الشباب والمجتمع المدني في ظل التحولات : الواقع والآفاق (دراسة)

يطرح هذا الموضوع العديد من التساؤلات الراهنة، والتي تحتاج إلى بذل جهد للإجابة عنها، وتفرض الوقوف على مسار العمل المدني وتطوره وتدافعه، وخياراته، وما يتطلبه من فاعلية وحركية ،واستيعاب للمتغيرات، كما يفرض علينا ولو بإيجاز استحضار مسار رؤية المجتمع بكل أطيافه لمنظومة المجتمع المدني، وما تتطلبه المرحلة من تطوير أدائنا المدني، ومصاحبته بالفعل الرسالي في أفق تحقيق الإصلاح ومحاربة كل مظاهر الفساد، وموقع الشباب في ظل هذه التحولات . ومدى أهلية الشباب والجمعيات للقيام بفعل مدني راق ؟ إن ما سيميز فعلنا المدني الرسالي المواكبة والتأهيل والتكوين والاحترافية والفاعلية ..

ونرى لزاما طرح أسئلة /إشكاليات تؤطر النقاش وتكون منطلقا للعمل: ما مفهوم المجتمع المدني؟ وما مسار العمل المدني بالمغرب ؟ ما دور المجتمع المدني والجمعيات في ظل الدستور الجديد ؟ ماذا يتيح لنا الدستور؟ ما السبل لتأسيس دولة الحق والقانون ؟ ما دور الشباب في النسيج الجمعوي ؟ وهل الجمعيات مؤهلة لاحتضان الطاقات الشبابية ؟ وما مدى استعداد الشباب للانخراط في العمل المدني فعلا وتفاعلا وعطاء ؟

تحديد المصطلحات: الشباب، المجتمع المدني

كغيره من المجتمعات العربية الإسلامية، يواجه الشباب المغربي مجموعة من التحديات التي تتوزع على تحديات أسرية، وأخلاقية مرتبطة بالقضايا العامة(كالعلاقات الجنسية خارج الزواج، والشذوذ الجنسي، والسيدا وتعاطي المخدرات والدعارة )، و تعليمية، وفنية، ومذهبية وعقائدية. ولا حاجة بنا للتذكير أن هذه التحديات لا تشكل إلا جزء ضئيلا من مجموع التحديات التي تواجه الشباب المغربي اليوم،.فماذا نقصد بالشباب ، والمجتمع المدني ؟

في تحديد المصطلحات:

الشباب: ج شاب ويجمع على شبان، والشاب من بلغ، ولم يجاوز الثلاثين ( النووي) والشاب في اللغة من شب وهذه اللفظة تدل على الفتوة والقوة، والنشاط والحركة، والحسن والارتفاع، والزيادة والنمو ( القاموس المحيط). ومرحلة

ومرحلة الشباب هي ربيع العمر، ويتمتع الشباب بطاقة هائلة وقدرات جبارة وحيوية فريدة، وفعالية متحركة، وتفتح متقد.ويسيطر على الشباب العواطف الجامحة، والشهوات الغريزية أوجها، بينما يكون النمو العقلي والفكري في بداية الطريق أو منتصفه.

المجتمع المدني : يقصد بالمجتمع المدني مجموعة من التنظيمات الأهلية والشعبية المستقلة عن الدولة والحكومة والأفراد ، تتكون من هيئات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية وإيكولوجية ودينية ، تدافع عن مصالح الشعب المشتركة ومصالح الأمة والإنسانية قاطبة ، وتسعى إلى خدمة أهداف المجتمع الأهلي ماديا ومعنويا من أجل الرفع من مستوى التجمعات البشرية وتحقيق حاجياتها وإشباع رغباتها وتوفير الرفاهية المطلوبة والتنمية المستدامة

يشير مصطلح المجتمع المدني إلى كل أنواع الأنشطة التطوعية التي تنظمها الجماعة حول مصالح وقيم وأهداف مشتركة. وتشمل هذه الأنشطة المتنوعة الغاية التي ينخرط فيها المجتمع المدني تقديم الخدمات، أو دعم التعليم المستقل، أو التأثير على السياسات العامة. ففي إطار هذا النشاط الأخير مثلا، يجوز أن يجتمع مواطنون خارج دائرة العمل الحكومي لنشر المعلومات حول السياسات، أو ممارسة الضغوط بشأنها، أو تعزيزها (معاقبة صانعي السياسات أو مكافأتهم).

يضم المجتمع المدني مجموعة واسعة النطاق من المنظمات الحكومية وغير الربحية التي لها وجودٌ في الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها أو الآخرين، استناداً إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية أو خيرية

ومن ثم يشير مصطلح منظمات المجتمع المدني إلى جمعيات ينشئها أشخاص تعمل لنصرة قضية مشتركة، وهي تشمل المنظمات غير الحكومية، والنقابات العمالية، وجماعات السكان الأصليين، والمنظمات الخيرية، والمنظمات الدينية، والنقابات المهنية، ومؤسسات العمل الخيري. أما الميزة المشتركة التي تجمع بين منظمات المجتمع المدني كافة، على شدة تنوعها، فهي تتمثل باستقلالها عن الحكومة والقطاع الخاص أقله من حيث المبدأ. ولعل هذا الطابع الاستقلالي هو ما يسمح لهذه المنظمات بأن تعمل على الأرض وتضطلع بدور هام في أي نظام ديمقراطي

مقومات المجتمع المدني : الطوعية.التنظيم،الاستقلال عن الدولة،خدمة الصالح العام.عدم السعي للوصول إلى السلطة.

عدم اللجوء إلى العنف

مزايا المجتمع المدني :

ترسيخ الثقافة الديمقراطية والتربية على المواطنة.

توسيع قاعدة المهتمين بالمصلحة العامة.

تلبية الاحتياجات المتعددة والمتنوعة للأفراد من خلال انخراطهم في الأنشطة الجمعوية التي تلائمهم .

تكوين النخب وإفراز القيادات الجديدة لاسيما الشبابية.

امتصاص حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي ، والتنفيس عنها بتفجير الطاقات بصورة إيجابية ، واعتماد النهج السلمي في اتخاذ المواقف المختلفة، والتعبير العلني عن القناعات المتباينة.

الشباب إحصائيات صادمة وفرص ضائعة:

 تضم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حاليا أكثر من 100 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 29 عاما. هؤلاء يمثلون نحو ثلث إجمالي سكان المنطقة. هذه الطفرة الشبابية هي بمثابة هبة سكانية تنطوي على إمكانيات هائلة وفي الوقت نفسه تواجه عددا من التحديات. فالشباب يمكن أن يكونوا محركات للنمو ومصدرا للابتكار والإنتاجية. لكنهم يحتاجون إلى اقتصادات منفتحة تتمتع بالحيوية وتوفر الكثير من الفرص التي يمكن توجيه طاقاتهم إليها. وثمة تحديات في العديد من بلدان المنطقة لتهيئة هذه الظروف رغم أنها مرت بحقبة شهدت فترات من النمو الكبير. لكن ما لبثت هذه الإمكانيات أن تحولت تدريجيا إلى إحباط. وكما أثبت “الربيع العربي”، فإن صبر الشباب الذي يواجه فرصا محدودة في المشاركة الاقتصادية والسياسية له حدود.

يشكل الشباب في المغرب 30 في المائة من السكان وعشر إجمالي عدد الشباب في المنطقة. فمستويات إقصائهم عالية للغاية: فقد كشف مسح مبتكر أجراه البنك الدولي مؤخرا أن 49 في المائة من الشباب المغربي لم يلتحقوا بالمدارس ولا بالقوى العاملة. ويحلل تقرير جديد بعنوان تشجيع الفرص والمشاركة للشباب أسباب هذا الجمود الواسع ويقترح سلسلة من السياسات والتوجهات المتعلقة بالشباب خصيصا. ويواجه المغرب تغيرات جذرية، وبالنسبة “لغلوريا لاكافا “كبيرة علماء الاجتماع في البنك الدولي التي قادت الفريق الذي أعد التقرير، فهذه هي الفرصة المواتية تماما لإطلاق الحوار جديد حول أفضل السبل لمساعدة الشباب على تحقيق ذاتهم بالكامل.

سجل مشروع التقرير الوطني لأهداف الألفية للتنمية برسم 2012 أن معدل تمدرس الشباب من الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة عرف تحسنا مهما بالمغرب بانتقاله من 58 في المائة سنة 1994 إلى 84,6 في المائة سنة 2012

وأوضح مشروع التقرير، الذي قدمته المندوبية السامية للتخطيط، أن هذا الإنجاز، الذي يعزى إلى تحسن معدلات التمدرس وانخفاض معدلات الهدر المدرسي، برز بشكل ملحوظ في صفوف الفتيات حيث انتقل معدل تمدرسهن خلال الفترة نفسها من 46 في المائة إلى 79 في المائة، في حين انتقل معدل التمدرس لدى الذكور من 71 في المائة إلى 90,1 في المائة

وفي ما يخص محاربة الأمية بالنسبة للفئة العمرية ما بين عشر سنوات فما فوق، أفاد التقرير بأن معدل محاربة الأمية على الصعيد الوطني، بلغ 36,7 في المائة سنة 2012، مقابل 55 في المائة سنة 1994 مع تسجيل تطور ملموس بالوسط القروي، حيث تراجعت نسبة الأمية من 75 في المائة إلى 51,2 في المائة.

وأرجع المصدر ذاته هذا التقدم إلى نجاعة الاستراتيجية الحكومية المعتمدة في هذا المجال، والتي مكنت من الرفع من عدد المستفيدين من برامج محو الأمية حيث انتقل العدد من 655 ألفا و478 مستفيدا (منها 517 ألفا و985 امرأة) في 2006 إلى 702 ألفا و119 مستفيدا (منها 587 ألفا و88 امرأة) في 2011.

وكشف مشروع التقرير، الذي تم تقديمه خلال مناظرة نظمتها المندوبية السامية للتخطيط تحت شعار “التنمية البشرية: زعامة ملك، إرادة شعب”، أن عدد التلاميذ المتمدرسين بالمستوى الابتدائي شهد تطورا ملحوظا ما بين موسمي (2008 -2009) و(2011 – 2012 ) إذ انتقل العدد من ثلاثة ملايين و863 ألفا و 883 تلميذا إلى أربعة ملايين و16 ألفا و934 تلميذا بزيادة إجمالية بلغت 3,9 في المائة.

وأبــرز أن الدعم الاجتماعي المقدم للتلاميذ، خاصة برامج الدعم المالي (تيسير)، الذي بلغ عدد المستفيدين منه في موسم ( 2013/2012 ) ما مجموعه 873 ألف تلميذ مقابل 88 ألفا في موسم (2009/2008 ).

وفي ما يخص نسب التمدرس، فقد بلغ المعدل 96,6 في المائة في موسم (2012/2011 ) مقابل 90,5 في المائة خلال موسم (2009/2008 )، وهو تطور يترجم الجهود المبذولة من أجل تعميم التعليم، لاسيما في الوسط القروي وفي صفوف الفتيات بالأخص.وفي ما يتعلق بالنيات التحتية التعليمية، ذكر مشروع التقرير أن عدد القاعات الدراسية انتقل من 85 ألفا و173 قاعة إلى 88 ألفا و644 قاعة ما بين موسمي (2009/2008 ) (2012/2011 ) بمعدل نمو بلغ 4,1 في المائة، علاوة على الجهود التي بذلت من أجل تزويد عدد من المدارس بالكهرباء والماء الشروب والمكتبات المدرسية.وأثار المشروع الانتباه إلى التحسن الذي شهده التعليم الثانوي الإعدادي حيث انتقل معدل التمدرس بهذا السلك من 42,7 في المائة إبان موسم (2009/2008 ) إلى 53,9 في المائة خلال موسم (2012/2011

كشف البنك الدولي في تقريره “تحدي إدماج الشباب بالمغرب” أن ما يعادل نصف الشباب بالمغرب الذين تتراوح أعمارهم بين سن الخامسة عشر والتاسعة والعشرين عاماً يفتقرون إما لعمل أو لمقعد دراسي.

وتشكل الفئة العمرية ما بين الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين سنة نسبة 22% من مجموع الساكنة، ونسبة 40% من الساكنة البالغين سن العمل بين 15 و6 سنوات.

وسجلت إحصائيات البنك الدولي في تقرير حديث أن الفئة التي لا يتجاوز مستواها التعليمي الشهادة الابتدائية أو السنوات الأولى من التعليم الإعدادي، هي الفئة التي تشكل نسبة 80% من العاطلين الشباب بالمغرب.

ولخص تقرير البنك الدولي مكامن المشكلة في عدم انتشار أنشطة مهنية أو دراسية لدى الشباب المغربي، وأضاف التقرير أن العاطلين ذوي المستوى التعليمي العالي لا يشكلون سوى نسبة 4.7% من إجمالي العاطلين في الوقت الذي تشكل فيه فئة العاطلين الأميين، نسبة تقارب العشرين في المائة (19.3% )، أما فئة العاطلين الذين يتوفرون على تعليم من المستوى الإعدادي فتصل نسبتهم إلى 28.8%، في الوقت الذي تصل فيه نسبة العاطلين الحاصلين على مستوى تعليمي ثانوي إلى 16.3%.

كشفت دراسة صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب أن المغرب يعاني من الشيخوخة، إذ ارتفعت نسبة المسنين من 7 إلى 8 بالمائة ومن المرتقب أن تصل سنة 2030 إلى 15 بالمائة. وبينت الدراسة إلى أن 52،4 بالمائة من المسنين يعيشون في الوسط الحضري، وكشفت الدراسة أن نصف الأشخاص المسنين تتجاوز أعمارهم 66,7 سنة، مع الإشارة إلى أن نسبة السكان الحضريين تتوقف في 55 بالمائة في المغرب. “

وتوصلت الدراسة إلى أن نسبة الخصوبة لدى المغربيات شهدت انخفاضا من 7،2 إلى 2،4 أطفال لكل امرأة من 2،7 إلى 2،4 طفل لكل امرأة وذلك خلال الفترة الممتدة من 1960 إلى 2006، مقابل تراجع الخصوبة ارتفع معدل أمل الحياة، وذلك بفضل تحسن الخدمات الطبية، إذ انتقل عند كل ولادة من 47 سنة إلى 72 سنة. هذا التغيير كان العامل الأساس في انخفاض نسبة الشباب أقل من 15 سنة، إذ انتقلت النسبة من 44،4 في المائة إلى 29،8 في المائة، مقابل انخفاض الفئات الشابة، ارتفعت نسبة الأشخاص النشيطين (ما بين 15 و59 سنة) من 61 إلى 62،2 في المائة

وقد همت الدراسة عينة مكونة من 3010 مسنا ينتمون إلى 2500 أسرة، وأنجز البحث الميداني ما بين يوليوز وشتنبر 2006 وأشرف على البحث فرق متخصصة في البحث.

وكشفت الدراسة إلى أن المسنين الحاليين كانت تتراوح أعمارهم ما بين 10 و17 سنة غداة استقلال المغرب عام 1956. وكشفت الدراسة إلى أن نصف الأشخاص الذين يبلغون أكثر من 60 سنة فأكثر خلال 2030 أميون لا يعرفون الكتابة ولا القراءة

وتناولت الدراسة معدل الفقر، إذ كشفت أنها أقل من المعدل الوطني، إذ لا تتعدى 6،5 في المائة مقابل 8،9 في المائة لدى الفئات الأخرى، هذه النسبة، سجلت الدراسة، تشهد ارتفاعا في الوسط القروي مقارنة بالوسط الحضري (9،6 في المائة مقابل 3،5 في المائة) وكشفت الدراسة إلى أن هؤلاء المسنون تعانون تهديدا مزدوجا: أمراض الشيخوخة والأمراض التعفنية التي قضي عليها في أوربا، وقد صرح 58،9 في المائة بأنهم يعانون من مرض مزمن حاد واحد على الأقل (66,6 % لدى النساء و53,3% لدى الرجال.نقطة أخرى تزيد من مأساة المسنين المغاربة، وهي أن 30،7 في المائة منهم عاجزون عن مزاولة مهام الحياة اليومية، يضاف إلى هذا الأمر أن 86،7 من الأشخاص المسنين لا يتوفرون على أية تغطية صحية (77،6 بالوسط الحضري و96،8 في الوسط القروي.

مع التطور السكاني الملحوظ   عرفت  الفئة العمرية بين 15- 34 سنة ارتفاع  يتراوح إلى 12 مليون نسمة أي بنسبة % 38.31 من عدد ساكنة المغرب سنة 2004 ، فرغم ما يتسم به العمل الجمعوي  من أهمية بالغة في تنمية المغرب وتنمية قدرات أفراده ، لكننا نجد نسبة ضئيلة جداً من الأفراد الذين يمارسون العمل الاجتماعي، فهناك عزوف من قبل أفراد المجتمع، وخاصة الشباب بالرغم من أنهم يتمتعون بمستوى عالي من الثقافة والفكر والانتماء وكذلك من وجود قوانين ومؤسسات وبرامج وجوائز التي تشجع الشباب على المشاركة بشكل فاعل في تنمية المجتمع عبر المشاركة الجمعوية.

مسار المجتمع المدني بالمغرب:

أصبح  نسقا ثالثا بل سلطة خامسة ، يعتمده علماء الاقتصاد والاجتماع لدوره التنموي والاقتصادي والإنساني  ،العمل المدني منافس حقيقي للأحزاب السياسية في مشاريعها  ، يشترك مع الدولة أو يتحمل جزءا من أعبائها في مشاريع شتى.

عرفت الحركة الجمعوية المغربية تطورا ملموسا في العقدين الأخيرين :  يترجم ذلك تكاثر الجمعيات وازدياد الحاجة للتجمع والتفكير الجماعي بغية حل مشاكل بشكل تشاركي تفاعلي بين كافة الأطراف التي تمسها هذه المشاكل .

هذا التكاثر والتنوع في النسيج الجمعوي أدى إلى تطوير تجربة الاشتغال وتنوع الخدمات المقدمة ، ظهور خدمات جديدة موجهة بشكل مباشر نحو المواطنين مرتبطة أساسا بقيم الديمقراطية والمواطنة  تسعى إلى محاربة الفقر والأمية في أفق تنمية مستديمة .

مرحلة عهد الحماية :

اقتصر الفعل الجمعوي على المنظمات الشبابية التي انخرطت في معركة تحرير الأرض والإنسان  واهتمت بالدفاع عن الحقوق الأساسية: المحافظة على الهوية الوطنية، صيانة سيادة الأمة ،تحقيق الاستقلال

غداة الاستقلال :

تأسيس هياكل فعالة وحديثة من شأنها ان تضمن مشاركة الشباب في تحقيق مقاصد تنمية البلاد.، ميلاد أهم منظمات الشباب الوطنية : (الجمعية المغربية لتربية الشباب، حركة الطفولة الشعبية، جمعية التربية والتخييم…) التركيز على مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد: مشروع التشجير، تشييد المدارس في القرى، إنجاز مشروع طريق الوحدة

خلال السبعينات:

مؤاخذة السلطات العمومية على الجمعيات ارتباطها بالأحزاب: توتر العلاقة بين الطرفين، تهميش الجمعيات دور الجمعيات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية: انفراد الدولة آليات ووسائل التنمية، والاضطلاع بتلبية حاجيات المواطنين في مجالات: التشغيل، الصحة، التعليم، البنيات التحتية…

ما هي مؤهلات الدولة للقيام بهذا الدور؟ الرخاء الاقتصادي والمالي والمرتبط بعاملين أساسيين: ارتفاع أسعار الفوسفاط في السوق الدولية ، سهولة الحصول على  التمويل الدولي ( القروض )

ما هي انعكاسات هذه الوضعية؟ اقتصر العمل الجمعوي على الاهتمام بمجالات محددة:   التنشيط الثقافي و الفني: جمعيات ثقافية، مسرحية، أندية سينمائية، جمعيات رياضية… العمل الخيري والإحساني…

خلال الثمانينات :

تغيرت أوضاع المغرب على مستويين أساسيين: الأزمة الاقتصادية والمالية ، النمو الديموغرافي السريع

عجز الدولة عن الانفراد بالاضطلاع بمهامها في مجالات: التشغيل، الصحة، التعليم،البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية، ازدياد الحاجة إلى شريك يساعد على حمل عبئ التنمية: ضعف النسيج الجمعوي على مستوى الإمكانات، التكوين والتأطير.

انعدام الثقة بين الطرفين. إنشاء جمعيات شبه رسمية تمولها الدولة بطرق مختلفة: ضعف المردودية ، عدم النجاح في اختراق النسيج المجتمعي

نهاية الثمانينات وبداية التسعينات :

ظهور موجة جديدة من الجمعيات إما بمبادرة فعاليات وطنية، أو بدعم دولي أحيانا مثل: الهجرة والتنمية، أدرار إملشيل، زاكورة، أمانة، إنماء…  الاهتمام  بالعالم القروي على مستوى: الصحة، محاربة الأمية، التكوين، البنيات التحتية…  الاهتمام بالوسط الحضري على مستوى تشجيع التشغيل الذاتي، منح  القروض الصغرى.

ما هي مميزات الوضع الجمعوي الراهن؟  النسيج الجمعوي المغربي في وضعه الراهن أن هنالك تكتلات جمعوية متباينة شكلا ومضمونا يمكن تبويبها إلى:  من يعنى بقضايا المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان: كمنتدى ة الحقيقة والإنصاف، والمرصد الوطني للسجون… من هو منخرط في الحقل التنموي يحاول تأطير المقاولة الصغرى: زاكورة، إنماء، الأمانة… من هو مرتبط بالمرأة والطفل والأسرة : العصبة المغربية لحقوق المرأة، المنظمة المغربية لحقوق المرأة /  جمعية بيتي، الجمعية المغربية لقرى الأطفال

المستجدات الدستورية  : ويمكن تلخيص هذه المستجدات في المكانة الهامة التي أناطها دستور فاتح يوليوز 2011 بالمجتمع المدني وما فتحه لهيئاته ونشطاءه من فرص للمساهمة عبر الديمقراطية التشاركية في وضع السياسات العمومية وتنفيذها وتقييمها وما أتاحه أمامها من أدوات للمساهمة في التشريع والرقابة، حيث تم تعزيز منظومة الحقوق والحريات وتم الارتقاء الدستوري بعدد من الحقوق المرتبطة بالمجتمع المدني، والاعتراف الدستوري بالمجتمع المدني وتمكينه من آليات ووسائل العمل ودسترة حرية تأسيس الجمعيات وحرية ممارسة نشاطها وإقرار ضمانات قضائية تمنع حل الجمعيات أو توقيفها إلا بمقتضى مقرر  قضائي كما تم كذلك الاعتراف للمجتمع المدني في نطاق الديمقراطية التشاركية بالمساهمة في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية وفي تفعيلها وتقييمها وإحداث هيئة للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد وتفعيل وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية من قبل المواطنين:

 – الاعتراف الدستوري بالمجتمع المدني وتمكينه من آليات ووسائل العمل ؛

 – دسترة حرية تأسيس الجمعيات وحرية ممارسة نشاطها ؛

 – إقرار ضمانات قضائية تمنع حل الجمعيات أو توقيفها إلا بمقتضى مقرر قضائي؛

 – الاعتراف للمجتمع المدني في نطاق الديمقراطية التشاركية بالمساهمة في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية وفي تفعيلها وتقييمها ؛

 – إحداث هيئة للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في الإعداد وتفعيل وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية من قبل المواطنين

 – تكريس حرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات

 – دسترة مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي ؛

 – تمكين المواطنين والجمعيات من حق تقديم عرائض إلى المجالس والجهات والجماعات الترابية الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله؛

 – المجلس الوطني للغات وثقافة المغرب

 – إحداث الهيأة العليا للمناصفة ؛

 – إنشاء المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي؛

 – إنشاء المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.

حيث يسجل لهذا المشروع الدستوري ما يلي:

 – احترامه لثوابت الأمة الدينية والوطنية والتاريخية والتأكيد على إسلامية الدولة المغربية المتشبثة بصيانة وتلاحم مقومات هويتها الوطنية الموحدة وبمكانة الصدارة التي يتبوأها الدين الإسلامي بين مكوناتها وبالتأكيد على تعميق أواصر انتماء المغرب إلى الأمة العربية والإسلامية؛

– تقييد سمو الاتفاقيات الدولية بضوابط “كما صادق عليها المغرب” وفي نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة؛

  التأكيد على استناد الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة أولها الدين الإسلامي السمح؛(1)

 – التأكيد على أن الإسلام دين الدولة والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية؛(3)

 – التأكيد على أن العربية تظل اللغة الرسمية للدولة والتزام الدولة بالعمل على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها ؛ (5)

 – الاعتراف الدستوري بالمجلس العلمي الأعلى وبتمثيله خصوصا في المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛(41 و115 و130) ؛

 – مأسسة وظائف إمارة المؤمنين(43) وتمييزها عن مهام الملك رئيس الدولة ؛

 – إدراج الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي ضمن ما لا يمكن أن تتناول المراجعة (175 )؛

 – حذف القدسية عن الملك(41).

 – التدرج في ترسيم الأمازيغية باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء؛(5)

 – حظر تأسيس الأحزاب على هدف المساس بالدين الإسلامي ؛(7)

 – ربط المساواة بين الرجل والمرأة خصوصا في الحقوق المدنية الواردة في المواثيق الدولية بنطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها ؛ (19)

 – تكريس الحق في الحياة واعتباره أول الحقوق لكل إنسان(20)

ا- لاعتراف الدستوري بالأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي بوصفها الخلية الأساسية للمجتمع والتزام الدولة بالعمل على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية بمقتضى القانون بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها وإحداث مجلس استشاري للأسرة والطفل؛(32)

– التأكيد على مسؤولية الملك بصفته أمير المؤمنين على حماية حمى الملة والدين وضمان حرية ممارسة الشؤون الدينية (41)؛

تكريس الحقوق والحريات:

  • تكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب على جرائم ممارسة التعذيب بكل أشكاله وجريمة الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان؛
  • تكريس حرية الفكر والرأي والتعبير والإبداع والنشر والعرض وتكريس حق الحصول على المعلومة وتقرير الضمانات الدستورية لحرية الصحافة وحريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي والانتماء النقابي ؛
  • تقوية مكانة الشباب وتعزيز ضمانات مشاركتهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد وإحداث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي ؛

الفصل بين السلطة والثروة:

  • إقرار قواعد الفصل بين السلطة والثروة والمعاقبة على المخالفات المتعلقة بتنازع المصالح أو الإخلال بالتنافس النزيه وإقرار الوقاية من الانحرافات المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية وتدبيرها والمعاقبة على استغلال النفوذ والامتيازات ووضعيات الاحتكار وأي إخلال بالمنافسة الحرة والمشروعة؛
  • دسترة آليات ومؤسسات الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة والرقابة على المال العام.(الباب العاشر والباب الثاني عشر)

وعلى صعيد آخر فقد ساهمت التحولات النوعية الجارية في بلادنا منذ الربيع الديمقراطي العربي في تبوئ الحركة الإسلامية مسؤولية قيادة تجربة المغرب في التغيير الهادئ والإصلاح الديمقراطي، كما أدت إلى إحداث تغير جوهري في استراتيجية بعض الحركات والمشاريع المضادة وتفرغها للعمل على الواجهة الإعلامية والمدنية من خلال التركيز على القضايا الحقوقية والاجتماعية وشعارات الحريات الفردية والقيم الكونية لحقوق الإنسان في التدافع في المرحلة القادمة

وهي تحديات مرتبطة بالتحولات السياسية المشار إليها والتحولات المرتبطة بالتدافع القيمي على المستوى الوطني والدولي حيث نسجل المعطبات التالية :

  • تنامي دو العمل المدني وجمعياته المتخصصة في الضغط على القرار السياسي واستخدام بعض القضايا المثيرة التي تتماشى مع بعض الأجندات الدولية من قبيل قضية تزويج القاصر والحرية الجنسية خارج الزواج والمطالبة بإلغاء بعض فصول القانون الجنائي وإباحة الإجهاض والدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
  • الدور الفاعل للإعلام حيث إن كثيرا من القضايا المثارة هي قبل كل شيء قضايا إعلامية لا تتناسب مع حجمها الحقيقي كما أن كثيرا من القضايا الوازنة في معيش الناس اليومي قد تتحول بفعل التجاهل الإعلامي إلى قضايا ثانوية في اهتمامات الناس.
  • الدور المتزايد للمنظمات والمحافل الدولية في التأثير في القرار الوطني حيث أصبح لهذه الأخيرة دور متزايد في عملية التدافع من خلال استصدار توصيات أو قرارات دولية تفرض التزامات دولية جديدة تقضي بإلغاء تشريعات قائمة أو استصدار قوانين جديدة تكون فيما بعد جزءا من المواثيق الدولية أو من منظومة القيم الكونية.

آفاق العمل :

والمطلوب اليوم نظرا للمعطى الدستوري أن يلعب المجتمع المدني أدوارا متعددة إضافة إلى ما ذكرناه، والذي نوجز بعضها في ما يلي:

1 – ترسيخ الرؤية التكاملية بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية.

2 – غرس روح الوطنية وخدمة الصالح العام وتأهيل الفضاء المدني إلى أدوار متعددة راقية تساهم في البناء الديمقراطي…

3 – المساهمة في تأهيل الموارد البشرية. حتى تكون في مستوى اللحظة الدستورية التي يعيشها المغرب.

4 – مساهمة المجتمع المدني في رسم السياسات الخارجية. وتطوير الديبلوماسية المدنية.

– استيعاب لآليات المؤسساتية :

وتضم ما يلي:

-المجلس الوطني للغات وثقافة المغرب

-المجلس الوطني للصحافة والهيأة العليا للاتصال السمعي البصري

-إحداث الهيأة العليا للمناصفة؛

-إنشاء المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي؛

-إنشاء المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.

-إحداث هيئة للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في الإعداد وتفعيل وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية من قبل المواطنين.

دور الشباب في تنمية المجتمع المدني:

– انخراط الشباب في الأوراش الكبرى للتنمية.

– تجاوز مرحلة التهميش والانتظارية ، والانخراط الفعلي في المشروع الحضاري التغييري.

– العمل على ترسيخ مبادئ الديمقراطية والمواطنة واحترام حقوق الإنسان وتوعية الناس وتعريفهم بسمو مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة والعدل والإنصاف وغيرها من القيم .

– اكتساب المعارف والمهارات والقدرات الفكرية واستثمار الفرص لتلبية احتياجاتهم واحتياجات المجتمع.

– تعزيز انتماء ومشاركة الشباب في مجتمعهم وهمومه وقضاياه.

– تنمية القدرات الشخصية والعلمية والعملية.

– تمكينهم من التعبير عن آرائهم وأفكارهم في القضايا المتاحة .

– منحهم فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التي تحتاجها البلاد، والمشاركة في اتخاذ القرار.

– توفير الفضاء والفرص المتاحة في أداء الخدمات والاهتمام بمشاكلهم ومشاكل المجتمع بأنفسهم.

التركيز على مجالات الاشتغال وهي :

ـ التأهيل والتكوين :

ـ اقتراح التكوين على مستوى قضايا الاهتمام الأساسية للجمعيات الشبابية وتفريغها في برامج  ومحاور والاتجاه نحو التشبيك اومن ذلك؛ الاهتمام بالعديد من القضايا :  قضايا الطفولة والمرأة والشباب والمجتمع المدني والمشهد الثقافي والسياسي والفني… بالمغرب وقضايا حقوق الإنسان والجانب القانوني والبيئة والإعلام والتواصل والعرائض والاحتجاج والمشاركة والتنظيم والهيكلة والقراءة والتواصل والتدبير…والعمل على التكوين في مجال الفن والمسرح والسينما والكتابة والإعلام والنقد السينمائي…

وذلك من خلال إما ندوات أو دورات تكوينية أو تداريب أو عقد شراكات أو الاطلاع على تجارب…

التواصل والانفتاح :

ـ التواصل مع الفاعلين الجمعويين والسلطات والإدارات والنيابات والمندوبيات والشركات والنوادي الرياضية والفنية…

ـ الانفتاح على المجتمع واهتماماته وهمومه ومشاكله

ـ التفاعل مع تجارب نوعية قد تكون محلية أو وطنية أو دولية ذات التقاطع والاهتمام المشترك

ـ تكريم وجوه ثقافية أو فنية أو رياضية أو تاريخية أو فكرية…

ـ تعزيز الحضور إعلاميا

الدراسات والأبحاث والتأليف :

ـ اعتماد التكوين في مجال التأليف والكتابة والبحث

ـ جرد الباحثين والكتاب المحتملين

ـ تحديد طائفة القضايا ذات الأولية أو الممكن البحث فيها ودراستها “اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، بيئية، رياضية…”

ـ عقد شراكات مع مكاتب الأبحاث والدراسات ذات الصلة بموضوعاتنا…

الدعم والاحتضان :

ـ المهتمين بقضايانا والمدافعين عنها أفرادا ومؤسسات والعمل على ترميزها

ـ المبادرات والأعمال المتوافقة وخطنا وتصورنا للعمل الثقافي والجمعوي

ـ الباحثين والدارسين والفنانين والجمعويين والاحتفاء بهم

ـ تكوين الطاقات وتفتيقها…

ـ الدعم المادي واللوجيستي والتقني والنضالي والبشري

الشباب والمجتمع المدني في مواجهة التحديات:

معالجة التحديات التالية:

ملف الأمهات العازبات والوقوف على الأسباب والتكلفة المجتمعية.

بالرجوع للإحصائيات المتوفرة، رغم قلتها، نجد أنه في سنة 2010 قامت جمعية “إنصاف ” بدارسة وطنية حول الأمهات العازبات، وقد توصلت إلى أن هناك 27199 أما عازبة، وضعن 45424 طفلا في سنة 2009، 21℅منهن، لديهن ما بين 3 و 6 أطفال، وأنه في كل يوم، تضع 83 أما عازبة مولودا خارج مؤسسة الزواج.

العلاقات الجنسية والعاطفية خارج مؤسسة الزواج:

“توصلت دراسة أنجزتها مجلة “ليكونوميست” المغربية، في سنة 2011، إلى أن 55 في المائة من الشباب لهم علاقة عاطفية، و 32 بالمائة ليست لهم علاقات عاطفية،10 في المائة مرتبطون إما عن طريقة خطوبة أو زواج. 1 في المائة من الشباب يرجع السبب في عزوفه عن إقامة علاقة عاطفية إلى الخوف من الأسرة، بينما لا يرى العدد الكبير من الشباب أي حرج أو خوف من أسرهم في ما يخص إقامة علاقة عاطفية.56 ℅من الشباب القروي تجمعهم علاقات بالجنس الآخر، بشكل يفوق الشباب الحضري، إذ لا تتعدى النسبة 54 في المائة، و89 في المائة منهم يقرون أنهم مارسوا أول علاقة جنسية ما بين 12 و19 سنة.لكن أقل من 1 بالمائة من أجاب بأنه يقيم ما يسمى ب “كونكيبناج،”concubinage »“.

ومن جهة أخرى، كشفت دراسة علمية لسنة 2008 أعدتها وزارة الصحة في إطار البرنامج الوطني لمناهضة السيدا، عن المعارف والمواقف والسلوكات الجنسية عند الشباب المغربي من خلال عينة 2000 شاب، أن 40℅ من الشباب المغربي يبحثون عن علاقات جنسية بعد استعمالهم للمخدرات والخمور، وكشفت معطيات الدراسة ان فئة الشباب هم الأكثر عرضة لمرض السيدا حيث إن 68℅ من المصابين هم شباب ما بين 15 و39 سنة، 3℅ منهم تقل أعمارهم عن 15 سنة، وأن 39℅ منهم من النساء.

وأفادت الدراسة أن 32℅ من الشباب المستجوب سبق أن كانت لهم علاقات جنسية سابقة، فيما أكد 65℅ أن لهم علاقات جنسية مع عدة أشخاص، وأن 57℅ من الشباب يرتادون دور الدعارة بعد استعمالهم للمخدرات أو الكحول و21℅ يستعملون العازل الطبي أثناء العلاقات الجنسية وهم تحت تأثير الخمر أو المخدرات.

الذي يشكل في نظرنا تهديدا حقيقيا للاستقرار الاجتماعي والنفسي والصحي للمجتمع ، حيث تشير المعطيات التي تنشرها إما الجهات الرسمية أو بعض الجمعيات العاملة في الميدان، فقد أشارت “جمعية محاربة السيدا بالمغرب”، إلى أنه يوجد بالمغرب ما بين 23 و25 ألف مصاب بالفيروس، وأن 19℅ من الحالات المسجلة هي ضمن الشواذ جنسيا، وتصل إلى 64,1℅ بالنسبة للأشخاص الذين يتعاطون المخدرات، وترتفع إلى 70,6℅ في صفوف النساء اللواتي يمارسن الدعارة. وقد أشار نفس التقرير إلى أن الخريطة الجغرافية لتوزيع حالات الإصابة بالفيروس، تختلف من مدينة إلى أخرى، وتمثل مدينة (أكادير) النسبة المرتفعة ب6,70℅9، ولا ندري هل هذا الارتفاع مرتبط بالموقع السياحي للمدينة أم بعوامل أخرى؟

وما يقال عن الشذوذ الجنسي، ينسحب على نسبة انتشار الدعارة بالمغرب، فالأرقام والمعطيات التي يتم رصدها تبقى دائما تقريبية ونسبية وفي حاجة إلى إعمال الحاسة النقدية اتجاهها. في هذا السياق نقرأ مثلا نتائج كانت قد توصلت “المنطمة الإفريقية لمكافحة الايدز في المغرب” حول الدعارة، وقد شمل البحث 500 امرأة تعمل في ميدان الدعارة، إلى أن 31,5℅ من العينة أميات، و21℅ لهن مستوى جامعي، وان 60℅ سبق لهن ان مارسن الجنس في سن مبكرة، و40℅ مطلقات، و4℅ متزوجات ويمارسن الجنس للحصول على المال ولغياب الزوج. وفي دراسة أخرى على عينة من مدينة تطوان، تبين للباحث السوسيولوجي “أنطونيو مارتن”، توصل إلى أن 22℅ من العاملات في الدعارة هن من الشابات القاصرات وأن 16℅ منهن عذراوات، وهن طالبات وتلميذات لم يفقدن بكاراتهن بعد، ويمارسن الجنس بطرق شاذة مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 100 و200 درهم( تقريبا ما بين 10 و20 دولار أمريكي).

الشباب والمخدرات والتدخين:

تشكل المخدرات والتدخين إحدى أخطر التحديات التي تواجه الشباب المغربي، ذلك أن المغرب يعد من أول الدول إنتاجا للمخدرات (القنب الهندي) بنسبة 21℅ن حسب التقرير العالمي للمخدرات الصادر سنة 2009،وأبرز ذات التقرير أن حوالي سبعة آلاف مغربي يتعاطون لمخدر الكوكاين،أي بنسبة 0,03℅ من الساكنة العامة للملكة. وحتى تتضح الصورة أكثر، فقد أنجزت المندوبية السامية للتخطيط ، بحثا وطنيا حول الشباب (خمسة آلاف شاب، تتراوح أعمارهم ما بين (18-45) هم جميع مناطق المملكة، في بحر سنة 2011، وتوصل إلى أن 19 ℅ من الشباب يدخنون، و8℅ يتعاطون لشرب الكحول، و5℅ للمخدرات، وقد تبين ان هذه الظواهر تهم الذكور أكثر من الفتيات،إذ النسب التي تهم الذكور سجلت ارتفاعا، فالذكور الذين يدخنون من أفراد العينة، وصلت نستهم إلى 39℅، و15℅ للكحول، و11℅ للمخدرات .واعتبارا لطبيعة الموضوع، فإن الكشف الحقيقي عن الأعداد التي تتعاطى هذه المخدرات، فإن النتائج تبقى نسبية ومؤقتة، ذلك انه من الناحية الخصوصية الثقافية المغربية، يصعب التعبير عن ما يمارسه الفرد واقعيا.

هناك تحدي الغش ففيما يخص ظاهرة الغش، وحسب دراسة علمية سهر عليها “المركز المغربي للتربية المدنية”، سنة 2009 دراسة حول ظاهرة الغش بالمؤسسات التربوية شملت التعليمين الإعدادي والثانوي، حيث عبر 98℅ من الأساتذة عن وجود الغش وسط التلاميذ، كما أن 47 ℅ من التلاميذ أقروا بأنهم مارسوا الغش في الامتحانات او فروض المراقبة المستمرة، ويعتبر 12℅ من التلاميذ أن الغش ضروري، فيما يرى ℅52، أنه يمكن اللجوء إليه أحيانا، في حين ان 36℅، يعتبرون الغش مرفوض

التحدي العقدي :

 على خلاف مجموعة من الدول العربية الإسلامية، يتميز المغرب بوحدة مذهبية دينية سنية مالكية راسخة، إلا أن ظهور بعض التفاعلات التي تقع بين الشعوب والحضارات، يعتبر أمرا عاديا.

تفتح مسألة التحديات المذهبية والعقدية، العديد من الإشكالات، فهناك من  يعتبر أن الاختيار العقدي أو المذهبي مسألة فردية وحرية دينية تدخل في باب ”لا إكراه في الدين” و  “من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”.

وبالتالي فاختيار شاب للمذهب الشيعي أو للمسيحية يعتبر مسالة فردية ولا علاقة لها لا بالدولة ولا بالمجتمع. وفي الاتجاه المقابل، هناك من يعتبر أي دعوة تمس بالأمن الروحي للمغاربة، تعتبر من التهديدات التي تستحق كل المواجهة والمدافعة، بشتى الطرق والوسائل.

“التنصيرية:  تشتغل بطرق وبآليات جد ذكية وخطيرة في نفس الآن، ليس اقلها توظيف التراث الغنائي المغربي ومحاولة تمرير الخطاب التنصيري، وهو يعمد إلى استغلال المؤسسات التعليمة ودور الأيتام والمخيمات لتمرير أهدافه، وهذا ما يظهر في العديد من الحالات التي وقعت بالمغرب، ففي سنة 2010، استغل مجموعة من المنصرين ضيق يد الحال للأطفال في منطقة توجد بالأطلس المتوسط (رأس الماء، قرب ايفران المغرب)، لاستغلال براءة الأطفال ومحاولة تنصيرهم. وفي في نفس السنة يتقدم أحد أولياء التلاميذ بدعوة للمحكمة ضد أكاديمية “جورج واشنطن” (مؤسسة تعليمية خاصة توجد بالدار البيضاء/ المغرب)، لكون ابنه تعرض للتنصير.

من الناحية الكمية لا توجد أرقام مضبوطة عن حجم التنصير بالمغرب، وهو كباقي المواضيع الإشكالية،  يتم التلاعب فيه بالأرقام، فتقارير الولايات المتحدة الأمريكية ، حول “الحريات الدينية” الذي تصدره كل سنة يضخم العدد (44ألف متنصر مغربي) والباحثون المغاربة يتحدثون عن ( 2000 إلى 5000 متنصر) وبعيدا عن لغة الأرقام، فإن الإغراء الذي يمارسه المنصرون بالمغرب وفي غيره، يجعل التحدي الديني قائما، خصوصا في وجه الشباب الذي يتسم بهشاشة المعرفة الدينية، هذا على  الرغم  من استمرار الرفض المجتمعي للتنصير وللسماح لأنشطتهم ان تجد لها مكانا في المغرب.

عبد الرحيم مفكير

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى