جبرون: المسلمون يمكن أن تكون لهم دولتهم الحديثة على خلاف الدولة الحديثة الغربية

أكد الباحث المغربي الدكتور امحمد جبرون؛ أستاذ التاريخ بالمركز الجهوي للتربية والتكوين بطنجة، أن المسلمين يمكن أن تكون لهم دولتهم الحديثة على خلاف الدولة الحديثة الغربية وفي المغرب هناك محاولة جادة من الاستقلال إلى اليوم للتمكن من دولة إسلامية حديثة.

وأضاف جبرون “العشرين سنة الأخيرة التي مرت على المغرب خاصة في عهد الملك محمد السادس على الأقل منذ 2005، كان هناك إصلاح تاريخي كبير، يمكن مازالت هناك بعض الثغرات وبعض المشاكل يجب أن تعزز، لكن في المقابل هناك عمل كبير من أجل أن تستعيد الدولة توازنها فيما يتعلق بالإسلام والدين”.

وخلص أستاذ التاريخ بالمركز الجهوي للتربية والتكوين بطنجة إلى أنه من الممكن أن تكون لدينا دولة إسلامية حديثة وفق خصوصيتنا ولا استحالة في هذا الأمر.

كما أن الحديث عن الاستحالة خاصة في أطروحة وائل حلاق – يتابع جبرون- هو مرتبط بسياق غربي لأن الرجل يكتب من داخل إطار ثقافي المهيمن عليه هي مسألة أساسية وهي إفلاس الحداثة وأن الناس تبحث عن ما بعد الحداثة، التي ترتبط أساسا بمحاولة تطعيم البؤس المادي الذي وصلته الحداثة بأخلاقية ما. وهذه الأخلاقية قد تكون مستمدة من الدين أو من العقل..

وأشار جبرون إلى أن الناس الذين يقولون باستحالة الدولة الإسلامية يبنونها على وائل حلاق الذي يعتبر أن الحكم الإسلامي له خصوصية وتلك الخصوصية لا يمكن لها أن تتمثل في إطار الدولة الحديثة.

وأوضح الباحث في التاريخ السياسي أن الحكم الإسلامي في أطروحة وائل حلاق على سبيل المثال هو شريعة أخلاقية ولا يمكن أن تعاش في إطار الدولة الحديثة، وهذا غلط وغير صحيح، لأنه يقدم لنا الحكم الإسلامي أنه حكم لا تاريخي، في حين أن الحكم الإسلامي هو حكم تاريخي.

ونبه جبرون إلى أن وائل حلاق يرتكز على مسألة أساسية وهي الأخلاق والقيم، من خلال قوله أن شريعتنا هي شريعة أخلاقية وفي المقابل أن الدولة الحديثة هي دولة غير أخلاقية وهذا أيضا فيه نقاش، ويطرح علينا سؤال إلى أي حد الدولة الحديثة هي دولة غير أخلاقية؟

وأفاد الباحث المغربي في حديثه أنه فيما يتعلق بكون الحكم الإسلامي هو حكم أخلاقي بالضرورة هذه القضية ينبغي أن ننتبه فيها إلى مسألة مهمة هو أن وائل حلاق يتجاهل – لأنه بطبعه ليس مؤرخا – أو قد تغيب عنه بعض الحقائق التاريخية، فهو يمكن أن يكون ضليع في الحقائق النظرية لكن (الحقائق) التاريخية غير مدرك لها بشكل جيد.

واعتبر جبرون أيضا في أطروحة وائل حلاق قوله أن الحكم الإسلامي هو حكم أخلاقي بالدرجة الأولى، أنه تغيب عنه حقيقة من بين أهم المشاكل التي عانت منها الشريعة الإسلامية في تطبيقها تاريخيا هو ضمور البعد الأخلاقي وأن التناسي والغفلة عن هذا البعد الأخلاقي جعل الشريعة في كثير من الأحيان وفي كثير من التطبيقات تعاكس قيم الدين الجوهرية.

وتابع أستاذ التاريخ بالمركز الجهوي للتربية والتكوين بطنجة “يقول وائل حلاق أن الشريعة الإسلامية هي شريعة أخلاقية ويتجاهل مصير وصله العالم الإسلامي مع القرن الخامس الهجري وهو ضمور البعد الأخلاقي في الشريعة الإسلامية بسبب هيمنة وسيطرة الطقوسية والفقهاء الذين لا يأخذون بعين الاعتبار هذه الأبعاد الأخلاقية”.

وشدد جبرون على أن البعد الأخلاقي الذي يجب أن نحرص عليه وأن نستعيده تاريخيا عرف تدهورا كبيرا على الأقل مع القرن الخامس الهجري، ويعتبر أول إعلان على هذا الضمور وظهر بشكل سافر وبارز مع زمن الغزالي، وكان كتابه إحياء علوم الدين هو رد فعل من أجل استعادة الشريعة على وجه الخصوص لروحها الأخلاقية، وبطبيعة الحال وائل حلاق هذا الأمر لا يتحدث فيه أو على الأقل لا ينظر إلى التاريخ الإسلامي بمثالية.

وأشار المتحدث إلى أن وائل حلاق في قضية الاستحالة يبني على مسألة مهمة بأنه غير مدرك للحقائق التاريخية وبالتالي ينظر بنوع من التمجيد للتجربة الإسلامية ولا يدرك ثغراتها.

كما أن وائل حلاق – حسب جبرون – يعتبر الدولة الحديثة هي دولة خصوصية غربية وأن أي محاولة لاقتباسها أو استنباتها في البيئة الإسلامية هي مغامرة محكوم عليها بالفشل، وهذا أمر غير صحيح، لأنه ببساطة انتقال الأفكار وانتقال التجارب والمؤسسات بين الثقافات أمر يؤكده التاريخ والواقع فالعالم كله اليوم يعيش نموذج الدولة الحديثة فهذا لا يعني ألا تكون خصوصية الدولة حاضرة في هذا النموذج الدولاتي، فالدولة الحديثة الأمريكية ليست هي الدولة الحديثة الفرنسية وإن كانوا في غرب واحد.

وجاءت مداخلة الدكتور امحمد جبرون في إطار صالون التجديد للفكر والثقافة الذي نظمته لمنظمة التجديد الطلابي، موضوع :”الإسلام والدولة الحديثة: جدل الإمكان والاستحالة”، مساء السبت 19 مارس 2022، بمركز التكوين بالرباط. وشارك إلى جانبه أيضا الدكتور عصام البشير المراكشي؛ أستاذ النحو وأصول الفقه بأكاديمية الإمام الباجي للعلوم الشرعية الخاصة، والباحث في قضايا الفكر والإسلام.

وناقش جبرون في مداخلته ثلاث محاور أساسية أولا مفهوم الدولة وثانيا الدولة في التجربة الإسلامية وثالثا مساءلة أطروحة الدولة الإسلامية وخاصة بين الاستحالة والإمكان.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى