هيرات: بات من الضروري رفض ظاهرة العنف ضد النساء اجتماعيا وثقافيا وأخلاقيا
أكدت فاطمة الزهراء هيرات أستاذة القانون العام والعلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي، أن المغرب راكم إنجازات مهمة في مجال محاربة ظاهرة العنف ضد النساء، ويمكن القول أن دستور 2011 شكل منعطفا أساسيا بترسيخه لقيم المساواة بين الجنسين، وتجريمه صراحة لكل أشكال التمييز السلبي، كما أقر مبدأ المناصفة واعترف بعدد من المؤسسات الدستورية بهذا الخصوص.
ولعل صدور القانون 13-103 بتاريخ 22 فبراير 2018 لمحاربة العنف ضد النساء لأول مرة في تاريخ المغرب وهو من القوانين القليلة في العالم العربي، شكل نقطة تحول مفصلية، حيث جرم جميع أشكال العنف التي أصلها مفاهيميا، وأحدث آلية فعالة للتكفل بالنساء ضحايا العنف، تعززت بإنشاء “اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف” في سبتمبر 2019، لضمان التنسيق بين مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية، وطنيا وترابيا، تلا ذلك مجموعة من المبادرات في زمن الجائحة، أهمها إحداث لعشرات مراكز للتكفل بالنساء ضحايا العنف خلال الحجر الصحي، وغيرها من المبادرات، كما كان التفكير في وضع بروتوكول لوقاية النساء ضحايا العنف والتكفل بهن، واستراتيجية وطنية جديدة لمناهضة العنف ضد النساء 2021-2030، بتشاور مع الشركاء الوطنيين مركزيا وترابيا.
“فلننه العنف ضد المرأة الآن”، موضوع احتفالية الأمم المتحدة باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة |
وأضافت هيرات في تصريح لموقع “الإصلاح” بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء، أن فئة كبيرة من النساء لاتزال تعاني بسبب الأوضاع الهشة التي تعيش فيها، وأيضا بسبب الجهل بحقوقها وفق ما نص عليه هذا القانون، مشيرة إلى أن النصوص عموما يمكن القول، أنها تحترم المعايير الدولية بهذا الصدد، فهي تتنوع بين ما هو حمائي وما هو زجري، ووجب التعرف عليها من قبل النساء اللاتي تعانين من ظاهرة التعنيف، وأيضا النساء اللاتي يرغبن في الحصول على حماية قانونية وفعلية ضد العنف، كما أن من المهم أيضا للرجال التعرف على هذه النصوص لضمان حقوقهم والالتزام بواجباتهم تجاه النساء.
وأشارت هيرات إلى أهمية وظيفة المجتمع المدني بهذا الخصوص حتى تتكامل الجهود للقضاء على هذه الظاهرة، لا سيما مع تزايد وارتفاع الإحصائيات المتعلقة بالعنف ضد النساء والتي لا يمكن التفريق فيها بين العالم القروي والحضري، ولا فيما يخص المستويات الاجتماعية والتعليمية للأسر المغربية، حيث بات من الضروري اجتماعيا وأخلاقيا وثقافيا رفض الظاهرة، عن طريق التوعية بها وتقوية سبل القضاء عليها، بالإضافة إلى العمل على تفعيل القوانين وتقييمها بل تقويمها وتعديلها بالشكل الذي يسمح بتقليص الظاهرة المتنامية ولم لا القضاء عليها.
وبخصوص تطبيق هذا القانون الذي يعرف الكثير من التعثرات، أكدت الأستاذة على الحاجة إلى إدماج مقاربة تعتمد التربية على قيم احترام المرأة وتكريمها وتقدير مكانتها، وبث هذه الثقافة في المناهج والمقررات الدراسية وفي وسائل الإعلام والتواصل الحديثة، وعدم الاقتصار على القوانين والمقاربة الزجرية لوحدها والذي من شأنه معاقبة كل عنف ضد النساء ولكن لن يحقق لوحده الردع، فيما الحاجة ماسة لاعتماد مقاربة مندمجة تحتل فيها التربية والبناء الثقافي والفكري موقعا متقدما.
س.ز / الإصلاح