انتفاضة الحجارة.. هبة جماهيرية وعلامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني

يُحيي الفلسطينيون اليوم الثلاثاء 08 دجنبر 2020، الذكرى الـ 33 لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى “انتفاضة الحجارة”، والتي اندلعت نهاية عام 1987 واستمرت 7 سنوات قبل قدوم السلطة إلى قطاع غزة والضفة الغربية عام 1994.

وتعد “انتفاضة الحجارة” أكبر هبة جماهيرية يخوضها الشعب الفلسطيني بعد احتلال العصابات الصهيونية لفلسطين عام 1948، والتي أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية بعد نسيانها على مدار السنوات، وسلاحها الاستراتيجي “الحجر”.

اندلعت شرارة “انتفاضة الحجارة” بعد تشييع الفلسطينيين في ذلك اليوم، 4 عمال من بلدة “جباليا” شمالي قطاع غزة، قضوا جراء حادث سير “متعمد” وقع بين سيارتهم ومقطورة إسرائيلية خلال عودتهم من العمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وعمّت المظاهرات بلدة “جباليا” ومخيمها، تخللها رشق الآلاف من الشبان جنود الاحتلال بالحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة، وامتدت إلى كل شارع وزقاق في المخيم، حيث جابههم جنود الاحتلال بالرصاص الحي، واستشهد جراء ذلك الشاب حاتم السيسي (21 عامًا)؛ أول شهيد في هذه الانتفاضة.

واعتقد الاحتلال في حينه، أن هذه المواجهات عبارة عن ردٍّ عابر على جريمة حادث المقطورة، وأن الأمور ستهدأ في اليوم التالي، إلا أنها اشتعلت من جديد وتصاعدت حتى امتدت إلى بقية مخيمات القطاع وأحياء مدينة غزة، ومن ثم الضفة الغربية.

ومنذ ذلك الحين، دخلت كلمة “انتفاضة” في القاموس العربي وقواميس اللغات الأخرى من حيث ترجمتها؛ لتأخذ والأحداث ضجة إعلامية كبيرة، لا سيما في الإعلام الغربي رغم محاولة الاحتلال التعتيم عليها.

من جانب العدو، جند الاحتلال الصهيوني، أكثر من 80 ألف جندي لوقف زخم الانتفاضة وقمع الفلسطينيين العزل، واستخدمت الكثير من الوسائل لقمعها، إلا أنها فشلت في كبح جماح فلسطينيين الذين لم يعودوا يحتملون احتلالا يأكل أرضهم، ويقذف بأبنائهم في السجون، ويهدم منازلهم، ويقضي على حلمهم بالاستقلال والحرية والعودة.

إقرأ أيضا: رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يثمن المواقف الثابتة والمبدئية للمغرب في دعم القضية الفلسطينية

فاستخدمت قوات الاحتلال شتى الوسائل لقمع الانتفاضة وإخمادها دون جدوى وارتكبت سلسلة مجازر بحق الفلسطينيين كان أبرزها:

  • مجزرة الحرم القدسي الشريف؛ 8 أكتوبر 1990 وأدت لاستشهاد 21 فلسطينيا.
  • مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل؛ فبراير 1994 والتي راح ضحيتها 34 شهيدا قضوا خلال صلاة الفجر.
  • مجازر في “نحالين” ومخيم “النصيرات” وحي “الشيخ رضوان” و”الصبرة” و”الدرج” بمدينة غزة، وخانيونس.

وخلال هذه الانتفاضة استشهد قرابة الـ 1300 مواطن وأصيب 90 ألفا، في حين سجلت أكثر من 200 ألف حالة اعتقال خلال السنوات السبع للانتفاضة، كما شرعت قوات الاحتلال فور اندلاع الانتفاضة بتنفيذ حملة اعتقالات كبيرة طالت الآلاف من الفلسطينيين، وافتتحت العديد من السجون والمعتقلات لاستيعاب المعتقلين الجدد.

وظهرت خلال هذه الانتفاضة الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية بمسمياتها الجديدة، ونفذت سلسلة عمليات فدائية من خلال إطلاق الرصاص والكمائن، وكذلك عمليات التفجير والتي أسفرت عن مقتل العشرات من جنود الاحتلال.

وحينما أدركت سلطات الاحتلال أن استخدام القوة لن يجدِي نفعاً في إيقاف الانتفاضة، لجأت إلى “الحل السلمي” ففتحت خط مفاوضات مباشرة مع منظمة التحرير، مما تسبب في انقسام في المجتمع الفلسطيني.

أسفرت المفاوضات عن توقيع اتفاق “أوسلو” بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية يوم 13 سبتمبر 1993؛ والذي ينص على تأسيس السلطة الفلسطينية، التي تم تشكيلها بعد 6 أشهر، وبسط نفوذها في قطاع غزة ومدينة أريحا، وإدخال قوات الأمن الوطني الفلسطيني، وتشكيل الأجهزة الأمنية، وخروج قوات الاحتلال من داخل المدن وانتشارها على الحدود، وبقائها في المستوطنات، وتخمد بذلك الهبة الجماهيرية الكبيرة لتطوى صفحة “انتفاضة الحجارة”.

س. ز / الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى