بيان حركة التوحيد والإصلاح حول تتبع الموسم الدراسي والجامعي (2020-2021)

أصدرت لجنة التعليم التابعة لحركة التوحيد والإصلاح بيانا بتاريخ 24 ماي 2021، حول قضايا التربية والتعليم والتكوين باعتبارها فاعلا مدينا، رصدت من خلاله المسار الذي شهده هذا القطاع في ظل جائحة كورونا.

وأكد البيان على ضرورة تنزيل القانون الإطار رقم 51.17 على ضوء الرؤية الإستراتيجية مع ضرورة الالتزام بالمقاربة التشاركية، والتعجيل بإصدار النصوص التشريعية والتنظيمية مع الالتزام بالثوابت الدينية والوطنية المنصوص عليها في الدستور، بالإضافة إلى تعزيز مكانة اللغتين الرسميتين للبلاد العربية والأمازيغية في الحقل التعليمي وتطوير المقاربات البيداغوجية الخاصة بكل منهما.

 

وفيما يلي نص البيان:

تتابع حركة التوحيد والإصلاح باهتمام بالغ قضايا التربية والتعليم والتكوين، وذلك باعتبارها فاعلا مدنيا تدخل هاته القضايا ضمن اهتماماته وانشغالاته لما لها من دور حاسم في بناء الإنسان الركيزة الأساس في كل مشروع تنموي.

وقد واكبت الحركةُ الإصلاحَ الأخير لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بالتفاعل الإيجابي عبر المقترحات والمذكرات والبلاغات والبيانات التي كان آخرها البيان المتعلق بالدخول المدرسي والجامعي 2020/2021. وذلك في سياق اتسم بتدبير القطاع في ظروف استثنائية فرضتها جائحة كورونامن جهة، ومسارعة الوزارة لتنزيل كثير من مقتضيات القانون الإطار 51.17ـ من جهة ثانية.

وحركة التوحيد والإصلاح وهي تتابع مختلف هذه التطورات تبدي الملاحظات الآتية:

أولا: التعليم في ظل جائحة كورونا:

رغم المحاولات التي بذلتها الجهات الوصية في تدبير الزمن المدرسي والجامعي واعتماد أنماط مختلفة تنوعت بين الحضوري والتعليم عن بعد والتعليم التناوبي حسب ظروف المؤسسات، إلا أن التنزيل لم تكن نتائجه في المستوى المأمول، الأمر الذي جعل استفادة المتعلمين الفعلية لا تتجاوز في الغالب 50 بالمائة متمثلة أساسا في الحصص الحضورية، وهو ما فرض على الوزارة مؤخرا تحيين الأطر المرجعية للامتحانات الإشهادية، وتخصيص ما بعد عطلة عيدالفطر للدعم استعدادا لهاته الامتحانات. الأمر الذي يطرح إشكالية مدى تمكن المتعلمين من الكفايات اللازمة لمسايرة المستويات العليا، فضلا عن كون هاته الأطر المرجعية لم تنل رضى الكثير من المتدخلين التربويين وكذا ممثلي الآباء والأولياء. ناهيكم عن صعوبة توفيق الأساتذة بين مذكرات تدعو لإتمام المقررات وأخرى تؤكد على تخصيص الفترة المتبقية للدعم استعدادا للامتحانات.

ثانيا: استقرار القطاع:

رغم ظروف الجائحة والإجراءات الاحترازية، فقد شهد الموسم الدراسي وما يزال احتجاج الكثير من الفئات، حتى لا نكاد نجد فئة راضية عن وضعها وانتسابها للقطاع، ولا شك أن لهذه التوترات والاضطرابات أثرها السلبي الواضح سواء على صورة رجال ونساء التعليم ومكانة المهنة في المجتمع، فضلا عن أثرها النفسي على العاملين في القطاع خصوصا الأساتذة الذين يقدمون الخدمة التربوية التعليمية المباشرة للمتعلمين. إضافة إلى تأثيرها الواضح على تأمين الزمن المدرسي للمتعلمين.

ثالثا: تنزيل القانون الإطار 51.17

إن المتتبع لمحاولات الوزارة الوصية لتنزيل القانون الإطار يخرج بملاحظات أهمها:

  • استفراد الوزارة واستعجالها بتنزيل قضايا واردة في القانون الإطار، لكنها تحتاج إلى نصوص لم تصدُر بعد، أو إلى استطلاع رأيِ هيئةٍ لم يُطلب منها بعدُ إبداؤه، أو إلى تشكيل هيئة لم تخرج بعد للوجود.

ومن ذلك على سبيل المثال الهندسة اللغوية ولغات التدريس ومراجعة المناهج والبرامج وتغييرها في غياب اللجنة الدائمة للبرامج والمناهج وصدور النصوص التنظيميةذات الصلة.

  • السعي لفرض وضع لغوي لا يتناسب مع الرؤية الاستراتيجية ولا يستند إلى نص تشريعي، ومن ذلك إعمال التناوب اللغوي في التعليم الابتدائي في المواد العلمية دون استناد إلى هندسة لغوية رسمية.
  • التأخر البين في إصدار النصوص التشريعية والتنظيمية التي يحيل عليها القانون الإطار. والتي تعد شرطا أساسيا لتنزيل الإصلاح.
  • التأخر في خروج هيئات الحكامة التي ينص عليها القانون الإطار إلى حيز الوجود، رغم ارتباط الكثير من مشاريع الإصلاح بها (اللجنة الدائمة للبرامج والمناهج نموذجا).

رابعا: التطبيع وخطورته على النظام التربوي:

تُعَدُّ المنظومة التربوية المغربية من أهم حصون الممانعة التي خرجت أجيالا تعتز بهويتها وبدور المملكة المغربية المستمر في دعم القضية الفلسطينية والاعتزاز  بمسؤولية القدس الشريف، لكن الملاحظ أن حضور هاته القضية في مناهجنا الدراسية وفضاءاتنا التربوية انحسر كثيرا في السنين الأخيرة، وبدل العمل على معالجة الأمر واستدراك التقصير، نُفاجأ بمسارعة مسؤولين عن القطاع إلى تصريحات وخطوات تطبيعية مستغربة مع الكيان الصهيوني في خلط واضح لمفاهيم لا أحد يجادل فيها كالتسامح وتنوع روافد الشخصية المغربية، مع مفاهيم مغرضة مآلاتها هي اختراق الفكر الصهيوني للمنظومة التربوية، وما قد ينتج عن ذلك من مسخ لهوية الأجيال القادمة.

وقياما من حركة التوحيد والإصلاح بواجب النصح، والإسهام في الارتقاء بمنظومتنا التربوية، في ظل التشبث بالهوية المغربية كما عكسها الدستور، فإنها تجدد التأكيد على الأمور الآتية:

  • ضرورة التعجيل ببلورة “النموذج الجديد للمدرسة المغربية”، باستثمار ما قدمته الرؤية الاستراتيجية، وإشراك الخبراء والفاعلين الوطنيين ومختلف المتدخلين في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
  • تنزيل القانون الإطار على ضوء الرؤية الإستراتيجية التي جاء القانون الإطار ليضمن حسن تنزيلها واستمرارية إصلاحاتها، ولم يأت لإلغائها أو الحلول كليا محلها.
  • الالتزام بالمقاربة التشاركية في تنزيل مقتضيات القانون الإطار، وذلك بإشراك مختلف الفاعلين وذوي الخبرة والاختصاص، وتجنب القفز على المراحل أو الانتقاء في الإصلاحات.
  • التعجيل بإصدار النصوص التشريعية والتنظيمية التي يتطلبها تنزيل القانون الإطار 51.17، مع تجنب “الاجتهادات” الإقليمية والجهوية التي لا تنتظر صدور هاته النصوص المهيكلة والمؤطرة، وإنما تعيد إنتاج ممارسات عانت منها المنظومة في الإصلاحات السابقة (الميثاق- البرنامج الاستعجالي).
  • الالتزام بالثوابت الدينية والوطنية المنصوص عليها في الدستور، عند صياغة تلك النصوص التشريعية والتنظيمية.
  • التزام الحكامة في مراجعة المناهج والبرامج، وإنتاج الكتب المدرسية، وتفعيل اللجنة الدائمة للبرامج والمناهج وضمان تنوع مكوناتها واستقلاليتها، واتخاذ الضمانات الكفيلة بمراجعة جذرية لهذه البرامج والمناهج بدل الاكتفاء بمراجعات جزئية.
  • تعزيز مكانة اللغتين الرسميتين للبلاد العربية والأمازيغية في الحقل التعليمي وتطوير المقاربات البيداغوجية الخاصة بكل منهما.
  • السعي لتجنيب القطاع كل مظاهر التوتر، بما يعيد الأمن النفسي والشعور بالاستقرار الاجتماعي للأساتذة خاصة، ومختلف الفئات عامة، وذلك بالحوار المسؤول ومراجعة الأسباب الحقيقة للمشاكل بدل الترقيع المستمر لمظاهرها.
  • السعي لتطوير مؤسسات التعليم العالي، وإحداث ودعم بنيات البحث العلمي، وتشجيع الباحثين في مختلف المجالات بما يليق بمكانة التعليم العالي والبحث العلمي.
  • مواكبة الدولة لتنويع لغات التدريس في التعليم العالي، وفتح مسالك دراسية علمية باللغة العربية، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بنجاحها.
  • التعجيل بإخراج المجلس الوطني للبحث العلمي، ووضع استراتيجية وطنية شاملة للبحث العلمي باعتباره من أهم ركائز أي نموذج تنموي.
  • التمييز بين تنوع روافد الشخصية المغربية التي لا مانع من انعكاسها في البرامج الدراسية، وبين التوظيف السيء لهذا الأمر في مبادرات تربوية تطبيعية مع الكيان الصهيوني الغاصب نراها مرفوضة مبدئيا ولا نقبل أي تبرير لها.

    وختاما لا يسعنا في حركة التوحيد والإصلاح، إلا تجديد الاعتزاز بهويتنا المغربية المتأصلة والمنفتحة على الكسب الإنساني دون استلاب، مع تثمين كل جهد يبذل في سبيل الارتقاء بمنظومتنا التربوية لما فيه خير مجتمعنا وأجياله القادمة، ودعوة كل المتدخلين للتعاون في هذا السبيل، وتجاوز كل احتقان يؤدي إلى المس بالمكانة الخاصة التي يستحقها التعليم وأهله في كل مجتمع.

– إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله –

والحمد لله رب العالمين

 

وحرر بالرباط في 12 شوال 1442هـ الموافق لـ 24 ماي 2021م

حركة التوحيد والإصلاح

لجنة التعليم

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى