القدس صامدة في رمضان – خالد معالي

للقدس، معانٍ ودلالات راسخة، ومزروعة في قلب وعقل كل مسلم وعربي وفلسطيني، وعقيدة دينية متجذرة، تزداد لهيبا في شهر رمضان المبارك، لا يريد “نتنياهو” أن يعرفها أو يفهمها، فراح يهودها ظنا منه، بأن الغلبة له تحت سقف القوة الغاشمة.

في شهر رمضان، الدفاع عن القدس المحتلة، وحماية عروبتها وهويتها ومقدساتها لا تخص الفلسطينيين وحدهم دون غيرهم من أمة المليار ونصف، وصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية تريد أن تفرض بالقوة واعتبار القدس ليست عاصمة لفلسطين، والمؤسف أن بعض القيادات العربية تمارس الضغط على الفلسطينيين لتقديم التنازلات في موضوع القدس وغيرها من حقوق الشعب الفلسطيني لتمرير صفقة القرن للتصفية الشاملة.

تحدٍّ، عبر مواصلة اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى في شهر رمضان واستباحتهم له، “نتنياهو” يقوم بجس نبض الفلسطينيين والشارع العربي والإسلامي في هذا الأمر لبناء كنيس لاحقا، وهو ما فشل فيه حتى اللحظة، مع أنه يواصل خنق القدس بكتل استيطانية وتدمير بيوت أهلها، وجعل اليهود أغلبية مطلقة فيها، وهو ما نجح فيه إلى حد ما.

في شهر رمضان، ما يجري للقدس من تهويد ساعة بساعة، ليس مقتصرا على حي من أحيائها كالمكبر أو سلوان أو الشيخ جراح أو البلدة القديمة، وغيرها، بل يطال الاستهداف كل نقطة وحتى ذرة تراب في المدينة المقدسة، ووفق خطة ممنهجة ومدروسة، ذات رؤى وأبعاد إستراتيجية ما عادت تخفى على أي متابع ومهتم بشأن القدس.

خالد معالي

إنها القدس، التي مكث الصليبيون فيها قرابة مائتي عام واحتلوها 90 عاما متواصلا، فهل رضخت القدس لهم ورضيت بهم واستكانت لهم! إذن هذا هو حال الاحتلال الحالي للقدس، والذي سيخرج منها صاغرا ذليلا مهما طال الزمن.

القدس المحتلة، في شهر رمضان، وعبر التاريخ كانت وما زالت المفتاح للحرب والسلام، وملازمة للوعي السياسي الجمعي للأمة، فدولة المشروع الصهيوني تطوق القدس بالمستوطنات وتهود المدينة المقدسة، كنسخة معاصرة للإمارات الصليبية التي أقامتها فتوحات الفرنجة في المنطقة قبل ألف عام، فهل الإمارات خلدت الاحتلال الصليبي المدعوم من دول أوروبا قاطبة، وقتها؟!

يعتقد قادة دولة الاحتلال أن من يسيطر على القدس يسيطر على فلسطين، ويهيمن على محيطها الجغرافي – السياسي، ولذلك كانت القدس، وما زالت، هي رأس رمح الغزو الاستيطاني اليهودي لفلسطين التي لا تقوم قائمة لدولة المشروع الصهيوني بدونها، وكان واقع وجود الاحتلال وإن طال ظاهريا في فلسطين هو كشوكة في حلق أمة المليار ونصف سرعان ما تجد الأمة الإسلامية طريقة لإزالة الشوكة ولفظها.

في شهر رمضان لا يطلب أهل القدس الكثير، فهم يطالبون الدول العربية بخطوات عملية بسيطة وسهلة، مثل إغلاق سفارات الاحتلال، ودعم الجهود المناوئة للاحتلال، وشن حملات إعلامية مكثفة تعري الاحتلال أمام الدول وشعوب العالم، فهل هذا كثير على القدس وأقصاها وقبة صخرتها التي فداها المسلمون بالغالي والنفيس؟

في شهر رمضان وغيره من شهور السنة، ما يمارس بحق القدس وسكانها ومقدساتها ساعة بساعة على درجة عالية جدًّا من الخطورة، وصل وتعدى الخطوط الحمر جميعها، ويتطلب مواقف وأفعال فلسطينية وعربية وإسلامية نوعية، تتجاوز الروتين المعروف من استنكار وشجب وتنديد لا طائل منه سوى إسعاد وإدخال البهجة والسرور على نفس”نتنياهو”.

قبل فوات الأوان، على الأمة أن تتحرك لنصرة الفلسطينيين والقدس والأقصى ولو بأضعف الإيمان، وعدم تركهم وحدهم ليستفرد فيهم “نتنياهو”، فصفقة القرن ما هي إلا جس نبض، وإن بقي العرب نيام فإن عرباتها ستسير، ولولا المقاومة والنفس المقاوم، لصار حال الأمة والقدس في خبر كان.

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى