ذ محمد يتيم يكتب: الرياضة والقيم والانتصار لقضايا الوطن والأمة

تتوالى الإشارات والمؤشرات على أن الأبطال الرياضيين، ورموز الرياضة في كرة القدم وجمهورها أيضا، وغيرها من الألعاب الرياضية ليسوا بمعزل عن الإحساس بمعاناة الأمة وقضايا المصيرية، وأن انشغالهم ونبوغهم في مسار رياضي؛ لا ينفصل عن كونهم جزء من هذا الوطن وقضاياه و الأمة وقضاياها المصيرية، فضلا عن إصرارهم أن لا يتحولوا إلى كومبارس في خدمة الدعاية التجارية التي تتعارض مع مبادئهم وقناعاتهم.

آخر لقطة دالة في هذا الصدد هو رفض اللاعب الدولي الخلوق أيوب الكعبي مؤخرا؛ أن توضع قنينة بيرة في الطاولة التي جلس عليها وهو يعطي تصريحا صحفيا، حيث طلب ” ‘زاحة ” البيرا وترك التروفي ” كما ورد في تعليق بعض المواقع على لقطة، تظهر بوضوح هذه الواقعة.

ولا زالت لقطات مونديال قطر الأخير؛ التي توشح فيها لاعبون مغاربة بوشاح العلم الوطني وحمل بعضهم للعلم الفلسطيني، تدل على الأبطال الرياضيين جزء لا يتجزأ من الأمة يعيشون ويتفاعلون مع قضايا فضلا عن قضايا وطنهم . كما أن الملاعب المغربية وحناجر جماهيرها ما فتئت تتغنى تضامنا مع فلسطين. ومن ذلك أغنية “رجاوي فلسطيني” التي أبدعها أغنية جمهور الرجاء الرياضي المغربي سنة 2019 لمساندة الشعب الفلسطيني، والمطالبة بالحرية لفلسطين والقدس والتي أصبحت تتردد في أنحاء العالم.

وخلال الأيام الأخيرة وفي غمرة العدوان الصهيوني على غزة والهجوم الهمجي على رفح، ظهر اللاعب حكيم زياش وهو يلف نفسه بالعالم الفلسطيني في إشارة تضامنية واضحة إثر فوز فريقه بالدوري التركي، وهي اللقطة التي أثارت حماس وتعاطف جمهور فريق كلاطاسراي التركي الذي يلعب زياش في صفوفه.

هذه الوقائع ليست معزولة بل تشهد لها سوابق كثيرة منها؛ مقاطعة رياضيين عرب اللعب مع فرق ولاعبين يمثلون الكيان الصهيوني منذ عام 1991، واستمرت حالات من المقاطعة على مدار 30 عاما ومن ذلك مثلا :
– انسحاب مصارعي الجودو الجزائري فتحي نورين، والسوداني محمد عبد الرسول قبل أيام من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية (طوكيو 2020) رفضا لمواجهة مصارع إسرائيلي .

ـ رفض حارس مرمى منتخب مصر السابق نادر السيد المشاركة في مواجهة فريق من الكيان الصهيوني في منافسات الدور الأول لبطولة أوروبا للأندية أبطال الكأس 1999-2000، ورفض تأشيرة دخول إسرائيل على جواز سفره المصري.

كما نشطت حركة سميت في وقت من الأوقات حركة المقاطعة للأنشطة الرياضية من منطلق أن الرياضة التي تُمارس في إلكيان الصهيوني لا يمكن اعتبارها مجرد رياضة، بل هي أداة تستعملها سلطات الكيان الصهيوني لتحقيق أهدافها السياسية والأيديولوجية، التي كان وما زال التمييز ضد أصحاب الأرض من الفلسطينيين أبرز مظاهرها وتجلياتها. كما أن المنافسة مع الرياضيين الإسرائيليين هي نوع من التطبيع المباشر مع الكيان الصهيوني ..وهذه بعض الأمثلة من محطات للمقاطعة الرياضية.

ففي دورة الألعاب الآسيوية سنة 1974 في العاصمة الإيرانية طهران، وبالتحديد في الدور الثاني، رفضت جميع المنتخبات المشاركة؛ منتخب كوريا الشمالية والمنتخب الكويتي اللعب مع منتخب الكيان الصهيوني في الدور الثاني من المجموعة الثانية لرياضة كرة القدم، مما أجبر الفيفا على تحديد موعد مباراة فاصلة بين “إسرائيل” وويلز لضمان عدم تأهل الفريق “الإسرائيلي” دون لعب مباراة واحدة على الأقل ولكن “إسرائيل” خسرت.

واليوم، تبدو كل الشروط مواتية لإعادة إحياء كل مظاهر رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني في جميع المجالات، وبالأخص في المجال الرياضي الذي قد يشكل نافذة من نوافذ الاختراق التطبيعي مما يتعين معه التذكير بمحطات المقاطعة، والتنويه بكل مظاهر التضامن مع الشعب الفلسطيني في كل المجالات بما فيها المجال الرياضي؛ خاصة مع افتضاح الطبيعة العدوانية وتزايده في الوعي الشعبي العالمي، وما تعرفه شوارع عواصم الغرب وجامعاته، ويظهر من خلال المدرجات الرياضية، وفي الحراك الطلابي؛ الذي اشتعل في الجامعات الأمريكية وامتدت آثاره لتشمل عدد من الجامعات الأوروبية.

وما سبق، دليل على تنامي حركة الوعي بمظلومية الشعب الفلسطيني وعدوانية الكيان الصهيوني،
وأن المقاومة ينبغي أن تشمل كل المجالات؛ بما في ذلك مقاومة الاختراق التطبيعي الرياضي، وأن الأبطال والرموز الرياضيين لهم دور كبير في هذا المجال، وفي مقاومة كل مظاهر الانحراف الاجتماعي، ورفض الترويج الإشهاري لما يخالف قيمنا وأخلاقنا.

فتحية لزياش وتحية للكعبي.. وتحية لكل الأبطال الرياضيين الذين يرفضون بيع ذمتهم على حساب مبادئهم وانتمائهم للأمة وقيمها وأخلاقها، وعلى حساب انحيازهم للقضايا العادلة.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى