الإفلاس يهدد تقاعد المغاربة.. وضعية صعبة وحلول مؤجلة

يهدد شبح الإفلاس صناديق التقاعد بالمغرب وفق تقارير رسمية وأخرى غير رسمية. وتجمع هذه التقارير على ضرورة حماية مستقبل المغاربة وضمان ديمومة الأنظمة لتوفير الحماية الاجتماعية على المدى الطويل.

وينتقد بعض المتتبعين غياب الحلول المبتكرة، والركون إلى الحل الأسهل الكامن في الرفع من سن التقاعد وزيادة نسب الاشتراك مقابل تقليص مبلغ المعاشات.

وضعية صعبة

تشهد صناديق التقاعد وضعية صعبة حسب تقارير رسمية منها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وتشير إلى أن عجز الصندوق المغربي للتقاعد بلغ حتى نهاية سنة 2022 نحو 5.12 مليارات درهم، بينما يبلغ عجز النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، ما يقارب 3.95 مليارات درهم نهاية سنة 2022، فيما يبلغ عجز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نحو 400 مليون درهم.

ومن الإشكاليات التي يطرحها إصلاح التقاعد ما تحدث عنه تقرير المرصد العمل الحكومي حول صناديق التقاعد من عدم تسديد الدولة لأقساطها عن الفترة الممتدة من 1959 إلى 1997 وما خلفه من هدر أثر على مردوديتها بما بقدر بأكثر من 25 مليار درهم، وكذا ضرورة اعتماد اصلاح تدريجي وفق أجندة إصلاح متوسطة المدى لا تقل عن 10 سنوات من أجل تنزيل إصلاح شامل و مستدام.

تأجيل الانهيار

وترجع بعض بدايات إصلاح أنظمة التقاعد إلى سنة 2013 بإنشاء لجنة وطنية مكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد وضعت خريطة أوصت بخلق نظام تقاعد بقطبين عمومي وخاص وتنزيل إصلاح مقياسي لنظام المعاشات المدنية يمكن من تأجيل أفق استدامة النظام من 2022 إلى 2028.

وفي سنة 2016 تم الرفع التدريجي لسن التقاعد إلى 63 سنة، ورفع نسبة المساهمة من 20 في المائة إلى 28 في المائة وتحديد المعاش على أساس 2 في المائة بدل 2.5 في المائة وتصفية المعاشات إلى متوسط الراتب خلال الثماني سنوات الأخيرة من الخدمة الفعلية.

و صادقت الحكومة سنة 2017 على القانون المتعلق بإحداث نظام للمعاشات لغير الأجراء، دخل حيز التنفيذ سنة 2020، بالإضافة إلى بداية تنفيذ الإصلاح المقياسي على نظام منح رواتب التقاعد، غير أن كل هذه الإجراءات كانت من أجل تأخير الإفلاس وليس لأجل الوقف النهائي له.

ملف عويص

ويظهر أن هذا الورش يحمل تعقيدات كبيرة لكثرة المتدخلين، وهو ما جعل  الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس يقول “إن ملف التقاعد معقد وصعب وعويص”، مشيرا خلال ندوة صحفية عقب انتهاء اجتماع مجلس حكومي بداية شهر ماي إلى أن الحكومة تشتغل من أجل التوصل إلى حلول بشأنه مع النقابات بمنهجية تشاركية.

ويقترح المجلس الأعلى للحسابات لإنقاذ تقاعد المغاربة من شبح الإفلاس الإسراع في تنزيل ورش الإصلاح الهيكلي لنظام التقاعد، لا سيما فيما يخص توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد سنة 2025 ليشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، وذلك في إطار ورش تعميم الحماية الاجتماعية”.

وقال التقرير “إن بعض الاصلاحات، التي تكتسي صبغة الاستعجال، لم يتم استكمالها بعد. ويتعلق الأمر على سبيل المثال بإصلاح أنظمة التقاعد، والتي يتجلى طابعها الاستعجالي خاصة على مستوى الصندوق المغربي للتقاعد الذي ما زال يعاني من اختلال توازناته المالية رغم التعديل المعياري الذي عرفه نظام المعاشات المدنية سنة 2016”.

إصلاح شمولي

وطالب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالتعجيل بتفعيل الإصلاح الهيكلي والشمولي لقطاع التقاعد بالمغرب، وتحديد جدول زمني دقيق وملزم لجميع الأطراف لتنفيذ المراحل الكبرى للإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، بالتشاور مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين وباقي الفاعلين المعنيين.

واعتبر المجلس أن إرساء منظومة وطنية للتقاعد، تضامنية وناجعة ومستدامة وقادرة على الاستجابة لانتظارات الأجيال الحالية والقادمة من النشيطين والمتقاعدين وضمان حقوقهم، يقتضي العمل على تسريع تفعيل مسلسل تعزيز توازنات أنظمة التقاعد الموجودة وإرساء الانتقائية بين مصادر تمويلها، وخدماتها، والإطار القانوني والتنظيمي المتعلق بها ونمط حكامتها.

إعفاء الأجراء

شدد مرصد العمل الحكومي (غير الرسمي) على ضرورة تحمل الدولة لمسؤوليتها في عدم تسديدها لأقساطها عن الفترة الممتدة من 1959 إلى 1997، مطالبا بإعفاء الأجراء والموظفين الذين يفوق سنهم 55 سنة من كل آثر لإصلاح مرتقب، مع تغليب الكفة نحو الفئات العمرية الشابة، ووضع حد أدنى لمعاش التقاعد لا يقل عن 1800 درهم للحفاظ على القدرة الشرائية على الطبقة الشغيلة من ذوي الدخل المحدود.

ودعا تقرير المرصد حول صناديق التقاعد إلى إعادة النظر في القوانين المنظمة لتدبير احتياطات صناديق التقاعد بما يزيد من مردودية استثماراتها بما لا تقل عن 8 او 9% سنويا، ويحسن من مساهمتها في تمويل الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى حذف استثناء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من تدبير أمواله الاحتياطية، ما سيمكنه من الرفع منمردوديتها ويعالج إشكالية العجز و يزيد من امد استدامة احتياطاته.

كما أوصى بالعمل على تقليص هدر زمن تنزيل الإصلاح في أفق 2024 على أبعد تقدير، وكذا العمل على سن إجراء ضريبي تضامني، يخصص لتمويل ورش الحماية الاجتماعية بشكل عامل وأنظمة التقاعد بشكل خاص، مع تنزيل نص تشريعي، قانون إطار يوضح خارطة الطريق لإصلاح أنظمة التقاعد، يأخذ طابع الإلزامية للجميع، (أفراد ومقاولات وقطاعات حكومية وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية ومهن حرة…).

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى