حصار وسوء تغذية.. سلاح التجويع يفتك بأطفال غزة

بأجساد نحيلة للغاية يئن تحت وطأة سوء التغذية عدد من الأطفال الفلسطينيين في مستشفى “شهداء الأقصى” بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في مشهد بات يتكرر بشكل شبه يومي جراء سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل عبر إغلاق المعابر أمام المساعدات والبضائع للشهر الثاني.

بهذه السياسة ينتقم كيان الاحتلال الإسرائيلي من أطفال غزة الذين نجوا من الموت قصفا وحرقا وقنصا، وتدفعهم إلى الموت مستخدما سلاح التجويع، الذي عدته مؤسسات حقوقية وحكومية من أدوات الإبادة الجماعية.

وتأتي هذه المرحلة من المجاعة وسط انهيار القطاع الصحي بغزة جراء مواصلة إسرائيل حرب الإبادة على الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023، ومنع إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية لغزة.

ومنذ 2 مارس الماضي، يواصل الاحتلال إغلاق معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية ودولية. فيما حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، الجمعة، من اقتراب غزة من حالة “الجوع الشديد للغاية” جراء استمرار الحصار الإسرائيلي.

وقالت مديرة الإعلام والتواصل لدى الأونروا جولييت توما، في بيان، إن الرضع والأطفال في قطاع غزة “ينامون جائعين” في ظل اقتراب الإمدادات الأساسية المتوفرة في القطاع من النفاد بشكل كامل.

هذه المرحلة الجديدة من المجاعة، تأتي في وقت لم يتعافَ فيه أصلا فلسطينيو القطاع من موجة سابقة حيث عمد كيان الاحتلال خلال عام ونصف من الإبادة إلى تقنين المساعدات الواصلة للقطاع ما حرم مئات الآلاف من العائلات الفقيرة الحصول على حصصها الغذائية المجانية.

وحسب بيانات البنك الدولي، فإن حرب الإبادة الإسرائيلية حولت جميع فلسطينيي غزة إلى فقراء، ما يعني أنهم عاجزون عن توفير أدنى مقومات الحياة لعائلاتهم من أغذية ومياه.

تدهور صحي
على أحد أسرة مستشفى “شهداء الأقصى” تستلقي طفلة من عائلة “أبو طاهر” (4 أعوام)، بجسدها النحيل دون حراك تتأمل ما حولها لتغط لاحقا في نوم ينسيها أوجاعها وجوعها. يظهر على الطفلة بعض أعراض سوء التغذية حيث تمتد قدماها بارتخاء واضح جراء ضمور في العضلات فضلا عن هزال عام أصاب جسدها وأفقدها القدرة على الحركة.

والدتها تحرير، تقول إن طفلتها كانت طبيعية قبل شن إسرائيل حرب الإبادة الجماعية. وتضيف أنه منذ بدء إسرائيل الإبادة وإغلاق المعابر وتقنين وصول المساعدات تأثرت طفلتها بشكل كبير جراء نقص الغذاء وأصيبت بسوء التغذية.

وتوضح أن طفلتها رغم صغر سنها حُرمت منذ بدء الإبادة الطعام والشراب الصحي كالفاكهة والعصائر الطبيعية ما تسبب بتدهور حالتها الصحية والإصابة بسوء التغذية.

وتذكر أن طفلتها واجهت أيضا في بعض الأشهر انقطاعا في توفر الحليب المغذي لها وحبوب القمح سريعة الطهي المعروفة باسم (السيريلاك)، ما ساهم في تفاقم سوء وضعها الصحي. وتشير إلى أن طفلتها باتت بحاجة إلى تحويلة طبية للعلاج في الخارج وسط حالة الانهيار التي يعانيها القطاع الصحي.

تخوفات من الموت
بحسرة وألم، تنظر الفلسطينية نجوى عرام إلى طفلتها ذات العينين الغائرتين والجسد النحيل جدا وهي تستلقي على سريرها بمستشفى “شهداء الأقصى”. وتقول عرام إن طفلتها تعاني سوء التغذية جراء استمرار الاحتلال في حصارها المشدد على قطاع غزة.

وتضيف وهي حبيسة دموعها، إن هذه الطفلة الأولى والوحيدة لديها حيث تعاني نحولا جراء قلة الغذاء. وتتابع السيدة الفلسطينية أن طفلتها تعاني أيضا من قيء دائم إذ ترفض حتى أنواع الحليب الطبية المعالِجة.

وتذكر أنها تعتمد في معيشتها على وجبات طعام جاهزة تحصل عليها من تكيات خيرية، إذ تعجز عن توفير الطعام لعائلتها، لافتة إلى أن زوجها كفيف وغير قادر على العمل. وتعرب عن تخوفها على حياة طفلتها جراء تداعيات إصابتها بسوء التغذية، مشيرة إلى أن عددا من الأطفال توفوا جراء هذه الحالة.

وناشدت المؤسسات المعنية أن تكفل طفلتها وتوفر لها الغذاء والمستلزمات الصحية الأخرى لإنقاذها من دائرة الموت المحتمل. كما طالبت السيدة الفلسطينية بضرورة فتح المعابر وإدخال المساعدات الإغاثية والغذائية لتصل إلى محتاجيها بغزة. وأعربت عن آمالها أن تستعيد طفلتها صحتها وتصبح كباقي أطفال العالم سليمة تحظى بحقوقها كاملة.

والسبت الماضي، قالت منسقة الأمم المتحدة الخاصة لعملية السلام في الشرق الأوسط، منسقة الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيغريد كاغ، للأناضول، إن أكثر من 60 ألف طفل دون سن الخامسة في القطاع يعانون سوء التغذية.

وفي 18 مارس الماضي، تنصل كيان الاحتلال من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير 2025، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.

وكالة الأناضول بتصرف

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى