ظاهرة “الإسلاموفوبيا” بالغرب بين اتساع انتشارها وجهود محاصرتها

عرَّفت منظمة التعاون الإسلامي ظاهرة الإسلاموفوبيا بأنها “تلك الظاهرة التي تعبر عن فكرة الخوف من الإسلام ومن المسلمين، أو بشكل أدق الخوف المفرط من الإسلام والمسلمين، أو أي شيء مرتبط بدين الإسلام، مثل المساجد والمراكز الإسلامية والقرآن الكريم والحجاب إلخ. وتُعد هذه الظاهرة شكلا من أشكال العنصرية والتمييز في حياة الناس اليومية، سواء تمت في وسائل الإعلام أو في أماكن العمل أو في مجال العمل السياسي وغير ذلك “.

تقرير أوروبي حول الإسلاموفوبيا

كشفت تنسيقية محاربة الإسلاموفوبيا في أوروبا عن أرقام صادمة في تقريرها السنوي لسنة 2022  حول انتشار ظاهرة كراهية الإسلام في مختلف الدول الأوروبية عامة وفرنسا خاصة.

وسجلت التنسيقية 467 حادثة تتعلق بالعنصرية، و128 حادثة تتعلق بالكراهية والاستفزاز، و71 حادثة تتعلق بالإهانات، و59 حادثة تتعلق بالتحرش الأخلاقي، و44 حادثة تتعلق بالتشهير، و27 حادثة لها صلة بالاعتداءات الجسدية، و33 حادثة مرتبطة بقانون مكافحة الانفصالية.

الإسلاموفوبيا داخل التعليم

وأظهر تقرير أوروبي صدر نهاية سنة 2021 أن ظاهرة الإسلاموفوبيا بدأت تسري داخل قطاع التعليم لدى دول القارة، إلى جانب اتساع انتشارها في المجالات السياسية والقانونية والاجتماعية خلال عام 2020 مقارنة بسابقه.

وراقب الأكاديميون معدو التقرير ظاهرة الإسلاموفوبيا في أكثر من 31 دولة، أغلبها في أوروبا وتوصلوا إلى أن النظام التعليمي في أوروبا بات يحتوي تطبيقات معادية للمسلمين فيما لجأت دول إلى التعليم وسيلة لتعزيز التحريض ضدهم.

تقرير مرصد الأزهر

وسلط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في أحدث تقاريره الضوء على الزيادة المطردة لظاهرة الإسلاموفوبيا وتصاعد وتيرة العداء والكراهية تجاه الإسلام والمسلمين.

ورأى المرصد أن الحالة العدائية تجاه المسلمين في الغرب ليست وليدة السنوات الأخيرة فقط، بل المتتبع للسياق التاريخي لظاهرة الإسلاموفوبيا يجدها تعود إلى أبعد من ذلك بكثير؛ لأنها ببساطة تتبنى صورة قديمة مغلوطة ومشوهة عن المسلمين، يغذيها في الوقت الحالي صعود تيار اليمين المتطرف لأهداف وأجندات خاصة، ناهيك عن استغلال الآلة الإعلامية في تأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين في الغرب.

واعتبر المرصد أن هجمات تنظيمات متطرفة تدعي انتسابها للإسلام زورا أساءت للدين وساهمت في إذكاء الصورة النمطية المشوهة عن المسلمين، كما استغلت وسائل الإعلام الغربية موجات الهجرة واللجوء نتيجة اضطراب الأوضاع الأمنية في التصعيد ضد المسلمين من خلال إثارة مخاوف المواطن الغربي من تقلص فرص العمل، وزيادة أعداد المسلمين وطمس الهوية الغربية بمرور الوقت. ولم يكن من المستغرب تكرار المطالب بخلع حجاب المسلمات وحظر النقاب في الأماكن العامة، ناهيك عن مشاهد الاعتداء اللفظي والجسدي على المسلمات والتعدي على دور العبادة الإسلامية ومضايقة المصلين، والتمييز في أماكن العمل، والتحيز بشكل عام ضد المسلمين. 

الأمم المتحدة والإسلاموفوبيا

وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع العام الماضي، الموافقة على اقتراح باكستان لجعل 15 مارس يوما سنويا لمكافحة الإسلاموفويا. ونص القرار الأممي على الدعوة إلى “تنظيم ودعم مختلف الأحداث البارزة التي تهدف إلى زيادة الوعي بفاعلية على جميع المستويات في مكافحة الإسلاموفوبيا “.

وأحيت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 10 مارس 2023، فعالية رفيعة المستوى بمقر المنظمة الدولية في نيويورك لإحياء اليوم الدولي الأول لمكافحة كراهية الإسلام -الإسلاموفوبيا- الموافق 15 مارس.

وخلال كلمته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أونطونيو غوتريتش:”نحن على بعد أيام فقط من بداية رمضان ومنذ أكثر من ألف عام ورسالة السلام والتعاطف والتراحم التي جاء بها الإسلام تشكل إلهاما للناس حول العالم..”

وأضاف “وكلمة إسلام ذاتها مشتقة من الجذر نفسه لكلمة سلام، وعندما كنت أشغل منصب مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رأيت سخاء الدول الإسلامية التي فتحت أبوابها للأشخاص الذين أجبروا على الفرار من ديارهم، في وقت أغلقت فيه دول أخرى كثيرة حدودها”.

وتابع “رأيت تجليا معاصرا لما جاء به القرآن الكريم في سورة التوبة: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ)، فهذه الحماية يجب أن تكفل للمؤمنين وغير المؤمنين على السواء كما ذكر في القرآن الكريم..”.

جهود للحد من الظاهرة

في شهر يناير الماضي، عيّنت كندا أول ممثلة خاصة لديها معنية بمكافحة الإسلاموفوبيا (كراهية الإسلام)، وهو منصب استُحدث بعد سلسلة هجمات استهدفت المسلمين مؤخرا في البلاد. وأشاد رئيس الوزراء الكندي بهذا التعيين الذي رأى فيه “خطوة مهمة في إطار محاربتنا الإسلاموفوبيا والكراهية بكافة أشكالها”.

وفي نفس السياق، أعلن الاتحاد الأوروبي في فبراير الماضي عن تعيين منسقة جديدة لمناهضة الكراهية ضد المسلمين، مؤكدا أن ذلك يأتي لتعزيز الاستجابة في وجه الكراهية والتمييز الفردي والبنيوي ضد المسلمين في الاتحاد الأوروبي.

 يذكر أن لفظ إسلاموفوبيا (Islamophobia) يعني رهاب الإسلام أو الرعب من الإسلام، ويشير إلى الإجحاف والتفرقة العنصرية ضد الإسلام والمسلمين، كما يشير هذا اللفظ في هذا السياق إلى معاني الخوف والكره ضد المسلمين وهو كلفظ حديث نسبيا زاد استخدامه بصفة ملفتة بعد أحداث 11 شتنبر 2001.

 

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى