ذ حسن الإفراني يكتب المجلس التربوي: الصناعة الثقيلة أو ثغر الثغور (7/6)

لم المجلس التربوي؟

تطرقنا سلفا لأبرز الحوافز الإيمانية التي ترغب في حضور مجالس الذكر والتزكية، وسنحاول الآن الوقوف عند بعض الأدلة والحجاج المنطقية التي تجعل ارتياده أمرا بالغ الأهمية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

الحاجة إلى الانتماء:

وهي حاجة عاطفية لا تعتبر وجود الغير أمرا ضروريا بالنسبة للأنا فحسب، بل تعتبر العيش معه في مجموعة أمرا يشبع حاجات نفسية كثيرة، إن الغير هنا نعيم. ويتعين أن يعلم الذين يستقبلون كل عضو جديد بمجلسهم التربوي بأن هذا الشخص الذي التحق بهم يحتاج إلى أمور، منها: القبول والاهتمام والدعم والإشراك والمصاحبة…؛

مناسبة للاستزادة في العلم:

– معرفيا: ولأن التكوين لا يتم دفعة واحدة، فإن كل حلقة يحضرها الفرد لن تخلو من استفادة علمية، فمرة يعرف تفسير آية، وأخرى سبب نزول آية أخرى، وأخرى يضيف حكمة أو مثلا أو بيتا شعريا أو قصة شخص أو كيفية صياغة عنوان للدرس، أو التعرف على علم من أعلام علم ما في الحديث أو الفقه أو أصوله أو التفسير أو السيرة… كما يساهم المجلس في تصحيح المسار، وتقويم الاعوجاج، وتدارك النقائص، خصوصا في الأمور المتعلقة بالأحكام الشرعية، وأنت تعاني أوجد الخلل والثغرات، وعليك أن تمتلك شجاعة على دفع نقائصك، عوض أن تسب الظلام، وهي أمور لا تستطيع المدرسة إكسابها للأفراد، يقال إذا استطاعت المدرسة أن توظف، فلن تستطيع أن تثقف.

– مهاريا: كلنا يتذكر الدور المفصلي الذي لعبته المجالس التربوية في إكساب الجرأة على الإلقاء والنقاش، وكيفية إعداد التقارير والدروس والقدرة على إلقائها.. ففي الثانويات مثلا يقدم أبناء الحركة صورة فريدة

 ومتميزة عن مواصفات الشخصية المنشودة، سألني أحد زملائي الذي كان يدرس معي مادة الفلسفة في نفس المؤسسة: يا أستاذ أخبرني عن المصنع الذي تنتجون منه مثل هؤلاء الأفراد؟! وقد قالها باندهاش كبير وهو يستمع في حصته إلى تدخلاتهم المتميزة بلغة عربية فصيحة، وجرأة أدبية قل نظيرها، وتطويل في أخذ الكلمة، فضلا عن الأدب والخلق الجم الذي يزين كل تلك الكفايات…

كما أنها تكسب مهارات: الإنصات الفعال، ومهارة القراءة، ومهارة أخذ النقط، وأساسيات ومقومات التواصل، ومهارات التواصل مع الغير وبناء العلاقات، ومهارة تقدير الذات، وتدبير الوقت، وتلخيص الكتب، ووضع بطاقة تقنية لنشاط، وتلخيص كتاب، وكتابة تقرير، وإدارة اللقاءات، وكتابة الدعوات، وتنظيم أسبوع ثقافي، والإشراف على مجلة حائطية، والمشاركة في الإذاعة المدرسية.. فضلا عن مهارات أخرى لها علاقة بالعالم الرقمي.

كثرة الملهيات والمغريات:

تجعل الإنسان ينغرس ليس فقط في حاجاته، وإنما كذلك في رغباته، فحيثما اشتهى الإنسان اشترى، فيجد نفسه في دوامة عالم الأشياء الذي يطحنه، كما تجده يركض وراء عقارب الساعة التي لا تكاد تتوقف، كما تجد بعضهم يقضي سحابة يومه في المقهى، وتجد آخرين غارقين في البيع والشراء في العقار والمنازل والسيارات، فلا يرتاح له بال.. إن الإنسان في حاجة إلى الجلوس مع من يعينه على التزامه ولو لمحطة واحدة في الأسبوع، فكما أن السيارة تحتاج بين الفينة والأخرى إلى التزود بالوقود في هاته المحطة أو تلك، فكذلك الإنسان. فنحن نقضي أسبوعا كاملا من العمل الروتيني، وما أحوجنا إلى أن نجد لحظة لتحقيق السكينة والطمأنينة والإنصات إلى الذات ومساءلتها..

تلبيسات وردود:

– من يعتبر نفسه لا يستفيد: نقول له من فضلك يا أخي أحضر أنت مع إخوتك وأفدهم، فهم والله في أمس الحاجة إليك” واصبر نفسك مع الذين يدعون بالغداة والعشي يريدون وجهه” و” هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم” وكم سيكونون ممتنين لك وهم يستمتعون بإضافاتك وتعديلاتك وتوجيهاتك وتجاربك…

– القنوات واليوتيوب تغني عن المجالس: لقد أثبتت الدراسات بأن الدروس المصورة لا يمكن أن تحقق ما تحققه الحضورية، بدءا بالتفاعل الوجداني، واحتكاك الأكتاف، فتأمل الحديث:”.. فأسند ركبتيه على ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه.”

 وحضور الوجه بشكل مباشر والتعليق في الحين الذي يتيح الأخذ والرد في الكلام…فتكون هنا فاعلا، وهناك منفعلا، وتكون هنا متكلما، وهناك منصتا..

– التعذر بعدم توفر الوقت لحضور المجلس التربوي: إذا أردنا أن نلجأ إلى الإحصائيات فإننا سنقول بأن المجلس التربوي ينعقد مرة في الأسبوع، ومدة انعقاده لا تتجاوز ثلاث ساعات، فكم يمثل إذن بالنسبة المئوية؟ فإذا كانت عدد ساعات الأسبوع هي 168 ساعة، وعدد ساعات المجلس التربوي لا تتجاوز 3 ساعات في الأسبوع على الأكثر، فإن مدة الجلسة لا تتجاوز 1,79%.

ويكفي أن نذكر بأن الأخ الدكتور سعد الدين العثماني لما شغل منصب وزارة الخارجية في حكومة الأخ الأستاذ عبد الإله بنكيران، حيث كان يصول ويجول العالم طولا وعرضا، حينما يكون حاضرا في المغرب يكون حريصا أشد الحرص على حضور المجلس التربوي.

أبو عبد الرحمن

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى