محمد يتيم يكتب: معادن الناس وخَيْريتهم 

“الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها إئتلف، وما تناكر منها اختلف” حديث نبوي صحيح فيه إشارة إلى أن الناس يختلفون في ملكاتهم واستعداداتهم الوهبية والكسبية قبل الإسلام ، ومن ثم  في أخلاقهم وسلوكهم وتوجههم إلى العدل والإنصاف، وبذل الخير والمعروف وأن الإسلام إنما جاء لإتمام مكارم الأخلاق.

الناس ليسوا سواء في الحاهلية، ويتفاوتون في الخيرية قبل الإسلام كما يتفاوتون في السوء قبل الدخول فيه،  فيصطحب الناس معهم  خيريتهم إن كان معدنهم نفيسا، ويزداد معدنهم النبيل صفاء وصقلا إذا انتقلوا إلى الإسلام بالفقه ومعرفة أحكام الدين وحدوده وتخلقوا بأخلاقه.. يزداد معدن الذهب لمعانا فيصبح صقيلا نافعا، بينما  تظل طبيعتهم الذهبية مشوبة بمكونات أخرى ومواد أخرى  دون انتقال للاسلام .. ودون فقه في الإسلام.

ومعنى ذلك، أن الاسلام يكشف معادن الناس ويصقلها ويصفيها، ويخلصها من الأخلاط التي تشوبها .. فمجرد الانتقال من الجاهلية إلى الاسلام ليس كافيا .. وليس معدن الناس الذهبي أيضا كافيا، بل لا بد من العلم بالدين والفقه فيه عقيدة وشريعة وأحكاما وأخلاقا ومقاصدا، والعمل بمقتضى ذلك العلم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :” من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين “.

وبذلك تضاف خيرية المعدن ونبله إلى خيرية الفقه والتزكية،  فيزداد المعدن بهاء وصفاء بخيرية  أصلية فطرية أو موروثة ثم بخيرية مكتسبة بالعلم و الفقه  في مجتمع العلم والخير والتزكية . لكن هل يعني ذلك أن من كان معدنه خبيثا لا ينتقل أصلا إلى الاسلام، وأن شرار الجاهلية يظلون عليها أم أنه حتى عند انتقالهم للاسلام يبقى معدنهم السيء مهيمنا.. ؟؟ أم  أنه قد ينطبق عليهم عكس الوصف الذي استخدمه علماء المسلمين ” أسلم وحسن إسلامه” ؟؟؟ فيسلمون ولا يحسن إسلامهم !! وأن هذه المعادن السيئة قد تكون مضرة بإشعاعها السيء والمضر الملوث للبيئة الاخلاقية الإسلامية ؟؟

 إن ذلك وارد خاصة  وأن النبي النبي صلى الله عليه وسلم حذر منه  في قوله “أبدعوى الحاهلية وأنا بين أظهركم “، وقوله صلى الله عليه وسلم ” لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض “.

والمعنى الثاني في حديث ” الناس معادن…” أن الإئتلاف بين الناس له صله من جهة بمعدن الناس وأصولهم واستعداداتهم الأصلية، وله صلة على الأخص بالفقه الذي يُخلِّص من أدران الجاهلية، التي يمكن أن تحجب معدنهم الأصيلة ويمنع من ضرر الأشعة الملوثة للبيئة الاخلاقية الاسلامية !

ويتعارف أصحاب المعدن النفيس ويتآلفون لكن بشرط الفقه .. والفقه علم وعمل، والخيرية وهب وكسب .. ومجاهدة متواصلة ..نور على نور . ويتراكم الخبيث  بعضه على بعض .. ويأتلف أهله ويتجمعون ويسيؤون للمجمتع  “لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُۥ عَلَىٰ بَعْضٍۢ فَيَرْكُمَهُۥ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُۥ فِى جَهَنَّمَ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ”..

للهم اجعل معدننا خيرا، وزكنا بالعلم والإيمان، وصحبة أهل الخير والفضل

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى