جبرون: الإسلام قابل للتأقلم مع الدولة الحديثة

أكد المفكر والباحث المغربي امحمد جبرون؛ أستاذ التاريخ بالمركز الجهوي للتربية والتكوين بطنجة، أن الدين الإسلامي قابل من الناحية السياسية التأقلم مع الدولة الحديثة ما دام أن الدولة الأموية أخذت جزءا كبيرا من الموروث البيزنطي، والعباسيون أسسوا دولة إسلامية أخذت جزءا كبيرا من الموروث الثقافي الفارسي والدولة المغربية الأمازيغية أخذت جزءا مهما من الموروث الثقافي الأمازيغي وبالتالي استطاعت التأقلم مع النماذج السياسية المحيطة ببيئتها.

وفسّر جبرون ذلك بتميز الدين الإسلامي بالقيم السياسية التي يحتويها وهي القيم الأخلاقية الكبرى التي تعتبر في الواقع هي أصول الإسلام إلى جانب العقيدة وهي أصول كل المعاملات.

وأشار الباحث المغربي؛ في مداخلة له ضمن الصالون الثقافي الذي نظمته “منظمة التجديد الطلابي”، إلى أن كل ما نعيشه من تشريع فليس إلا تطبيع لتلك القيم وتلك الأصول الكبرى، وهي قابلة للتشكل كل مرة في شكل تاريخي جديد وليس بالضرورة لها تشكل واحد وبالتالي ممكن نرى إمارة أو دولة حديثة كما يمكن أن نرى أشكالا أخرى وكلها تتسم بسمة الإسلام وبصبغته، وليس بالضرورة الإسلام لديه لباس واحد للدولة ولكن يمكن أن يكون في أشكال مختلفة.

ونبه جبرون في نفس السياق، إلى أنه إذا أنكرنا شرعية الدولة الأموية وما جاء بعدها فإننا ننكر كل تاريخنا الإسلامي وكل المنجز الحضاري الإسلامي، وهذا يجعلنا في الواقع في حالة عراء، وكأننا كأمة وكحضارة ليست لنا من تاريخنا السياسي سوى ثلاثة عقود والتي ننظر لها بمثالية، وهي لم تكن كذلك بتلك المثالية لأننا إذا أردنا أن نتكلم فيها نجد فيها الكثير من مظاهر النقص والخلل.

وذهب أستاذ التاريخ بالمركز الجهوي للتربية والتكوين بطنجة، والباحث في الفكر السياسي. إلى أن نشأة الدولة في عهد معاوية بن أبي سفيان مع الأمويين كانت متأثرة من جهة بثقافة العرب وكانت متأثرة كذلك بالبيزنطيين لأنها نشأت وكانت عاصمتها دمشق التي كانت متأثرة بثقافة الروم والبيزنطيين، وعلى أنقاض الدولة الأموية ظهرت الدولة العباسية التي ستتأثر بالتقاليد الفارسية والفرس.

وأفاد جبرون إلى أنه من خلال الأمثلة الأموية والعباسية والأندلسية والمغربية الأمازيغية هذه الأنماط الدولاتية  التي ظهرت في بيئات إسلامية مختلفة، كانت نماذج سياسية متأثرة بالثقافة السياسية التي وجدت في محيطها وبيئتها لكن لا يعني هذا أنها لم تكن إسلامية، بل كانت هي أشكال من التكيف والتأقلم ما بين الإسلام وما بين الحاجات والثقافة الموروثة.

وجاءت مداخلة الدكتور امحمد جبرون في إطار صالون التجديد للفكر والثقافة الذي نظمته لمنظمة التجديد الطلابي، موضوع :”الإسلام والدولة الحديثة: جدل الإمكان والاستحالة”، مساء السبت 19 مارس 2022، بمركز التكوين بالرباط. وشارك إلى جانبه أيضا الدكتور عصام البشير المراكشي؛ أستاذ النحو وأصول الفقه بأكاديمية الإمام الباجي للعلوم الشرعية الخاصة، والباحث في قضايا الفكر والإسلام.

وناقش جبرون في مداخلته ثلاث محاور أساسية أولا مفهوم الدولة وثانيا الدولة في التجربة الإسلامية وثالثا مساءلة أطروحة الدولة الإسلامية وخاصة بين الاستحالة والإمكان.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى