القراءة أساس تقدم الأمم

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1].. تلك كانت أول آية أنزلها الله – سبحانه وتعالى – على عبده محمد صلى الله عليه وسلم، وهي وإن دلّت على شيء فإنما تدل على أهمية القراءة باعتبارها إحدى أدوات بناء الأمم وتقدم الشعوب، ويحكى أن أول مكتبة وضعها الفراعنة كتبوا على بابها: “هنا غذاء النفوس وطب العقول”، فالقراءة وسيلة التقدم والرقي والمعرفة والازدهار، ولا يمكن أن يتصور تقدم أمة ما دون أن تكون قارئة ومطلعة على ما يدور حولها، ومما لا يَحمل الشك أن الإنسان القارئ والمطّلع والذي يكون على دراية بما يدور حوله، وقادرًا على مواكبة التطورات المعرفية والعلمية التي تُستحدث كل يوم – لا شك أنه لا يمكن أن يَتساوى بأي شكل من الأشكال مع الإنسان الذي لا يقرأ ولا يَعلم ما يدور حوله.

والقراءة ضرورة معرفيَّة لبناء الحضارات، وتنظيم المجتمعات الإنسانية، ونهضة المواهب البشرية، ولذلك فإنَّ النهضات الإنسانية تَهبط عندما تستغني عن القراءة، وتصعد حينما تجعل من القراءة منطلقًا لنهضة واعية.

وهي أعظم وسائل التعلم واكتساب العلوم، والمعارف والثقافات، والتغلب على التحديات التي تواجه المجتمع، وقد أمر بها الإسلام، وحَث عليها؛ لأنَها أفضل الطرق لعمارة الأرض، والارتقاء بالإنسان، وبناء التجديد، والنهضة الإنسانية.

ويقينا فإن القراءة المنظمة تؤدي إلى ترسيخ المعلومات وبناء التكنولوجيا المتطورة، وتمكين الثقافة الواعية من الانتقال بالناس من الضعف والهوان إلى القوة والعزة، والتمكن الفعلي؛ لأنها الطريق الصحيح لبناء العقل السليم، والأخلاق الحسنة، والتخطيط الرشيد، والتغيير السديد، والعمل المنضبط.

عندما يُشاع عن عالمنا العربي والإسلامي أنَّه عالم القراءة، وأنه عطل أقوى مِفتاح للتفوق والتميز الكوني والبشرى، فهذا يدعو إلى وقفة صريحة مع أنفسنا؛ لنعدلَ مسارَنا، ونتجه نحو مجتمع العلم والمعرفة والقراءة التي تُعيدنا إلى الوضع الحضاري الصحيح والقيادة الإنسانية الواعية الحكيمة.

إن توجيه المسلم المعاصر إلى القراءة يمكن أن يوفر لنا جيلا من القارئين الذين يتمتعون بالمعرفة الصحيحة بما يؤدي إلى النهوض الحضاري، كما أنَّ الطفل الصغير عندما ينشأ على حب القراءة، فسوف يكون إيجابيا في أسرته ومجتمعه، وسوف يُصبح عنصرَ خير في بيئته؛ لذلك فإن مؤسساتِنا التعليمية ووسائل الإعلام ينبغي أن تُشجع القراءة.

إن المسلم يؤجر على كل شيء ينفعه وينفع وطنه وأمته، ولا بد أن تعود القراءة إلى خير أمة تحمل أعظمَ رسالة في الكون؛ لتنفتح على العلوم الكونيَّة والطبية، والاجتماعية، والاقتصادية والسياسية والحضارية، ونُؤسس لجيل القراءة الذي يؤمن برسالته، ويدرك أن طلبَ العلم فريضة؛ وذلك لكي تنضج ملكاته وتتسع آفاقه المعرفية، ويعمل للآخرة كما يعمل للدنيا، فينجح ويسعد في الدارين.

فالقراءة هي أكبر عون للإنسان الذي يريد النهوض، وإذا ترسخت آثارها في عقل الإنسان وقلبه ستجعل الإنسان يداوم عليها، ولا يَمل منها، والأفضل أن يمتلك القارئ خطة منظمة للقراءة، وأن يجعل من القراءة منطلقًا لفهم متغيرات الواقع، والتعرف على عقل الآخر.

وهكذا يظهر لنا أن للقراءة أهمية كبيرة في حياتنا، وهي مهارة مكتسبة يمكن أن تحقق لأصحابها النجاح والتقدم والرقي في كافة مناحي حياته، سواء في حاضره أو مستقبله، فإذا أمعنّا النظر حولنا سنعلم علم اليقين أن القراءة إنما هي جزء أساسي ومكمل لحياة الفرد العملية والشخصية وكافة مجالات الحياة، فضلاً عن أنها بمثابة المدخل الرئيس لكافة أبواب المعارف والعلوم المتنوِعة، ومن فوائدها أنها تساعد الطالب في المدرسة أو في الجامعة على التعلم وتُهيئه لتقبُّل المواد التي يقوم بدراستها، فهي تعمل على إيجاد علاقة بين التلميذ وكتابه، وتعمل على توطيد هذه العلاقة بصورة إيجابية نظرا لتفتح عقله واتساع مداركه؛ مما يجعله قادرا على اكتساب مهارات وخبرات متنوعة ومتعددة، ومن الفوائد التي تتحقق من خلال القراءة كذلك أنها تساعد على التعرف على ثقافات متنوعة، واقتحام علوم أخرى جديدة على الإنسان، فضلاً عن أن المرء حينما يقرأ فإنه غالبًا لا يقرأ في مجال واحد، وإنما يَغوص في العديد من المجالات المختلفة التي تُساعده على توسيع مداركه وتنمية قدراته حتى يكون في النهاية شخصيةً قويةً قادرة على مواكبة التطوُّرات العلمية الجديدة.

وهناك الكثير من الناس الذين يعرضون عن القراءة بحجة أنَ القراءة ثقيلة، أو أن الوقت ليس كافيا للقراءة، فمتطلبات الحياة كثيرة، ولا تعطي فرصة للنظر في كتاب من الكتب، أو أن مادة بعض الكتب صعبة، ومعقدة، وغير مفهومة، وغياب القراءة لهذه الأسباب الواهية يقتل حوافز التغيير عند الإنسان وبواعث اليقظة في المجتمع بما يعرضه لضعف ثقافي شديد الخطورة على حياة الناس في سائر شؤونهم.

ولا يعلمون أن غيابها يؤدي إلى مجتمع غير منضبط في أحواله وتصرفاته، وعندما تغيب القراءة يسود الجهل، وتعم الأمية، وينتشر التخلُّف، وتكثُر المشكلات في المجتمع، وتقلُّ الحلول الملائمة لهذه المشكلات، فإذا رجع المجتمع إلى القراءة، فإنَّه يتغير ويتطور إلى الأفضل، ويواجه ظروف العصر ومتغيراته، ويتغلَّب على مشكلاته الصغيرة والكبيرة.

س.ز / الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى