل للمملكة المغربية في 2011 والذي تميز باعتماد اللغة الأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية، سارعت الحكومة بعد ذلك إلى إعداد مسودة لقانون تنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والذي تم مناقشته كمشروع في غرفتي البرلمان في كل من لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسات المدينة بمجلس النواب ولجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين.

وصادق مجلس النواب، في جلسة عمومية يوم الإثنين 10 يونيو 2019، بالإجماع، على مشروع القانون التنظيمي 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، ليصادق بدوره مجلس المستشارين بالإجماع على النص النهائي للمشروع في 22 يوليوز 2019.

وصدر بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 6816، الظهير الشريف رقم 1.19.121 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية ليدخل إلى حيز التنفيذ رسميا . بعد أن أعطت المحكمة الدستورية الضوء الأخضر لخروج القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم إلى حيز الوجود.

وتتعلق المواد في القانون التنظيمي والتي نظرت المحكمة الدستورية في مطابقتها للدستور بالمواد 1 (الفقرتان الثانية والأخيرة) و2 (البند الأول) و3 و5 و8 (الفقرة الأولى) و9 و13 و30 (الفقرتان الأولى والثالثة) و33، حيث ليس فيها ما يخالف الدستور، مع مراعاة التفسير المتعلق بها؛ بأن باقي أحكام هذا القانون التنظيمي مطابقة للدستور.

وأمرت المحكمة الدستورية في قرارها الصادر يوم الخميس 5 شتنبر 2019، بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى رئيس الحكومة، وبنشره بالجريدة الرسمية.

بعد ذلك اتجهت الحكومة إلى سبل تنزيل هذا القانون التنظيمي وذلك عبر مدارسة مشروع مرسوم تأليف اللجنة الوزارية الدائمة المكلفة بتتبع وتقييم تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية رقم 2.60.600 والذي تم المصادقة عليها في مجلس حكومي يوم 3 شتنبر 2020. ودخل حيز التنفيذ بالجريدة الرسمية في 21 شتنبر 2020.

ويسود النقاش حول طبيعة نجاعة الإجراءات التي قد تتخذها الحكومة في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في ظل مطالبة عدد من هيئات المجتمع المدني بالتسريع في تعزيز رسمية اللغة الأمازيغية على أرض الواقع بعد مرور ما يقارب العشر 10 سنوات على اعتماد رسمية اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية كلغتين وطنيتين ورسميتين للبلاد.

وفي هذا الإطار أجرى موقع “الإصلاح” حوارا مع الأستاذ سليمان صدقي؛ رئيس الرابطة المغربية للأمازيغية، باعتبارها جمعية مختصة في الشأن الأمازيغي وذلك حول عدد من القضايا المرتبطة بالموضوع خاصة ملف تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.

وتناول رئيس “الرابطة الأمازيغية” عددا من النقاط أبرزها تشخيصه للتحولات التي عرفها الملف الأمازيغي في السنوات الأخيرة، وتقييمه لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بعد مرور عقد من دسترة الأمازيغية، واندماج الفعاليات في الحياة السياسية، ورأي الرابطة في التطور الذي عرفه ملف الصحراء المغربية، وتطبيع عدد من الأصوات الأمازيغية مع الكيان الصهيوني، وأخيرا أهم البرامج التي تعتزم الرابطة المغربية للأمازيغية القيام بها.

في السنوات الأخيرة عرف الملف الأمازيغي تحولات مهمة، كيف تنظرون لمختلف هذه التحولات ؟

بسم الله الرحمن الرحيم، شكرا لموقع الإصلاح الذي فتح لنا هذه النافذة مرة أخرى للتواصل حول قضايا تهم الشأن الثقافي واللغوي الأمازيغي.

في البداية لابد من الاقرار بالجهد المبذول خلال السنوات الأخيرة من أجل تنزيل المقتضيات الدستورية والقانونية المتعلقة بإقرار وحماية التعدد اللغوي والثقافي ببلادنا، خاصة ما تعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بإقرار القانون التنظيمي 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، والقانون التنظيمي 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

وفي هذا الصدد نسجل في الرابطة المغربية للأمازيغية بإيجابية عددا من الخطوات التي تقوم بها السلطة التنفيذية في هذا الباب، منها اصدار رئيس الحكومة مرسوما في دجنبر 2019 حول تفعيل مقتضيات القانون التنظيمي 26.16، والذي ألزم مختلف القطاعات الوزارية موافاة رئاسة الحكومة بمخططاتها القطاعية مصحوبة بجدولة زمنية تأخذ بعين الاعتبار التواريخ والآجال التي نصت عليها المادتان 31 و32 من القانون التنظيمي المذكور.

وكذا لقاء وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بعميد المعهد الملكي للأمازيغية نهاية دجنبر الماضي من أجل دراسة سبل تعميم تدريس اللغة الأمازيغية على الأسلاك التعليمية الثلاثة وفق المقتضيات الواردة في القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، في شقه المتعلق باللغة الأمازيغية وكذا القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والقانون التنظيمي رقم 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

اضافة إلى دخول النص التنظيمي القاضي بإحداث اللجنة الوزارية الدائمة لتتبع وتقييم تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية حيز التنفيذ، تفعيلا لمقتضيات المادة 34 من القانون التنظيمي 26.16، وغيرها من الخطوات والمبادرات التشريعية والتنظيمية.

وبطبيعة الحال، هذه الخطوات لا تعفينا من ابداء ملاحظاتنا حول مسار تفعيل الأمازيغية في الحياة العامة، التي سبق وأن عبرنا عنها في عدة محطات، وسيكون عدد منها ضمن المواضيع التي ستناقش في هذا الحوار.

انطلاقا من هذه القراءة، كيف تقيمون في الرابطة سير ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بعد حوالي عقد من دسترة الأمازيغية؟

كما أشرت في السابق، فملف الأمازيغية عرف في السنوات الأخيرة دينامية على المستوى الرسمي، إلا أن المقام يستوجب منا اعادة التذكير بعدد من ملاحظات الرابطة حول هذا المسار بغية تجويده وتطويره؛ نسجل منها اساسا:

  • تأخر اخراج المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية لحيز الوجود.
  • تأخر اخراج المخططات القطاعية الوزارية والجماعات الترابية والمؤسسات والمنشآت العمومية والمؤسسات والهيئات الدستورية، كما نص على ذلك منشور رئيس الحكومة السالف الذكر القاضي بوضع مخططات عمل تتضمن كيفيات ومراحل إدماج اللغة الأمازيغية في الحياة العامة.
  • استبعاد عدد من مقترحاتنا كمجتمع مدني حول عدد من المقتضيات القانونية والتنظيمية، المتعلقة بالترسانة القانونية التي تنظم تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
  • غياب التواصل المباشر مع مختلف الفاعلين المدنيين في الحقل الأمازيغي من طرف عدد من الفاعلين الرسميين. لذا سبق لنا وان اقترحنا في الرابطة خلق آلية تشاورية تجمع منظمات المجتمع المدني الأمازيغي مع مختلف الهيئات الرسمية ذات الصلة بالملف.

وغيرها من الملاحظات، التي نسعى في الرابطة المغربية للأمازيغية، تقديمها بحسن نية قياما منّا بأدوارنا كمجتمع مدني يروم التمكين والدفاع عن المكتسبات الدستورية والقانونية التي مكنت الأمازيغية من المكانة التي تستحقها كمشترك لغوي وثقافي وانساني يجتمع عليه كل المغاربة.

لعل أهم المجالات التي عرف فيها ادماج الأمازيغية تراكما نوعيا؛ قطاعي التعليم والإعلام، لكن في عدد من خرجاتكم اعتبرتم الحصيلة متواضعة، لما ترجعون ذلك؟

في حقيقة الأمر ومنذ 2001 عرف مسار الأمازيغية في المغرب تحولا نوعيا،  بعد خطاب أجدير واطلاق مبادرة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وادماج الأمازيغية في التعليم الابتدائي منذ 2003، وإطلاق قناة الأمازيغية في 2010.

لكن للأسف مسار تدريس الأمازيغية عرف تراجعا غير مفهوم عن هدف التعميم، فيما دخلت القناة الثامنة في الرتابة وسيطرت شركات انتاج معدودة ومعروفة على شبكة البرامج المنتجة (وهذا حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي رصد كذلك وجود اختلالات في التدبير المالي والاداري للقناة)، إضافة إلى منزلق تحوير الثقافة الأمازيغية لمجرد فولكلور استعراضي للمتعة والفرجة، والتغافل عن أبعاد الأمازيغية العلمية والثقافية والحضارية والتاريخية التي شكلت على الدوام لب الحضارة المغربية الجامعة. فيما باقي قنوات القطب العمومي وايضا الخاص، تنصلت من التزاماتها التي أقرتها دفاتر تحملاتها، التي نصت كلها على ضرورة احترام التعددية اللغوية والثقافية، وتخصيص ما لا يقل عن 20% من برامجها باللسان الأمازيغي، إلا أن العكس هو الحاصل، حيث عدد من القنوات والإذاعات تغيب فيها الأمازيغية مقابل حضور نوعي للبرامج الناطقة باللسان الأجنبي الفرنسي!

لذا فكل مرة تتاح لنا فيها الفرصة، نؤكد دعوتنا لكل الفاعلين في حقل الإعلام أو التعليم إلى احترام المقتضيات الدستورية والقانونية ببلادنا، وقد استبشرنا خيرا مؤخرا بعقد اللجنة المشتركة بين السلطة الحكومية المكلفة بالتربية والتعليم والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وكذا بإصدار الوزارة بلاغا صحفيا في 28 يناير تأكد فيه اعدادها لمشروع المنهاج الدراسي الجديد للغة الأمازيغية لسلك التعليم الابتدائي بتنسيق مع المعهد الملكي.

وفي هذا الصدد نجدد دعوتنا لمراعات مقتضيات المادة الرابعة من القانون التنظيمي 26.16، باشراك المجلس الوطني للثقافة المغربية والمجلس الأعلى للتربية والتكوين في كل عمل يروم تدريس اللغة الأمازيغية، كما ندعو الفاعل الرسمي إلى العمل بجدية وحزم من أجل انجاح هذا الورش الهام لتعميم تدريس الأمازيغية حسب المقتضيات الواردة في المادة 31 من القانون 26.16.

تم الاعلان مؤخرا عن التحاق عدد من الفاعليات الامازيغية ببعض الأحزاب السياسية، ما تعليقكم على هذه الخطوة؟

لا يمكن لنا إلا أن نكون مع حرية الانتماء والتنظيم ومع حرية التعبير والتفكير، وهذه الحقوق تدخل ضمن الحقوق الأساسية لأي فرد لا يمكن بأي حال من الأحوال التضييق عليها أو المزايدة حولها، وهي حقوق دستورية ثابتة لا جدال فيها. واسمحوا لي أن أسجل في هذا الصدد أن عددا ممن قرر اليوم الانتماء لهذين الحزبين السياسيين، كانوا في السابق من أشد المعارضين لتأسيس الرابطة المغربية للأمازيغية في السابق والمشوشين على تجربتها، وهاهم اليوم يسارعون الخطى من أجل القبول بتعددية الرأي وقواعد المنافسة الدمقراطية،  وهذا أمر ايجابي محمود.

لذا في اعتقادي الشخصي أرى أنها خطوة حميدة تدخل في مسار ايجابي وجب تثمينه وتشجيعه، لاعتبارين أساسيين؛ الأول ادماج جزء من الفعاليات الأمازيغية –بغض النظر عن وجهات نظرها- في دوامة تدبير الشأن العام واطلاعها بشكل مباشر على المشاكل التي يعاني منها المغاربة الاجتماعية والثقافية والتنموية في مختلف المناطق، بدل ركونها لمنطقة الراحة واقتصارها على تدبيج البيانات والبلاغات. والثاني؛ الدفع بهذه الفعاليات لمراكز صنع القرار خاصة أن المرحلة المقبلة ستشهد تنزيل القوانين المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.

وفي هذا الصدد، فالمشهد الحزبي والمدني ببلادنا والتنظيمات المهنية والثقافية، مطالبة اليوم بأخذ زمام المبادرة وتفعيل روح الإطار القانوني الناظم لتعددية الحقل اللغوي والهوياتي ببلادنا في ظل الثوابت الدستورية الجامعة. فالحفاظ على اللحمة الوطنية وتعدد مكوناتها ومشاربها مهمة ملقاة أيضا على المجتمع المدني وليس فقط الرسمي.

تظهر بين الفينة والأخرى بعض الاشكالات التي تهم ساكنة العالم القروي، يستغلها البعض لاثارة بعض النزوعات المتطرفة، خاصة فيما يتعلق بملفي التحديد الغابوي ومشكل الرعي الجائر. ما موقفكم في الرابطة حول ما يثار؟

تجدر الإشارة في البداية أن هذين الملفين، يعتبران من المشاكل التي تعاني منها مناطق عدة من ساكنة المجال القروي ببلادنا خاصة في المناطق الجنوبية، وللأسف تستغلها بعض الأصوات المتطرفة –كما قلتم- لنشر خطابات دعائية وتحريضية تهدد تماسك مجتمعنا ووحدته.

ومن منطلق احتكاكنا المباشر مع الساكنة المعنية المتضررة بالقضيتين على مدى سنوات، نرى في الرابطة أن هذين الملفين يمثلان مشكلا عويصا يحتاج لمقاربات عقلانية آنية ومنصفة لحله وانهائه. فبخصوص التحديد الاداري للملك الغابوي نعتقد بوجوب مراعاته عدة أمور أساسية، أولها فتح حوار مباشر مع الساكنة المعنية ومع فعاليات المجتمع المدني، وثانيها العمل على تحيين الإطار القانوني المنظم للعملية الذي يرجع للفترة الاستعمارية؛ حيث رمى الاستعمار منه نزع الملكية من السكان الأصليين المغاربة وتفويتها للسلطات الاستعمارية أو للمعمرين الأجانب وهو ما حول عددا من الأملاك الخاصة إلى أملاك عامة وضيعت بذلك حقوق الأفراد والجماعات، وثالثها استيعاب أن الساكنة المحلية تسكن بأملاكها فيما يسمى بالغابة منذ آلاف القرون، وتقتات من عائدات حقولها وأراضيها واشجارها المثمرة وتملك مستندات قانونية على ملكيتها لتلك الأراضي، وهذا ما طرح اشكالات قانونية لا تجيب عنها الظهائر المنتمية للفترة الاستعمارية ولا حتى التعديلات التي أدخلت عليها فيما بعد، فالحاجة ماسة لإعادة ضبط عدد من المفاهيم في هذا المجال كمفهوم الغابة؟ والاشجار والغطاء الغابوي؟ مع مراعات الخصوصيات المحلية لكل منطقة أو جهة، اضافة إلى اعادة ضبط مساطر التحديد وتفعيل بعضها. ومن الاشكالات القانونية المطروحة على سبيل المثال اعادة تعريف شجرة أركان، فهل هي شجرة غابوية أم شجرة مثمرة لا يميزها  شيئ عن بقية الأشجار المثمرة المزروعة في الأملاك الخاصة أو العامة، كشجرة الزيتون التي تشكل اليوم في بعض المناطق داخل وخارج المغرب “غابات” بمساحات شاسعة مملوكة للخواص… وهو الأمر الذي يدعو في النقطة الرابعة وزارة الفلاحة والمندوبية السامية للمياه والغابات سلك طرق جديدة منصفة على رأسها توفير الدعم المناسب التقني والمالي للساكنة القروية والفلاح الصغير، وتوسيع مساحات زرع هذه الشجرة المباركة، بدل محاولة الترامي على الاملاك الخاصة للساكنة المحلية بدعاوى مختلفة.

وبخصوص ملف الرعي الجائر، فإننا نسجل بإيجابية خطوة إخراج القانون 113.13  المتعلق بالترحال الرعوي وتهيئة وتدبير المجالات الرعوية  والمراعي الغابوية الصادر سنة 2016، ورغم عدد من الملاحظات التي يمكن ابدائها حول مضمون بعض مواده التي تحتاج لمراجعة واعادة صياغة، فنسجل للأسف ملاحظتين أساسيتين، أولا تأخر اخراج المراسيم التطبيقية لهذا القانون (التي تبلغ حوالي 18 نص تنظيمي حسب القانون)، ثانيا استمرار انتهاك كبار ملاك القطعان (كبار الفلاحين) عددا من مقتضيات هذا القانون، مع وقوفنا على الحياد السلبي الذي تمارسه السلطات العمومية في أغلب الأحيان، ما يؤدي إلى الانتهاك المستمر للأملاك الخاصة والاضرار بشجرة الاركان والمزروعات المعيشية لصغار الفلاحين، وهو الأمر الذي يقود لإثارة عدد من القلاقل خاصة في ما يسمى بممرات العبور يستغلها البعض لمآربه الضيقة.

حقق المغرب انتصارات مهمة ميدانية ودبلوماسية بخصوص ملف الصحراء المغربية، كيف تنظرون في الرابطة للتطورات الأخيرة؟

دعني أؤكد لكم في البداية، أن الرابطة منذ تأسيسها وهي تعبر عن انحيازها المبدئي للقضايا العادلة، وعلى رأس هذه القضايا قضية وحدتنا الترابية التي لا تقبل أي مزايدة أو مساومة، وهي قضية اجماع وطني منطلق من أسس شرعية وقانونية وتاريخية لا جدال فيها. لذا كان من أهم المبادئ التي انطلقت منها رابطتنا وأقرتها في وثائقها التأسيسية مبدأ الوحدة، رافضين كل دعوات الانفصال التي تغديها بعض الخطابات الشوفينية العنصرية، ومنها للأسف بعض الخطابات المتطرفة المعزولة التي يستغل أصحابها ورقة الأمازيغية.

لذا فنحن في الرابطة نحيي بحرارة كل الخطوات التي قام بها المغرب من أجل الدفاع عن حوزة الوطن ووحدته، ضد كل المحاولات الاستفزازية التي تمارسها عصابة الانفصاليين الأداة الوظيفية للنظام الجزائري المتهالك.

كما استغل هذه الفرصة لدعوة كل هيئات المجتمع المدني لإطلاق مبادرة وطنية، بمثابة مظلة جامعة تصطف فيها كل القوى الوطنية الحية ببلادنا للدفاع عن قضيتنا الوطنية الأولى.

تقوم بعض الأصوات الأمازيغية منذ سنوات بمحاولات لتطبيع العلاقات الثقافية مع الكيان الصهيوني واستغلال الورقة الأمازيغية، ومنها من قام بزيارات للكيان المحتل، كيف تقرؤون ذلك؟

دعني في البداية أوضح أمرا في غاية الأهمية، طالما شكل عنصرا هاما في تعميم مواقف نشاز لا تمثل أغلبية نشطاء الحركة الأمازيغية بل أغلبية المغاربة ناطقين بالأمازيغية أو العربية؛

فمن جهة؛ هذه الفئة التي ترفع في كل مرة ورقة الصهيونية وتتاجر بالقضية الأمازيغية وتستغلها مطية لتحقيق أغراضها الذاتية والشخصية، لا علاقة لها لا من قريب أو من بعيد بالحركة الأمازيغية التي تكاد تجمع كل أطيافها على رفض الجرائم البشعة التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.

ومن جهة أخرى؛ تاريخ هؤلاء في العمل الأمازيغي مجهول، نضالا أو انتاجا علميا أو عملا ثقافيا أو أدبيا أو مسارا أكاديميا، إلا بعض “القفزات الجندبية الفيسبوكية”.

وحتى ان وجد بعض المطبعين تارة باسم الأمازيغية أو أخرى باسم الجسم الصحفي أو باسم الأحزاب السياسية او الجمعيات المدنية، فهي تبقى مبادرات فردية معزولة ومرفوضة مجتمعيا، خاصة أن المجتمع الأمازيغي ومعه المغربي عموما يعرف جيدا معنى الحرية والكرامة، و معنى المعاناة والظلم، و معنى الاحتلال والاستعمار، ومعنى المقاومة والممانعة، و معنى الخيانة والتواطؤ..

ونحن في الرابطة المغربية للأمازيغية ما فتئنا نعبر بوضوح عن موقفنا الرافض لأي عملية تطبيع مع الاحتلال الصهيوني، مستنكرين كل جرائم هذا الكيان الغاصب، معلنين وقوفنا لجانب اخواننا الفلسطينيين لغاية بناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف كما وقف معهم أجدادنا الأمازيغ والدول المغربية المتعاقبة منذ عهد الخلافة الموحدية  قبل قرون خلت إلى اليوم.

كسؤال أخير، وبخصوص عمل الرابطة، ما هي أهم برامج عملكم التي تعتزمون القيام بها خلال هذه السنة؟

بعد المؤتمر الوطني العادي الأخير2019، صادقنا في المكتب الوطني للرابطة على مخطط استراتيجي ممتد على مدى أربع سنوات، يعتبر خارطة طريق موجهة لعملنا في الرابطة، ورغم أن سير عمل الرابطة تأثر بشكل كبير السنة الماضية بفقدان الأخ أيوب بوغضن رحمه الله المسؤول العلمي للرابطة وعضو مكتبها الوطني، ثم جائحة كورونا، فقد عملنا على الحفاظ على الحدود الدنيا للاشتغال حيث تم تنظيم النسخة الثانية من الملتقى العلمي الذي عرف نجاحا وتفاعلا نوعيين، وحملة تحسيسية بالأمازيغية بتعبيراتها الثلاث حول كوفيد-19، وعدد من اللقاءات التنظيمية والتأطيرية شارك في تأطيرها أعضاء المكتب الوطني، كما أصدرنا عددا من البلاغات تهم تفاعلنا مع ورش الترسيم القانوني للأمازيغية.

ونحن عاقدون العزم ان شاء الله في هذه السنة على مضاعفة وتنويع طرق اشتغالنا وفقا لتوجهات مخططتنا الاستراتيجي؛ حيث سنعمل على تطوير عمل الرابطة تنظيميا، وتعزيز حركيتنا في البحث والانتاج العلمي والثقافي، وكذا تأهيل قدرات منتسبي الرابطة الترافعية، وبطبيعة الحال سيتم ذلك مع مراعاة الأوضاع الصحية ببلادنا، التي نسأل الله تعالى أن يعجل برفع هذا الوباء والبلاء عنا انه سميع مجيب الدعاء.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى