وجهة نظر في الكتابة بالعامية

1-الكتابة بالعامية، أو إحلالها محل الفصحى في التعليم (كما يقترح بعض المناهضين للغة العربية)، ضَرْبٌ من العبث، فالدارجة (أو اللهجة أو العاميّة، بصرف النظر عن التسمية) ليست لها قواعدُ نحوية أو صرفية أو إملائية أو صوتية تحكمها.

 تختلف العامية من بلد عربية إلى آخر ومن منطقة عربية إلى أخرى، داخل البلد العربي الواحد. فعن أيّ عامية نتحدث؟

يترتّب على ذلك أنّ العامية لا تساعد على تفاهم العربي مع أخيه العربي، ولا تفاهم العرب مع مَن تعلموا العربية من غير العرب، ممّا يعني أنّ انتشار ما كُتب بها سيكون محدودا جدا (لا يتجاوز رقعة جغرافية ضيقة).

2- في الكتابة أو التحدث، يجب استعمال لغة عربية فصيحة/ سليمة خالية من الألفاظ الأجنبية الدخيلة، لا تقعُّرَ فيها ولا تَفاصُحَ (تَكلُّف الفصاحة)، لا تُستعمَل فيها-بصفة عامة- الألفاظ اللغوية الغريبة (غريب اللغة) أو الكلمات المهجورة.

3- ضرورة استعمال اللغة العربية الفصحى في التعليم (بجميع أنواعه ومراحله)، وفي الإدارة، وفي سائر/ بقية المَرافق الحيوية للدول العربية.

وبذلك يتعوَّد الناسُ على التعبير بالفصحى عن مختلِف أغراضهم.

4-لا مانعَ من استعمال العامية/ اللهجة المحلية عند الاقتضاء (في الحديث الشفهي وليس في الكتابة)، بشرط أن تكون دارجة مهذَّبَة/ مشذبة (ما يُعرف بدارجة المثقفين) كلما كان ذلك ممكنا.

 بمعنى أننا لا نطلب من غير المتعلمين أن تصل عاميتهم/ دارجتُهم إلى هذا المستوى الرفيع (مع أنّ ذلك ممكن-مع الوقت- عن طريق تقليد كلام الفُصَحاء)، ففي ذلك نوع من عدم الواقعية، وإنما الخطاب هنا موجه أساسًا إلى المتعلمين والمثقفين (عِلمًا بأنّ غير المتعلم قد يكون مثقفا، وليس كل متعلم مثقفا بالضرورة).

 وفي ذلك (أي استعمال لغة سليمة/ مقبولة) تفصيح للعاميّة (جعلها فصيحة) للرفع من مستواها بتقريبها من الفصحى، وليس العكس الذي يتجسد في الهبوط بمستوى الفصحى لتقترب من العامية (أي الانحطاط اللغوي، ونحن لسنا في عصور الانحطاط).

مع الإشارة إلى أنّ اختلاف مستويات اللغة لا تخلو منه أيُّ لغة في العالم، مع وجود تفاوت في ذلك من لغة إلى أخرى. ومع هذا الاختلاف في المستويات، فإنّ الناس يكتبون بلغتهم في مستواها الفصيح، ويتحدثون بها في مستوى دون ذلك (أي أنهم يفرقون بين الكتابي والشفهي).

5-لا يوجد صراع بين الفصحى والعامية، وإنما تكامل وتبادل للأدوار (ولكل مقام ما يناسبه).

 ولعل الصراع-إنْ وُجِد- يكون بين اللغة العربية (بمستوياتها المختلِفة) واللغة الأجنبية التي هيمنت في عهد الاحتلال الأجنبي للوطن العربي على معظم القطاعات الحيوية، وما زالت تهيمن على التعليم العالي-بصفة خاصة-وعلى بعض المؤسسات الحيوية العلمية والاقتصادية والتجارية وكثير من قطاعات الخِدمات العمومية.

6-أقترح على الأصدقاء الذين يكتبون بالعامية، أن يكتبوا بالفصحى مع الاستعانة-عند الحاجة-بمدقق لغوي (وسوف يأتي اليوم الذي يعتمدون فيه على أنفسهم).
وبذلك يتجاوزون هذا الحاجز النفسي الذي يجعلهم يكتبون بالعامية خوفا من الوقوع في الأخطاء (ابن آدم خطاء)، ولا شك في أنّ الكتابة بالفصحى -مع وجود بعض الأخطاء- أفضل بكثير من الكتابة بالعامية وأحسن مردودية.

إسلمو ولد سيدي أحمد 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى