رسائل مهمة لشباب الأمة من الندوة الشهرية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

فجوة تتسع كل يوم بين عالم الأمس والغد تنذر بخطر شديد على مستقبل هذه الأمة في ظل تداعيات التطور الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي والفراغ الذي تخلقه الضغوط الدولية والحكام في المنطقة العربية على أهل العلم الداعين إلى الله وبين جمهور الشباب. هذه الفجوة التي يمثل فيها الغد بكل تطلعاته وآماله شباب المسلمين والذي أصبح منفصلا عن الأمس بكل تراثه وتاريخه الذي يمثله الشيوخ خاصة الدعاة منهم والعلماء.

وانطلاقا من مسؤوليات لجنة الدعوة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والتي تهدف إلى معالجة مشكلات الواقع وتفعيل دور العلماء والدعاة جاءت الندوة الشهرية الثانية بعنوان “رسائل مهمة إلى علماء الأمة ويقول الدكتور محمد الصغير رئيس لجنة الدعوة وعضو الأمانة العامة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن هذه الندوة مبادرة علمائية للعمل على سد هذه الفجوة بين الأجيال من خلال معرفة متطلبات الشباب ورسائل الشيوخ ولن تكون هذه الندوة نسقا منفردا بل هي حلقة في سلسلة أعمال تهدف اللجنة إلى تبنيها لمزيد من إحياء دور العلماء وتأهيل الشباب معا تماشيا مع رسالة اللجنة ورؤيتها.

وقد حرصت اللجنة في هذه الندوة على الدمج بين صوت الشباب والشيوخ بين ما ينتظره الشباب وما يتأمله منهم الشيوخ

رسالة مهمة إلى شباب الأمة يكتبها أجيال متفاوتة كما صرح بذلك أ أحمد رشدي مقرر لجنة الدعوة وعضو الاتحاد مؤكدا في الوقت ذاته على التنوع الجغرافي لضيوف الندوة بامتداد من الخليج للمحيط سعيا لتأكيد رسالة اللجنة وتأكيدًا لأهمية الشباب في الأمة جمعاء.

وقد أدار الندوة الداعية الإسلامي الشيخ أحمد هليل مدير عام الإرشاد الديني السابق بوزارة الأوقاف المصرية، موضحا لماذا الشباب؟ وكيف أولاهم رسول الله ﷺ منزلة خاصة ودورا قياديا وهو ما استمر معهم في صدر الإسلام، مؤكدا أنه لن تعود الأمة إلى مسارها الصحيح في قيادة الدنيا إلا بقاطرة شبابية تعي واجباتها وتنصر دينها.

الداعية الإسلامي والبرلماني المغربي الأستاذ أبو زيد المقرئ الإدريسي

تحدث المفكر والداعية الإسلامي والبرلماني المغربي الأستاذ أبو زيد المقرئ، عن أسباب ضعف الخطاب الفكري المؤثر في الشباب، وأوضح فيها أنه ينبغي النظر للموضوع من عدة زوايا خاصة مع مشاهدات الواقع التي يبرز فيها دور رجال الدين في كل ملة في قيادة الشباب وتأجيج الشعوب يقر بأن تأثير العلماء في أمة الإسلام هو الأقل لكنه أيضا معجزة في ظل ما يلاقونه من تضيق وقهر إلا أنني أجمل أسباب ضعف تأثير العلماء والدعاة في الشباب إلى سببين:

(الوعظية والمصداقية) ثم وضح أبو زيد المقرئ الإدريسي، مفهوم الوعظية “بأنه ضعف منسوب الفكر وعدم استخدام المنهجيات الصحيحة المقنعة كما استخدمها القرآن الكريم وسلوك رسول الله ﷺ وخلفائه الراشدين”، وضرب لذلك أمثلة عدة بينما ينتهج كثير من دعاة العصر المنهجية الوعظية التي ترتكز على العاطفة دون الفكر.

ووصف المقرئ بعض الوعظ بالاستبداد الوعظي حيث يجابه الداعية الشباب المتأثر بالانفتاح على الغرب أو غيره من أصحاب الشبهات بالموعظة التي ترهبه وتخوفه لا بالدليل الذي يقنعه ويرشده، وقد علل ذلك بضعف التأسيس الفكري لدى الدعاة أنفسهم وهذا النهج الوعظي قد يصلح مع الأطفال والشيوخ من العوام ولا يتوافق أبدا مع الشباب بما لديهم من قدرات تحليلية.

وتناول الأستاذ أبو زيد المقرئ الإدريسي، في المحور الثاني كما “ضعف تأثير الخطاب الفكري” وهي ضياع المصداقية حيث يقوم الشباب بما لديه من قدرات تحليلية بمتابعة العلماء والدعاة الذين أصبحوا أقرب إلى النجوم الإعلامية بما يتباهون به من مركب وملبس بالإضافة إلى السقطات الأخلاقية للبعض وهو ما يفتح شهية المغرضين والطاعنين على الدين أن يكشفوها ويضخموها ويسارعوا في نشرها بين الشباب، والأخطر من ذلك هم أولئك المتقلبين في مواقفهم وفتواهم مائة وثمانين درجة رغبا ورهبا في أمر من أمور الدنيا وليس عدولا عن الرأي إلى الصواب، وضرب المقرئ مثلا واضحا في ذلك بقضية التطبيع مع الكيان الصهيوني كيف فضحت أمثال هؤلاء المبررين المتاجرين الذين يفقدون الشباب المصداقية في العلماء والدعاة.

وعن كيفية مواجهة هذه المشكلة، بيّن د. أبو زيد الإدريسي أن أول خطوات العلاج:

تنبع من فهم طبيعة العلاقة بين العلماء وطلاب العلم والشباب وأنها ليست علاقة كهنوتية بل علاقة محبة مبنية على الفهم، ضاربا لذلك نموذجا بعلاقة مالك والشافعي وبن القيم وبن تيمية فعلى ما فيها من حب وتقدير كامل إلا أنها لم تمنع الاختلاف في الآراء الفقهية والفكرية.

لابد من وجود ميثاق شرف للعلماء يوضح مدى قدرة العلماء على الحشد والقيادة حتى لا يحملوا فوق طاقتهم خاصة في هذا الواقع المعاصر الذي يحارب فيه العلماء والدعاة.

 هو العدول عن الوعظية في الخطاب والموازنة بينها وبين الخطاب الفكري المتزن الذي يؤثر في الشباب، وأوضح أنه من خلال تتبعه لعدد من المشاهير المؤثرين في الشباب من تيارات مختلفة في الفضاء الإليكتروني رسخ لديه أن الرابط بينهم هو نوعية الخطاب القائم على الإقناع والتحليل المنطقي وليس الوعظية.

 الأستاذ عمر الشبلي، الدكتور بجامعة الزيتونة وعضو لجنة الدعوة بالاتحاد تناول “الهوية الإسلامية ودورها في بناء الذات”

واستهل حديثه بتحديد المستهدفين بالكلمة وهم “الشباب” والذين يرى أنهم قسمين:-

الأول: منهم المعتني بعلوم الشريعة سواء بشكل أكاديمي كطلاب العلوم الشرعية في الجامعات المختلفة أو العصامي الذي يعتمد على التحصيل على يد الشيوخ.

 الثاني: فهم عموم الشباب وعوامهم.

وقال الشبلي، رسالتي إلى الفئة الأولى والذين تسلل لهم الشعور بالإحباط وهناك عدة أسباب ذكرها الشيخ أبوزيد لأسباب عزوفهم عن العلماء وهؤلاء لابد أن تعامل معهم بطريقتين لعملية التصحيح الأول هو “الوقاية” وهو أن نرسخ فيهم مفهوم الهوية الإسلامية وشرف انتسابهم لها، أما العنصر الثاني هو “التكوين العلمي الأصيل” بمعنى أن نتعامل مع غير المتخصصين في الشريعة بتكوين قناعة لديه أنه قادر على خدمة أمته ودينه من خلال موقعه لأنهم يشعرون بالإقصاء حين الحديث عن الدعوة والعمل، وبصفتي من الشباب فأنا أشعر بهم.

وأضاف الشبلي، بما أن الإسلام يتكون من عدة عناصر:

أولها العقيدة: وأقصد بها المعلوم من الدين بالضرورة ليس علم العقيدة بمسائله المتشعبة وهي لا تلزم في كثير منها عوام الناس أن يتعلموها كعلم الكلام والفرق ونحوه، لأن الخلط بين العقيدة وعلم العقيدة أدى إلى إشكالية كبيرة وأجج ذلك بعض الخطاء قليلي العلم وهو ما جعل الشباب ينصرفون إلى أوجه الاختلاف والمفضول عن الفاضل، وعلى شباب المسلمين اليوم أن يتمسكوا بعقيدتهم “بهذا المفهوم الواسع الذي يشمل أسس وثوابت الدين وليس فقط العقيدة” قولا وعملا.

العنصر الثاني وهو التاريخ الإسلامي ووجود مراحل الضعف فيه ليس مستغربا لكن هذه الأمة قدمت للأمم ما لم تقدمه حضارة أخرى وانظروا إلى العالم قبل بعثة محمد ﷺ وبعدها ليترسخ لديكم فضل هذه الأمة وشريعتها وثقافتها على العالم أجمع وكيف كان وضع المرأة والطبقية في المجتمعات ولنرى كيف كانت الهوية الإسلامية هي الضابط لهذا التاريخ ولابد أن يحاول الشباب استعادة التاريخ وأني فخر بها.

العنصر الثالث: “الثقافة” وهو كل ما ينشأ من تفاعل المجتمعات ولابد أن نثري هذا الجانب وأن نعلم أن الموروث الثقافي الإسلامي عظيم بل وهناك كثير منه لم يستكشف بعد وهناك آلاف المخطوطات التي لم تجد من يحققها أو يفيد بما فيها ولا بد أن نعزز الثقافة وأن يعتز الشاب المسلم بثقافته وما قدمته لبشرية.

العنصر الرابع: “الأخلاق” وهي في الإسلام ثلث الدين وفي حديث أبي عمرة قل أمنت بالله ثم استقم ومن الاستقامة أن تظهر عليك مبادئ وقيم وأخلاق الإسلام وأكرر لا بد أن نري العالم وقت بعثت النبي وكيف صار بعدها، والأخلاق لها تأثيرات إيجابية على الحياة الاقتصادية وليس الاجتماعية فقط وهو ما كان عليه النبي حتى قبل البعثة.

وقال الشبلي: أخلاقك تحدد مرتبتك ومكانتك في المجتمع وهي تترجم باطنك فبين الادعاء للإيمان وحقيقة الإيمان هو التطبيقات الأخلاقية لذا فمن بين السبعة الذين يظلهم الله في ظله ذلك الشاب الذي نشأ في طاعة الله وذلك لأنه يواجه الشهوة والشبه ونحن نسينا هؤلاء ونتحدث فقط عن الشاب المثقف دينيا في خطاباتنا للشباب وهو ما يفقدنا كثير من الشباب ويضعف تأثير العلماء والدعاة عليهم.

وعن الإجابة لسؤال لماذا التمسك بالهوية الإسلامية؟

قال الشبلي، لأن المسلم عندما يتمسك بها يحب دينه وأمته وتجعله متوازنا نفسيا ليس كما يحدث الآن من الانبهار بحضارات مختلفة لأنهم يقيسون التقدم بمعيار التكنولوجيا فقط لكن يجب أن يكون معيار التقدم مرتبط أيضا بالقيم.

وهذه الهوية تعزز في المسلم الانتماء والفخر بهذه الهوية والشريعة ويرزق الشاب الطمأنينة النفسية، كما تعزز الأخلاق وتبرز التنافس المحمود وتماسك المجتمع والأمة ويقوي مناعتها فلا تقوى أمة إلا بشبابها ووعيه الفكري والثقافي والحضاري والاقتصادي والسياسي وأن يطبق ذلك على أرض الواقع.

وكانت الكلمة الثالثة من نصيب الأستاذ ياسر فتحي، الباحث في اللسانيات والمحاضر السابق في جامعة ابن خلدون، تناول: ظاهرة فقدان الثقة الأسباب وطرق العلاج.

وقد تميزت الكلمة بالروح الشبابية التحليلية الكاشفة وركز فيها المتحدث بصفته أحد الشباب الطامحين لتفعيل دور الشباب في الأمة على أهمية الدراسات الاجتماعية والإنسانية المرتبطة بالشباب، موضحا أن التفاعل مع الشباب يجب ألا يقف على التلقين فقط أو الانطباعات المنقدح عنهم لدى العلماء أو العاطفة فتفاصيل حياة الناس تختلف حسب الزمان والمكان، وأضاف: نحن في عصر تسارع المتغيرات ويجب أن يكون لدينا دراسات حقيقية تحلل هذه التغيرات وتتوافق معه في لغة الخطاب لذلك ما أرسل الله رسولا إلا بلغة قومه.

وأشار فتحي، أن اختيار اللسان العربي للرسالة الخاتمة يلقى بواجبات التأقلم وفهم سائر اللغات على اللغة العربية وفهم آلامهم وواقعهم وقد ميز القرآن في لغة الخطاب وفقا لمن يتوجه إليهم بالحديث لذا فيجب مراعاة الخلافات بين لغة الشباب وغيرهم وواقع كل زمان ومكان.

وأضاف فتحي، وهنا نقول إن فهم والواقع وخلق الثقة هي على عاتق العلماء ليس الشباب وهو ما يحملنا على توضيح أهمية الدراسات الإنسانية الميدانية القائمة على تحليل الظاهرة ودوافعها ضاربًا لذلك مثالا “بظاهرة الإلحاد” فهذه الظاهرة يقف وراءها عوامل مختلفة ليس مجرد الشبهة فكما جاء في بعض الدراسات التحليلية للظاهرة أن ورائها نزعة التمرد لدى الشباب، ومنها ضياع ثورات الربيع العربي بما ولد لديهم الشعور بالاغتراب وفي دراسة ميدانية استقصائية كانت النتيجة أن ليس هناك توجه ذاتي للإلحاد بل هو توجه خارجي ناتج عن التغييرات الكبرى كالثورات أو الاغتراب أو الانتقال المفاجئ للمجتمع المنفتح مما يفتح باب للتساؤل فجاء هذا الإلحاد على سبيل الاستفهام وليس الشبهات والعنصر الثاني هو الدور الأسري والطبيعة السلطوية التي تقهر ولا تقنع والإلحاد هنا على سبيل المثال ويمكن تطبيقه على كثير من الظواهر الأخرى

وفي توضيح أخر لأهم الأسباب قال فتحي: إن إحصائيات مصرية تتحدث عن ثلاثة ملاين أسره يعولها الشباب وهو ما يعني وجودهم تحت ضغوط شديدة وهو ما يدفعنا إلى التفكير في آليات تتوافق مع طبيعة معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية ولايزال فتحي يستعرض دراسات وإحصاءات أخرى ذكر منها ما جاء أن الاتحاد الدولي للاتصالات في احصائية 2013 أن 77% من الشباب تغلغلت فيه أدوات التواصل الاجتماعي ولم تعد مجرد أدوات تواصل فقط وهذه الإحصائية ولا شك زادت الأعداد فيها خلال هذه السنوات كما زاد التغلغل لهذه الأدوات في جميع مناحي الحياة خاصة لدى الشباب الذي هو محور الدراسة ومحور حديثنا وهو ما أشارت إليه دراسة ميدانية أخرى أوضحت أن التوجهات العامة للشباب لم تعد نحو كليات القمة الطب والهندسة وخلافه بل لأعمال المونتاج والتصميم وما هو  التسويق الإليكتروني والبرمجة وكل العلوم الحديثة المرتبطة بأدوات التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي كما أن الدراسات أثبتت أن الشباب منصرف عن الشأن العام نتيجة الضغوط التي يعانيها في الواقع الحقيقي وأن هذه الأدوات يستخدمها الشباب للهروب من الواقع في صورة الترفيه وأخر ما جاء على لسان فتحي من إحصاءات هي دراسة تتحدث عن تراجع الثقة في الرموز والقيادات العامة لدى 70% من الشباب لأنهم يرون أن هذه الرموز ليست لديها مصداقية بل هم يعملون للمصلحة الشخصية والتكسب خلافا لما يدعون الناس إليه من تغليب المصلحة العامة.

ثم تطرق الأستاذ ياسر فتحي إلى العلاج مؤكدا على وجوب أن نستند في تعاطينا مع هذه المشكلة إلى البحوث والدراسات الاجتماعية وليس الانطباعات أو الآراء، مؤكدا على ضرورة الاستثمار في إمكانات الشباب في ظل الفقر والإحباط والبطالة فيجب أن نسعى لسياسة المهمة التي تشعر الشباب بالإنجاز وتحقيق الذات ليس التلقين وأن نقدم لهم ما يعينهم على التطور بالمجتمع وكلها مسارات تفاعلية وأشار إلى أهمية إيجاد مسارات الدعم بامتلاك أدوات الريادة والتميز وأن العديد من الهيئات العالمية غير المسلمة تستند في علاقاتها مع الشباب إلى الاستثمار فيهم من خلال التمكين والريادة ويجب ألا يكون علماء المسلمين هم أقل الناس استثمارا في دعم الشباب وهو ما يعني وجوب تقديم ما ينهض بالشباب في المجالات الحياتية وليس الشرعية فقط مؤكدا في الوقت ذاته أن هذه الاستثمارات والمسارات التي تدعم تمكين الشباب باب شرعي للصدقة الجارية وتحقيق فروض الكفايات.

الاهتمام العلمي بطرق الخطاب والتواصل وتحليلها وبنائها بناية صحيحة كذلك فمؤثرات الضغوط وحالات التمرد تدعونا لإيجاد لغة تواصل مختلفة تتوافق مع القراءات التحليلية والبنية النفسية الدافعة لذلك ويجب أن يتم إنشاء وحدات تطوير الخطاب لدى العلماء والدعاة وأن تكون متطورة بشكل مستمر.

ثم ختم فتحي حديثة بالتأكيد على العبارة التي بدأ بها وهي “إن بناء الثقة يبدأ بتطوير واقع المؤسسات الدينية أولا وليس الشباب”

وفي الختام كانت كلمة د. عادل الحمد أستاذ التربية وشؤون الأسرة والأمين المساعد لرابطة علماء المسلمين عن: دور الشباب في حمل الراية وتبني قضايا الأمة والتي جاءت في شكل رسائل مختصرة جامعة لكثير من المعاني إلا أنه بين أولا أن الأمة عقدت آمالها بالشباب ومن ذلك أن الشباب هم عماد الأمة وهم الذين نصروا النبي وهم عماد كل أمة وأدوات نهضتها وبناة مستقبلها وتوجه بحديثه للشباب والعلماء قائلا ماذا نريد من الشباب ثم جاءت الإجابة على لسانه على هذا النحو:

نريد من الشباب الثبات على الدين فتمسك الشباب بالدين نصر في ذاته وهو ينصر هذه الأمة بشكل عام والعلماء الذين قدموا في شبابهم وثبتوا وابتلوا بشكل خاص فثبات هؤلاء الشباب على الحد الأدنى من الدين بعقائده وشرائعه وأخلاقه نصر ومن ذلك قول الحبيب للرجل الذي أخذ بالحد الأدنى أفلح إن صدق فمحافظة الشباب على الفرائض نصر للدين.

ثانيا نريد من  الشباب أن يسعى لوحدة الصف امتثالا لقوله تعالى “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” وقوله سبحانه “إن هذه أمتكم أمة واحدة ” وتحقيقا لمفهوم الأخوة الجامع الذي أكده النبي ﷺ إنما المؤمنون أخوة وهو ما يسعى أعداء الأمة على هدمه في النفوس لأنهم يخافون أن تجتمع الأمة الإسلامية وهو ما لو تم لغير وجه الأرض فواجب على الشباب أن ينظروا إلى قضايا أمة ليس بلا إقليمية بل بمفهوم الأمة مع انشغال شباب  كل بقعة بالواجب الذي عليهم فيه وهو ما قام به المهاجرون والمسلمون الأوائل حيث اعتبروا كل أرض هم فيها هي أرض دعوة فانشغلوا بإصلاح وهو ما نشر الدين وحقق مجد المسلمين مؤكدا أن وسائل التواصل اليوم تيسر هذه الروح وتيسر تحقيق هذا المعنى.

نريد من الشباب ثالثا نصرة المظلوم فالشباب أقدر على ذلك من غيرهم ونصرة المظلوم من أهم مبادئ الإسلام بغض النظر عن لون وجنسه بل ودينه وهو باب من أهم أبواب الحفاظ على المجتمعات ولو تأخرنا عنه سيتكاثر الطغاة حوله وعلى سبيل المثال عندما ظُلمت المرأة في بعض الأراضي العربية وتأخرنا عن نصرة المرأة تدخل المنحرفون والعلمانيون لنصرتها زورا وتلبيسا بين رفع الظلم والانحلال رغبة في فتنتها والانحراف بها عن الدين وهكذا الأمر عندما تأخرنا في نصرة المظلومين والفقراء كيف تدخلت فئات الشيوعية واستثمرت ذلك ونحن أحق بنصرة المظلوم من أي أحد ونصرة المظلوم تحتاج إلى المبادرة ولو كانت فردية ولنا مثال بشعب أبي طالب والذي قاده شخص ودعا إليه حتى كانوا خمسة فقط هؤلاء الخمسة أبطلوا قرار أقوى كيان في الجزيرة العربية أيها الشباب بادروا وتعلموا من هذه الواقعة أن الأمور التي دبرت بليل أبطلت ما قرر بالنهار.

وأضاف الحمد قائلا: نريد من الشباب رابعا صناعة البديل الحضاري فأنتم أقرب لصناعة البديل الذي يظهر شخصيتكم ويجعلكم علما حيث تصنعون بديلا إسلاميا لا تستوردون البدائل من الأمم المختلفة مستشهدا في ذلك بقصة الآذان وكيف رفض النبي ﷺ استيراد بدائل الإعلام عن موعد الصلوات من ديانات أخرى وانشغلوا جميعا بفكرة صناعة البديل حتى جاء في رؤية كهدية من الله في صورة الأذان الذي انفردت به الأمة وهو ما يجب عليكم الآن أن تنشغلوا به ولنا حاليا عبرة في وسائل التواصل التي تتحكم في الناس هل لدينا بديل إسلامي وأنتم أهل البرمجة وأعلم بالتكنولوجيا وأثنى الحمد على ما فعل شباب تركيا في صناعة البديل بمسيراتهم التي غيرت موازين القوى.

المصدر : موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (بتصرف) 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى