خلال مشاركته بأسبوع الأسرة لجهة الوسط.. شيخي يعدد معالم مركزية الأسرة في المشروع الإصلاحي للحركة
اختتمت نهاية الأسبوع الماضي فعاليات أسبوع الأسرة الجهوي الذي نظمته حركة التوحيد والإصلاح بجهة الوسط من 6 يوليوز إلى 12 منه عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وتطبيق زووم.
وتميزت الجلسة الأولى لأسبوع الأسرة الجهوي بمشاركة رئيس حركة التوحيد والإصلاح الأستاذ عبد الرحيم شيخي في مداخلة بعنوان “مركزية الأسرة في المشروع الإصلاحي لحركة التوحيد والإصلاح”.
وأكد رئيس الحركة على أن الأسرة هي الوحدة الأساسية في المجتمعات والكل يوليها اهتماما انطلاقا من مرجعيته سواء كانت سماوية أو دنيوية للعناية بهذه الوحدة التي تعتبر حصنا حصينا وتعتبر النواة الأساسية للمجتمعات والدول والحضارات.
وأشار شيخي في مداخلته إلى ان الحركة إيمانا منها بأهمية هذه المؤسسة فهي توليها اهتماما خاصا ظهر ذلك على مدى عملها منذ عقود في كثير من الأنشطة والبرامج الموجهة لمختلف أفراد الأسرة رجالا ونساء وشبابا وأطفالا، وأيضا من خلال عدد من الحملات الدعوية التي تركز على عدد من القيم التي يجب أن تسود في هذه المؤسسة.
وتابع رئيس الحركة في حديثه أن هذه الحملات والبرامج قد تكون محلية وجهوية لكن في غالب الأحيان كانت تكون وطنية واجتهدت فيها الهيئات المسيرة لحركة التوحيد والإصلاح ليس فقط لاستهداف أعضاء الحركة والمتعاطفين معها والمستفيدين من برامجها ولكن لكي تشيع هذه القيم والأفكار وتعرف بهذه الأدوار وتحفظ هذه المؤسسة في المجتمع المغربي ككل، فتوجهت إلى الشعب المغربي بحملاتها، وتاريخ الحركة القريب والبعيد شاهد على ذلك.
وأفاد شيخي إلى أن هذه الخبرات والتجارب والبرامج المتفرقة والمتنوعة والتي كانت دائما ترد في مخططات الحركة وبرامجها، ارتأت قيادة الحركة في المرحلة السابقة وخلال هذه المرحلة أيضا أن تشتغل على مشروع جامع مهيكل لهذه الأعمال ألا وهو مشروع الأسرة، الذي تم إنجازه بعد جهد جهيد بتشاور موسع وبطريقة تشاركية بالتعاون مع مختلف المتدخلين في مجال الأسرة، وهذا أمر يظهر بالنسبة لأبناء حركة التوحيد والإصلاح أهمية ومركزية هذه البنية وهذه المؤسسة، ولم نتركها فقط لبرامج قد تكون موحدة أو جزئية أو مرحلية أو لحظية تأتي مرة من السنة لكن أن تحدث لها مشروعا متكاملا يستوعب كافة مراحلها وكافة الأبعاد المطلوبة للعناية والاهتمام بهذه المؤسسة.
فبالإضافة إلى هذا التاريخ، يقول شيخي، “فحركة التوحيد والإصلاح في ميثاقها الذي يعد الورقة التصورية للحركة التي تجد فيها المبادئ التي تأسست عليها هذه الحركة والتي تشتغل على أساسها ابتغاء وجه الله والدار الآخرة وغيرها من المبادئ، وأيضا الخصائص المنهجية ثم المقاصد الأساسية، جعلت من الإسهام في إقامة الدين على مستوى الأسرة في صدارة المقاصد المتفرعة عن المقصد الأساسي للحركة المتمثل في الإسهام في إقامة الدين الذي يتفرع عنه عدد من المقاصد الفرعية.
وأضاف شيخي أنه “قد ورد في الميثاق أننا نعتبر الأسرة مؤسسة لها حرمتها ومكانتها السامية المنبثقة من الميثاق الغليظ الذي يجمع بين الرجل والمرأة والذي يجب أن تصان حقوقه وشروطه وتقام أحكامه وما يترتب عن ذلك من تكاثر وقرابات وارتباطات اجتماعية واجبة الرعاية والتعظيم مستمدين ذلك من روح الإسلام الذي أعلى من شأن الأرحام وجعلها معلقة بعرش الرحمان كما جاء في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله”. وقد جمع الله تعالى بين الإفساد في الأرض وقطع الأرحام فقال “هل عسيتموا إن توليتموا أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم”.
ونوه شيخي في هذا الإطار أنه لم يكن بدعا أن نجد تفصيلا في الأحكام التشريعية لديننا الحنيف تحتفي غاية الاحتفاء بشؤون الأسرة وما يدخل في إطارها هذه من الأمور التي تركز عليها الحركة انطلاقا من مرجعيتها الكتاب والسنة.
وما يظهر مركزية هذا المشروع أيضا حسب رئيس الحركة “أنه في برامجها ومخططاتها تعتني بالأسرة كمدخل للعناية بمختلف مكوناتها بالرجل والمرأة والأولاد، والعناية بالمرأة لما لها من مكانة ودور مهم في بناء الأسرة وتماسكها وكذلك في تنمية المجتمع وتطويره وذلك بالاهتمام بها في جميع مراحل عمرها والعمل على تحسين أوضاعها تعليما وتربية وتثقيفا وتوعية وأيضا صيانة لكرامتها وحقوقها ورفع كل أشكال الحيف والتهميش والابتذال والاستغلال الذي تتعرض لها سواء باسم التقاليد والمحافظة أو باسم التقدم والمعاصرة أو بدوافع شهوانية أو لأغراض تجارية”.
وفي المقابل يقول شيخي “أيضا العناية بالرجل توجيها وتأهيلا وتأطيرا للقيام بمسؤولياته لما له من مكانة ودعم مهم في بناء الأسرة وتماسكها فغالبا ما ينصرف الاهتمام أننا عندما نتحدث عن الأسرة ننصرف إلى المرأة وكأنها هي التي يلقى على عاتقها كاهل التربية والعناية بالأبناء والزوج وبمختلف أبعاد العناية. لكن لا بد أن نعتني بالرجل وأن نوجهه وأن نؤطره لأن له دورا كأب في هذه المؤسسة مؤسسة الأسرة حتى يقوم بدوره ويتحمل مسؤوليته العائلية فهو إن كان له دور أساسي في الرعاية والكسب لكن له أيضا دور مهم في تربية الأولاد وفي غرس القيم في مختلف مراحلهم العمرية”.
ومما يظهر مركزية الأسرة في مشروع الحركة أيضا حسب رئيس الحركة “اهتمامها بالابناء على مستوى الأسرة أبناء وبنات تربية وتعليما وتحصيلا من خلال البرامج إما تقدمها مؤسسات وهيئات الحركة وإما بالتعاون والتكامل مع هيئات جمعوية موجودة في الساحة، إما أحدثها أعضاء الحركة أو أسهموا إلى جانب أفراد في المجتمع في إحداثها لتهتم بهذه الفئة العمرية التي تحتاج إلى حماية ورعاية خاصة تتكامل مع دور الأسرة”.
واعتبر شيخي أن مؤسسة الأسرة لها دورها وأهميتها ومركزيتها عند شعوب العالم ككل لذلك جعلت من حماية الأسرة أحد القضايا الإنسانية العادلة التي تستوجب التعاون والمناصرة، ليس فقط بين المسلمين لكن بين المسلمين وكل ذوي النيات الحسنة سواء من الأديان الأخرى أو من مرجعيات أخرى تود أن تحافظ على مكانة ورمزية هذه الأسرة، حيث لا تقتصر القضايا الإنسانية التي تسعى وتدعو الحركة إلى مناصرتها إقليميا ودوليا على القضايا السياسية العالمية بل الحركة أيضا مطالبة بالاهتمام بقضية الأسرة وبقية القضايا ذات الطابع الاجتماعي والحقوقي والثقافي والقيمي.
وطرح شيخي في هذا الإطار مسألة حماية الأسرة والعناية بالمرأة ورفع كل أشكال الظلم الاجتماعي وهو ما تسعى الحركة إلى التفاعل معه بما يسمح لها من وسائل وقنوات اتصال وأيضا من خلال شراكاتها مع المجتمع المدني والمنظمات المختصة في المجال بشكل عام.
وأضاف رئيس الحركة “مما يظهر ويبين مركزية الأسرة في مشروع حركة التوحيد والإصلاح أن الحركة جعلت من الإنسان الصالح المصلح الذي يسعى للتحقق بأخلاق الاستقامة والإسهام في إصلاح مجتمعه في صلب رسالتها ومنهجها في الإصلاح. يمكن أن نركز على مجالات محددة وعلى وظائف أساسية كالدعوة والتربية والتكوين ويمكن أن يقدر ويجتهد غيرنا أن يعتبر في أن المدخل السياسي أو المدخل الثقافي أو المدخل الاجتماعي هو المدخل لإصلاح المجتمع والدولة وإنشاء وبناء الحضارة. لكن أي مدخل اختاره أي أحد فإنه لا بد أن يقوم على الإنسان الصالح المصلح المتحقق بأخلاق الاستقامة والمتحقق بأخلاق وقيم الإصلاح في المجتمع ولذلك فهذا الاستهداف يستهدف الإنسان لينجح في تدبير وإحداث الإصلاح في مختلف المجالات”.
ونبه شيخي إلى ان حركة التوحيد والإصلاح وهي تركز على بناء الإنسان تجعل من الأسرة هي الوحدة المركزية في هذا الإنشاء والاهتمام، فالطفل يولد في ظل أسرة وترعاه جسديا وماديا ولكنها أيضا ترعاه قيميا وتربويا وأخلاقيا، وكما يرضع حليب أمه فإنه يرضع ثقافته وثقافة أمه وقيم أسرته في هذه الوحدة الأساسية التي اصبحت اليوم تتعرض بحكم التطور الذي شهده العالم بحكم تطور الأسر وتطور خروج النساء والرجال للعمل استجابة لمتطلبات الحياة من أجل متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الأمور التي حدثت.
وخلص رئيس الحركة إلى أن هذه التطورات أثرت على الأدوار الأساسية لهذه البنية لكنها لا زالت إلى اليوم كما كانت عبر التاريخ هي الوحدة الأساسية لبناء الإنسان وتلقينه وتربيته على قيم المجتمع صالحة كانت أو فاسدة، لذلك نحن في مجتمعاتنا الإسلامية وكذلك في الحركة نقدر أن اهتمامنا بهذه الوحدة يحمي أبنائها وبناتها من كافة أشكال التأطير الأخرى التي بدأت تأخذ اشكالا متعددة في واقعنا المعاصر وأصبح يكون لها من التأثير مما كان من ذي قبل. فالمدرسة هي مؤسسة أيضا وتؤثر في تربية الأبناء وفي تأطيرهم وفي إعطائهم قيما جديدة أو تبرز أهمية البعض منها وتجعل قيما أخرى ترجعها إلى الوراء. أيضا هناك مؤسسات الإعلام التي أصبحت ايضا اليوم تؤثر وهذا الإعلام الذي تطور ليصبح إعلاما رقميا في متناول الجميع وفي متناول الأسر وفي متناول الأبناء.
وذهب شيخي إلى أن هذا الإنسان الصالح المصلح الذي تسعى كافة الحركات التغييرية والإصلاحية إلى بنائه فإن الضمانة الأساسية تبقى هي مؤسسة الأسرة التي هي تلك الحصن وتلك الذرع المتين الذي يجد فيه الإنسان استقرارا وسكينة، ليس فقط بين الرجل والمرأة ولكن أيضا بين الأبناء وأيضا بين الأسرة بمفهومها الممتد فنحن لا نحصر الأسرة هناك الأحفاد وهناك الأصول الأجداد والجدات. وبهذه القيم الأساسية نجعل من هذه المؤسسة محمية وأنها تنتج الأخلاق والتربية والإنسان الصالح المصلح المؤثر في مسارات بلده وأمته والإنسان على المستوى العالمي.
ومن الأمور التي تبرز مركزية هذا المشروع يضيف شيخي – “أن الحركة دائما كانت تفكر وتعد البرامج وتنزل البرامج المتعلقة بالأسرة لكن ما كان يشوبها في بعض الأحيان أنها لم تكن متواصلة ومستمرة ولم تكن تستوعب كافة الأبعاد والمكونات أو في بعض الأحيان الزمن قد لا يكون مناسبا وملائما. على خلاف السنوات السابقة فهذه الحملة ليست كباقي الحملات وإن اشتركت معها في العناصر المكونة للحملات، لأنها اليوم تندرج في مشروع للأسرة له أهداف ومشاريع عمل وله روافع محددة اجتهد فيها إخوانكم وأخواتكم في قيادة الحركة، حتى نبرز وننزل ونثبت لأنفسنا وغيرنا على أننا إن كنا نقول أن حركة التوحيد والإصلاح تجعل من الأسرة كوحدة شيئا مهما ومركزيا، فإنها أولتها عناية أيضا في محاولة إيجاد ما يظهر ذلك، فهذا المشروع الذي نقوم عليه وهذه الحملات الجهوية ومنها الحملة التي تقوم بها جهة الوسط تندرج في إطار تحقيق الأهداف الآتية:
- هدف1: إعادة الاعتبار لمؤسسة الأسرة تعريفا بقيمتها ومركزيتها وجعل قضاياها حاضرة في مختلف جوانب المشروع الإسلامي.
- هدف 2: الإسهام في حماية الأسرة وتقوية مناعتها بالإسهام في تأهيل الشباب للحياة الأسرية في مختلف مراحلها، وتكوين المتدخلين في مجال الأسرة لتعزيز قدراته، وتعزيز دور الوساطة لمواجهة الصعوبات للترافع لصالح الأسرة وقضاياها على المستوى الحقوقي وفي التشريعات الوطنية، وتعزيز حضور الأسرة في السياسات العمومية وبناء تحالفات للدفاع عن الأسرة إقليميا ودوليا
- هدف 3: تفعيل الأدوار الأساسية للأسرة، تفعيل هذه الأدوار للأسرة سواء في مجال التنشئة الاجتماعية وفي مجال التماسك المجتمعي وفي مجال التربية والتعليم، وفي مجال تأهيل الأفراد للقيام بأدوارهم في المجتمع على الوجه المطلوب.”.
وأضاف رئيس الحركة أن هذه الأهداف التي ترنو الحركة من خلال هذا المشروع بتعاون أيضا مع كافة المتدخلين أن تقوم بها بإذن الله ليس في سنة أو سنتين لكن على مدى عقد من الزمن أو أكثر إبرازا لأهمية هذا المشروع وإبرازا لمركزية هذه المؤسسة التي يجب أن نتناولها كوحدة منسجمة لا أن نتطرق أو نوجه البرامج لكل فرد فيها على حدة.
وعبر شيخي عن سعي الحركة إلى إيجاد برامج تربوية ودعوية وتربوية وتأطيرية ودراسات حول هذه الوحدة والمؤسسة التي هي مؤسسة نوعية ومركزية، ودائما ما يستشهد إضافة إلى هذه الأمور بمقتطف من الدواعي التي ركز عليها في صياغة هذا المشروع، حيث أننا رصد في هذا المشروع عددا من الدواعي القيمية والأخلاقية. وتم الرجوع أثناء إعداد هذا المشروع إلى تقارير النيابة العامة التي تصدرها كل سنة حول قضايا الأسرة وقضايا الجرائم الماسة بنظام الأسرة والأخلاق العامة وقضايا العنف ضد الأطفال، وهناك أرقام معبرة في هذا المجال، لكن في تقرير النيابة العامة في سنة 2018 وهو يعدد كافة هذه القضايا والجرائم وتطورها جاء بخلاصة يقول، هي أرقام معبرة جدا عن أزمة تربوية حقيقية في المجتمع المفترض أن يوليها المجتمع المزيد من الاهتمام حتى تقوم المؤسسات الاجتماعية المختلفة بدورها التربوي ولا سيما الأسرة والمدرسة. لذلك هذه شهادة ودراسة قامت بها النيابة العامة من خلال تقرير لها تركز على أنه يجب أن نواجه كل هذه المشاكل ويجب أن نهتم بهاتين المؤسستين الأسرة والمدرسة.
واختتم شيخي مداخلته بقوله “عبر التاريخ إذا درسنا عددا من المجتمعات التي تعرضت لغزو أو استهداف كبير جدا وبأنواع مختلفة كانت تبقى دائما فيها هذه الجذوة سواء كانت هذه المجتمعات حافظت على ما هو ديني أو عقدي بالنسبة إليها أو ما هو على تقاليد أو عادات بالنسبة لها فإن الأسرة تكون هي الضامن للمحافظة على القيم والمرجعية ولضمان توارثها ليس فقد عقود بل عبر قرون”.
الإصلاح