رابطة مؤسسات التعليم العتيق ودور القرآن بمكناس تنعي الشيخ علي الشدادي، وتقول: أتعبت من يأتي بعدك يا خادم دور القرآن

بجميل الرضى بقضاء الله وقدره، ننعي في رابطة مؤسسات التعليم العتيق ودور القرآن بمكناس لعموم خدام كتاب الله والعلوم الشرعية، والمشرفين على تيسيره، حامل لواء القرآن، والخادم لكتاب الله، والحاضن لطلابه ومريديه، الأستاذ محمد على الشدادي مدير دار القرآن الإمام مالك.
لقد نزل ضيفا عند ربه، ضيفا عند الكريم، ضيفا عند الرحيم، وخلفنا وراءه نكابد هموم تعليم القرآن وطلابه، وشيوخ العلم وحجابه.
دامت لك الضيافة ياعلي عند الكريم، فرحمته أكبر من حبنا، وفضله أوسع من كرمنا، ولطفه بأسرتك أجمل من عنايتنا..
كان الأستاذ علي أيها الفضلاء أمة وحده، مرتِّلا يجمع الناس ويوحّدهم..؛
كان من السُّباق، يحمل رَحله في كل رَبْع تُتلى فيه الآيات..؛
والمرء مع رحله كما قال المختار؛ يَنزل منازل الوحي، يُلقي إليهم بالمودة، ويَحمل أقدامه إلى أبعد مدى تُسمع فيه الآيات، تماما كما حَمل أبو أيوب شَيْبته إلى القسطنطينية، يقود الهمم العالية إلى الخلود..؛
يبوح بمُناه: احملوا نعشي في ناصيّة المرابطين على الأسوار، فإني حافز للجيش ألّا يرجع..؛
تقود روحُه الأجساد وهو مسجّى في نعشه، ويُدفن في الضفة الأوروبية من القسطنطينية..؛
وحده من الأصحاب من وصَل ذاك المدى.
هو علي في عَليائه، دُغُنَّة تروي القلوب بالكلمات، وتَدفع الغمام لتَسقي الربوع بإقامة بيت لله، وتُعلي الصوامع لتُسمع الأذان..
إمام وليس كأيّ إمام، أتعبَ من صحِبه في جمع القرآن وترتيله، ويُتعب من يأتي بعده..؛
وكأنها أمة لا أبا بكر لها..؛
تنوءُ بحِمله الهموم، ويهزُل الكسل، وتَشيخ العقبات..؛
كان في الدنيا كالغريب، لا يَأنَس في عزّها، ولا يَجزع من ذُلها؛ للناس حالٌ، وله حالٌ.
كم من دارٍ للقرآن اليوم تبكي أباها؟
وكم من تالٍ للآيات اليوم يذكر من آواه؟
وكم من محرابٍ ومنبرٍ يئِنُّ أَنِين العِشَار؟
وكم من أُولي الفضل من فقد صاحبًا في الطريق، وأخًا في الوصال، ورافعًا في العزم؟
ذهب أهل الدُّثور بالأجور..
ذهب الأولون الآخرون..؛
فيا قومي، تصبروا وتشددوا، فإنما هي ليالٍ تُعَدّ، وإنما أنتم رَكْبٌ وُقوفٌ، يوشك أن يُدعى أحدكم فيُجيب، فيُذهَب به ولا يَلتَفِت، فانقلِبوا بصالح الأعمال.
أيها الرَّبْع، أيّامُنا ساعة، والَّلحْد من الشِّراك قريب..؛
لقد أصبحتُ أرى المسافة بيني وبين الآخرة كارتِداد الطَّرْف، أوحجْب البصر، أوانْسياب دمعَة المكْلوم..؛
ويحق لمن يعلم أن الموت مَوردُه، وأن الساعة مَوعدُه، والقيام بين يدي الله تعالى مشهدُه أن يطول حُزنُه .
فيا ربعي، أدم الحزن على خير الآخرة لعله يُوصلُك إليك..
وابْك في ساعات الخَلوة لعل مولاك يطّلع عليك فيَرحم عَبرتك..؛
رطّب لسانك بذكر الله، وندّ جفونك بالدموع ..؛
فوالله ما هو إلا حلول القرار في الجنة أو النار؛ من أخطأته الرحمة صار والله إلى العذاب .
أيه الربع، إن فقْد العالم نقْص في الأرض، وإن سُقوط ورقة إمام دور القرآن مصيبة عظيمة لايهوّنها إلا الرّضى بقضاء الجبار والسُّؤال من لطفه..؛
ومن الوفاء الخَطْو على خَطوه، وتكثير سواده الذي تركه..؛
فآثارُه المكتوبة بيِّنة في قلوب الرجال، في تلامذة حجّوا إلى تشييعه وهم يحملون أناجِلهم في صدورهم؛ في أئمّة يحرسون المساجد بالآيات والصوامع بالتّرتيل؛ في فتية وفتيات يحفظون الّلوح ويرسمون بالقلم.
أيها الربع، ستبقى الرُّسوم والألواح وفاءً لروح الشهيد..
ويُرفع دوي النحل بالترتيل..
وتُسوَّد الِّلحاف بالحروف..؛
سنبقى خُدَّاما للقرآن ودوره..
ولعلوم القرآن ومؤسساته..؛
وجُمَّاعًا مُرتلين لأهل القرآن..
ساعين لأهل الخير والفضل ليُتمُّوا حجّهم ويُوفوا نُذورهم.
ترجَّلت يا علي في أفضل أيام الله، ضيفا في الشهر الحرام..،
هجرتنا إلى مَهاجِرك الأبدي، في رَوْح ملائكي، ضيفا مرضِيا..،
قد نزلت مَنزل الرّضوان، وتركت أبناءك يُكابدون إرثك الطيب، يَسقون به العطشى..؛
سيذكرونك أستاذًا ومربيًا..،
سيسلكون مسلكك الكريم في رَحِم العلم وبَلالِه،
سيحفظون الوَصْل والعهد إلى أن تجمعنا حلق الشوق والمحبة في الروضة والحوض..
فاللهم إن صاحبنا هذا قد نزل بك وخلف الدنيا وراء ظهره مفتقرا إلى ما عندك..
اللهم ثبّت عند المسألة منطقه ولا تَبتلِيه في قبره بما لا طاقة له به وألْحقه بنبينا عليه السلام..
إلى جنة الخلد، وإلى اللقاء..
“””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
رَحلت يا عليٌّ فابتَلّت مدامعٌنا حُزنا عليكم وما جفّت مآقينا
رحلت يا إمام والحزن خيّمنا وليس ثمة غير الصبر يُسلّينا
كم من هموم كنت تَحملها لو حمَلت جبلا ألْقى بها حِينا
أفنيت عمرك للقرآن تخدمه من منهل العلم والآداب تسقينا
تَبكيك الدُّور وطلابها في أسف تقول أين الذي بالذكر يحيينا
يَبكيك مسجدك المحزون في كرْب فراقكم يا سليل المجد يضنينا
يبكيك أطفال يتم كنت تكفلهم يبكيك أهل وجيران مصلينا
ما مت يا علي ما ماتت محاسنُكم محاسنٌ نُبْل في البيداء تهدينا
ما مت يا علي ماتت معالمكم ما مات علمك بل باقٍ بنادينا

رابطة مؤسسات التعليم العتيق ودور القرآن بمكناس

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى