أخبار عامةالرئيسية-

بنعليلو: الفساد اليوم لم يعد يقبل القياس بمؤشرات الأمس

قال محمد بنعليلو رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إن الفساد اليوم لم يعد يقبل القياس بمؤشرات الأمس، وإن شرعية المؤشر تُكتسب من منهجية بنائه، لا من تكرار نتائجه وأن البيانات ينبغي أن تتحول إلى رافعة للإصلاح، بدل أن تكون مجرد أداة لوصف ما هو قائم.

وشارك بنعليلو يوم الثلاثاء 2 دجنبر 2025 في أشغال المؤتمر الدولي حول قياس الفساد، المنعقد بمقر منظمة الأمم المتحدة بنيويورك، والمنظم بشكل مشترك بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد.

واعتبر رئيس الهيئة الوطنية أن الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، والتقاط الإشارات غير التقليدية من المعطيات المفتوحة ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبحت أدوات ضرورية لاستباق مخاطر الفساد وفهم أنماطه.

وأكد رئيس الهيئة أن المؤشرات كانت وستظل جزءًا من جهود مكافحة الفساد، لأن قياس الظاهرة يبقى السبيل الأنجع لتفسيرها وتحليل سياقاتها، غير أنه رأى أن القراءة النقدية لتجربة القياس أثبتت أن أكبر التحديات لا تكمن في إنتاج المؤشرات، بل في محدودية خلاصاتها.

وشدد بنعليلو على أن الوقت قد حان للانتقال بالمؤشرات من سلطة الانطباع إلى سلطة البيانات، معتبرا أن ذلك يشكل جسر العبور من مرحلة رد الفعل إلى مرحلة الاستباق، مضيفا أن الاكتفاء بقياس الفساد اعتمادا على تصورات المواطنين وانطباعاتهم، رغم أهميته، لا يقدم سوى نصف الصورة، في حين أصبح المطلوب اليوم هو الارتكاز على بيانات واقعية تقيس تجليات الفساد وسياقاته ومساراته.

واعتبر أن الإشكال الحقيقي الذي يواجه عددا من المؤشرات المركبة لا يكمن في طموحها، بل في بنيتها؛ فهي تسعى إلى تجميع كل شيء في صورة واحدة، بما يذكي الجدل حول موثوقية نتائجها، مشيرا إلى غياب التمييز بين قياس الوسائل وقياس الأثر، ما دام وجود الوسائل لا يعني بالضرورة تقلص الفساد.

وشدد المتحدث على ضرورة تعزيز منهجيات دقيقة وشفافة لقياس الشفافية نفسها، حتى لا تتحول النتائج إلى مجرد أرقام بلا معنى، كما شدد على أهمية عدم التعامل مع المؤشرات كمنتج نهائي، بل كمدخلات للنقاش العمومي.

ودعا إلى تبنّي مقاربات وطنية متعددة الأبعاد تستند إلى أربعة مداخل أساسية، الإنصات العلمي عبر الاستطلاعات الميدانية لاستجلاء تجارب المواطنين مع الفساد، ووضع بارومترات الثقة في المؤسسات باعتبار الفساد يمس الموارد، ويقوض الثقة، ويضعف التنمية والشرعية.

وطالب أيضا بالقياس البنيوي عبر خرائط المخاطر القطاعية لالتقاط مواطن الهشاشة قبل ظهور مواطن التهمة، بما يسمح بالانتقال من قياس مستوى الفساد إلى قياس فاعلية السياسات المعتمدة لمواجهته، وكذا الجمع بين المعطيات الكمية والتحليل النوعي لأن الأرقام مهمة، لكن تفسيرها السياقي أكثر أهمية.

ودعا رئيس الهيئة إلى تطوير شراكات وطنية ودولية لضمان نزاهة النماذج الإحصائية المعتمدة، واعتماد عينات علمية موثوقة تتيح إجراء المقارنات اللازمة، وتضمن احترام المعايير الدولية. مؤكدا أن مؤشرات القياس الوطنية للفساد يجب أن تبنى عبر تفاوض علمي يحوّل النتائج إلى لغة حوار مشتركة بين الأنظمة، لا مجرد تقارير متفرقة.

أخبار / مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى