مفكير يكتب: عاشوراء بين الفرح والحزن

كلما حلت ذكرى عاشوراء إلا تساءل الناس عن التناقض الحاصل في مظاهر الاحتفالية بهذه المناسبة بين الفرح والحزن، وتقدم الروايات المتضاربة والتفسيرات المتعددة، علها تجيب عن الإشكالات المرتبطة بهذه الذكرى. وتختلف مظاهر الاحتفاء عند المغاربة من مدينة إلى أخرى، بحسب العادات والتقاليد التي تتخذ أشكالا دينية وطقوسا متعددة في دلالاتها وأبعادها.

المغاربة وعاشوراء :

“حق بابا عيشور” هو نشاط للأطفال في فترة عيد عاشوراء حيث يجول الأطفال من منزل لآخر مرتدين الأقنعة والأزياء التنكرية يطلبون الحلوى والفواكه الجافة أو حتى النقود وذلك بإلقاء السؤال “حق بابا عيشور؟” على من يفتح الباب. يعتبر حق بابا عيشور من أهم التقاليد في عاشوراء، حيث يقوم كل من يسكن في حي فيه الكثير من الأولاد بشراء الحلوى والفواكه الجافة وتحضيرها لحين قدوم الأولاد في العيد. أصبح هذا التقليد مشهورا في الآونة الأخيرة حيث يعتبر بديلا للألعاب النارية التي تؤدي عادة إلى مجموعة من الحوادث

عادات المدن:

المغاربة يسمون يوم العاشر من محرم، بيوم زمزم، وفي هذا اليوم يقومون برش الماء على بعضهم البعض. فيقوم أول من يستيقظ من النوم برش الباقين بالماء البارد، ويخرج عدد من الأطفال والشبان، خصوصا داخل الأحياء الشعبية، إلى الشوارع لرش كل من يمر بالماء. ومع مرور الساعات الأولى من الصباح يحمى وطيس “معارك المياه”، خصوصا بين الأصدقاء والجيران. ومن يرفض الاحتفال بماء “زمزم” من المارة، عبر رش القليل منه على ثيابه، قد يتعرض لتناوب عدد من المتطوعين لإغراق ثيابه بكل ما لديهم من مياه. ثم يتوج بوجبة اليوم بوجبة “الكسكس المغربي” الذين يستعملون به القديد الذي تم تخزينه من أضحية عيد الأضحى، خصوصا لهذا اليوم.

عادات البوادي:

أما في البوادي والأرياف المغربية فإن الماء في هذا اليوم يحتفظ بقدسية خاصة، حيث يلجأ الفلاحون وربات البيوت، مع إعلان الفجر، وقبل أن تطلع الشمس، إلى رش كل ممتلكاتهم بالماء البارد، حيث ترش قطعان الغنم والبقر، وغيرها، كما ترش الحبوب المخزنة، وجرار الزيت والسمن. وتقوم الأمهات برش وجوه الأبناء، الذين يتنافسون في الاستيقاظ المبكر، لأنهم يؤمنون، حسب ما يردده الأجداد، بأن من يكون هذا اليوم نشيطا يقضي كل عامه على نفس المنوال، ومن يتأخر في النوم إلى أن تشرق الشمس، يغرق في الكسل ما تبقى من العام. كما أن الكبار في الأرياف المغربية يؤمنون بأن كل ما مسه الماء هذا اليوم ينمو ويبارك الله فيه، وما لم يمسسه ماء قد يضيع خلال نفس العام.

عادات التجار:

فيما يتعلق بالتجار، يسعون في عاشوراء لرفع وتيرة البيع، خصوصا داخل الأسواق، التي تخصص لمناسبة عاشوراء، لأن أي حركة بيع أو شراء تكون مباركة، وتؤثر في تجارتهم، بقية العام، مما يضطرهم إلى تخفيض الأسعار، وبذل كل ما يستطيعون، من أجل تشجيع زبائنهم على الشراء. ولا يكاد يحل المساء حتى تفرغ أسواق عاشوراء من السلع، وتصبح في بعض المناطق، التي لا تزال تتمسك بالعادات القديمة فضاءات فارغة من محتوياتها، كأنها لم تكن نشطة قبل ساعات فقط، والسر في ذلك أن اليوم التالي للعاشر من محرم يسمى عند التجار بيوم “الهبا والربا”، أي إن أي ربح يجنونه منه لن يكون إلى ربا لا يلحقه إلا الهباء على تجارتهم، مما يجعلهم يغلقون محلاتهم، ولا يبيعون أو يشترون شيئا في اليوم الموالي.

أصل العادة:

وتعود عادة رش المياه، التي يحتفل بها أغلب المغاربة، ويعتقدون أنها جزء من العادات الإسلامية، إلى طقوس من الديانة اليهودية، كان يتمسك بها اليهود المغاربة منذ قرون، حيث أنهم يعتقدون أن الماء كان سببا لنجاة نبي الله موسى عليه السلام في هذا اليوم من بطش فرعون وجنوده، كما يؤكد ذلك القصص القرآني، وهو الأمر الذي استوعبه الإسلام والسنة وجعله جزء منه، بالتنصيص على صوم يوم عاشوراء، ابتهاجا بإنقاذ الله لنبيه موسى عليه السلام، مع زيادة صوم يوم التاسع من شهر محرم، لمخالفة اليهود والتميز عنهم.

عند اليهود المغاربة:

ويعتقد اليهود المغاربة بأن الماء في هذا اليوم يتحول إلى رمز للنماء والخير والحياة، مما يجعلهم حسب ما راج في بعض الكتابات، التي تناولت تاريخ اليهود المغاربة، يحتفون بالماء، ويتراشق به أطفالهم طيلة اليوم، في حين يرش به الكبار أموالهم وممتلكاتهم، أملا في أن يبارك الله لهم فيها.ومن غير المستبعد أن تكون لهذه العادة في صفوف التجار جذور يهودية كذلك، بحكم أن اليهود المغاربة كانوا يمثلون، قبل عقود قليلة، أغلبية في بعض الأسواق المغربية، ورغم رحيل أغلبيتهم الساحقة إلى المشرق، فإن بعض عاداتهم وتقاليدهم لا تزال جزء من النسيج المغربي إلى اليوم.وما يميز عاشوراء المغرب، رغم أنها مزيج من الأديان والمذاهب، أن المغاربة لا يؤمنون إلا بأمر واحد، هو أن احتفالاتهم مغربية موروثة عن الآباء والأجداد فقط، ولا يرون أنها تخالف الإسلام، أو تأخذ من سواه، فالإسلام الراسخ بعمق في قلوبهم رسوخ جبال الأطلس، قد جب كل ما قبله، وجعل من ميراث الأنبياء من قبل جزء من الدين المحمدي، الذي ختم الرسالات السابقة من دون أن ينكر فضلها.

يوم الهبا والربا:

يعقب عاشوراء في المغرب يوم “الهبا والربا” في الأسواق، يعرفها كل المغاربة بليلة “الشعالة”، حيث يتم إشعال نيران ضخمة في الساحات، سواء في البوادي أو داخل بعض المدن، التي لا تزال تردد صدى عادات موغلة في التاريخ، ويحيط بها الأطفال والنساء، وهم يرددون أهازيج، بعضها يحكي قصة موت الحسن و الحسين وبعضها يحكي قصصا أخرى،

عاشوراء بين فرح وحزن :

يعتبر الشيعة، المغاربة نواصب، لأنهم يبدون الفرح في ذكرى مقتل الحسين سيد أهل الجنة، يتبادلون التهاني والتبريكات بحجّة بداية العام الهجريّ الجديد تارة، وتارةً بادّعائهم أنّ يوم عاشوراء يوماً مباركاً، ويردون كل الروايات والأحاديث المعتمدة عند أهل السنة، بل يذهبون إلى لعنهم ويؤكدون أن هؤلاء (يقصدون السنة) ملعونون وقد ورد لعنهم حسب الشيعة في زيارة عاشوراء المباركة: «اللّهمّ إنّ هذا يومٌ تبرّكت به بنو أُميّة وابنُ آكِلة الأكباد، اللعين ابن اللعين، على لسانك ولسان نبيّك (صلّى الله عليه وآله “ويؤكدون أن بعض هذه الشعوب الّتي تكنّ النصب والعداء لآل البيت (عليهم السلام) أيضاً لهم طقوس معينة، طقوسٌ ما أنزل الله بها من سلطان ولا سنّها نبيّه الكريم، وهي أقرب ما تكون إلى البدع المبتدعة، لا يُراد منها سوى استبطان الفرح والسرور بمقتل الحسين (صلوات الله عليه)، لكنّا لا نسمع بمهرّجي الوهابيّة يذكرونهم يوماً أو يشنّعون عليهم بإدخال ما ليس من الدين فيه، كما نراهم يشنّعون دوماً على أبناء الطائفة الحقّة لإظهار حزنهم على ريحانة النبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله) وبهجة قلبه! ويذهب الناشط الشيعي المغربي عصام حميدان الحسني إلى القول بأن عاشوراء تقليدي شيعي يعني بالضرورة وجود سند تاريخي محلي وجذور ثقافية واجتماعية ولو في مستوى الذاكرة الجماعية للمغاربة والثقافة الشعبية الجامعة للرموز والأمثال والعادات والتقاليد”. وقد سبق لعباس الجيراري أن ألف منذ التسعينيات كتابا حمل اسم (عاشوراء عند المغاربة) واستدل فيه من خلال الرموز والعادات والتقاليد على وجود عادات شيعية وأخرى أموية من خلال تباين الأنماط الاحتفالية بعاشوراء حزنا وفرحا بحسب المناطق ..وهذا الأمر مرتبط بتعدد روافد الثقافة الإسلامية المغربية منذ الدولة الإدريسية فالفاطمية وصولا لدولة بني حمود بالأندلس. وأن هناك مخطوطات بالمغرب نشرت في العقد الأخير لا تثبت فقط أن المغاربة احيوا عاشوراء بالحزن على سيد الشهداء وشباب أهل الجنة الحسين بن علي عليه السلام بل إن هذه المخطوطات أثبتت أن مصطلح الحسينية لم يكن له وجود إلا في إطار الدولة الحمودية بمالقا وذكرت أن المكان الذي كانوا يجتمعون فيه اسمه (الحسينية) وان القارئ لقصائد رثاء الحسين ع كان يسمى ب (المحسن) وأنهم كانوا لا يصومون عن الأكل والشرب طيلة تسعة أيام من بداية محرم.وفي مناطق جنوب  المغرب نجد الناس تحرم الكنس والطبخ بالعاشر من محرم، وتلبس السواد وبعضهم يشعل النار وبعضهم يرمي بالماء، لان الحسين عليه السلام قتل عطشانا، هو وأهل بيته وحرموا من قبل عدوهم من شرب ماء الفرات ولم يكن يجري بعيدا عنهم لذلك. فالحديث عن عاشوراء هو حديث عن واقعة أليمة خلدها المغاربة بأشكال تعبيرية مختلفة وهي جزء أساسي من ثقافتنا الشعبية التي تسعى الوهابية لتدميرها وإحلال ثقافة الفرح بالعاشر محلها، ووضع أكاذيب من كون اليوم هو يوم بركة وتلفيق وقائع لكل نبي في هذا اليوم بما يبعد الناس عن الوقوف على الحقيقة المرة والانحراف الخطير التي عرفته الأمة الإسلامية في وقت مبكر بعد رحيل رسول الله صلى الله عليه واله عن الدنيا”.

في حين يرى العلامة بنحمزة أن قضية الاهتمام بالسنة الهجرية الجديدة هو كان أسبق من ظهور التشيع، والتشيع جاء متأخرا بعد ما وقع بين علي ومعاوية”.وأن النبي (ص) لما دخل المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسأل عن ذلك فقالوا له “هذا يوم أنقد فيه الله موسى من الغرق فقال نحن أولى بموسى منهم، فإن عشت إلى قابل لأصومن التاسع، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أسس مبدأ الاحتفال بعاشوراء”، وأوضح بنحمزة أن صيام تاسع وعاشر محرم من السنة قبل أن يظهر التشيع، وأبرز أن اهتمام المسلمين بالأيام الأولى من شهر محرم يعود أيضا إلى “عمل آخر هو اهتمام عمر بن الخطاب بحدث الهجرة، فلما كان الناس أمام تأريخ لأي حدث من الأحداث، لم يؤرخوا بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ولا بالبعثة، وإنما اختار عمر أن يؤرخ بالهجرة فاعتبر بداية التاريخ الإسلامي هو تاريخ الهجرة”، وأن ما أحدثه الشيعة سياق حدث تاريخي لاحق، فتعلق الشيعة بمقتل الحسين بكربلاء، فبقي هذا خاصا بهم، وتصادف مقتل الحسين مع بداية السنة الهجرية، فالشيعة لم يهتموا بالهجرة أو بما وقع لنبي الله موسى، وإنما اهتموا بمقتل الحسين”.

وعن نسب بعض مظاهر احتفال المغاربة بعاشوراء للشيعة قال بنحمزة إن المغاربة “إما أنهم يتأثرون ببعض الوقائع ولكنها ليست بالضرورة شيعية، لأنه كانت هناك وقائع سابقة على الإسلام في المغرب، ربما تستحضر في هذا اليوم وتستعاد في مثل هذه المناسبات…، ولكن ليس من الضروري أن نقول إن الشيعة هم من أحدثوا هذا، لأنه هذا قول لا دليل عليه، إذا كنا نستغل فقط التشابه بين المناسبات فهذا ليس فعلا علميا…طبعا التشيع مر بالمغرب ولكن المغاربة أنهوه”. (1)

عاشوراء طقس ثقافي:

تتميـّز خصوصيّة احتفالات عاشوراء في المغرب بالتنوّع، حسب اختلاف وتنوّع مناطقه وجهاته من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، والحقّ أن هذا التنوّع في طبيعة الاحتفال بعاشوراء قد امتزجت مكوّناته لتصبح سمة تقاليده وعاداته مشتركة بين كلّ المغاربة، فتجسّد بذلك انصهار مختلف الهويّات الثقافيّة: عربيّة، إسلاميّة، أمازيغيّة، أندلسيّة، وأفريقيّة.. غير أنّ كلّ منطقةٍ مغربيّة تنفرد ببعضٍ من تميّز وتفرد عاداتها وتقاليدها في الاحتفال بيوم عاشوراء، مشكّلةً بذلك فسيفساء ثقافي متنوّع كأحد مظاهر الثقافة المغربيّة، إن تكن أهمّ خصوصيّة الاحتفالات بيوم عاشوراء متشابهة إلى حدٍّ بعيد.

وتختلف عادات وتقاليد الاحتفال بعاشوراء لدى المغاربة عن نظيراتها في الدول العربيّة، لذلك يقال عن احتفالاتنا أنّها عادات موغلة في الخصوصيّة المحلية، ولا تحيل على الأحداث التاريخية الإسلامية إلا لماماً، وعليه ـ بحسب هذا الرأي ـ فهي عادات غير مؤطّرة بوعي. وعلى العمـوم، يبقى يوم عاشوراء بالمغرب مناسبة دينيّـة يزور فيها المغاربة بعضهم البعض، ومناسبةً للفرح وإدخال السعادة إلى قلوب الصغار بشراء اللّعب والملابس الجديدة.وتسبق احتفالاته استعدادات مبكّرة تنطلق من عيد الأضحى، على مستوى تخزين أجزاء من لحم الكبش خصّيصاً ليوم عاشوراء، ثم تتوالى استعدادات أُخرى منذ فاتح محرّم، تهـمّ تنظيف المنازل وإعادة تبليط الجدران وتبيض واجهاتها الخارجيّة بالجير وغسل الثياب والاستحمام، مع إمكانية تجديد هذه العمليّة ليلة عاشوراء، ويُطلَق عليها بـ “العواشر”، ذلك أنّه تمنع خلال هذا اليوم ـ وكذا بعده أو أكثر عند البعض ـ تنظيف البيت وغسل الثياب والاستحمام.وهناك مَن يمنع التطبيل والتزمير وإيقاد النار واقتناء فحم أو مكنسة واستعمالها إن وُجدت، بل يصل الأمر عند بعض الأُسر إلى عدم ذكر اسم المكنسة صباح يوم عاشوراء، وفي ذلك يقول المثل المغربي: “الشطابا أعروسا والجفافا أنفيسة”، أي: إنّ المكنسة عروس والجفافة نفساء، للدلالة على تعطيل العمل بهما في هذا اليوم.

في جولةٍ عبر شوارع العتيقة لمدينة الرباط وسـلا وخاصّةً أسواقها الشعبيّة، رصدنا خلالها الاستعدادات الشعبيّة تأهّباً للاحتفال بيوم عاشوراء، وقد تجلت مظاهر الاستعداد في ظهور أنواع جديدة من التجارة، كظهور أسواق المناسبات (أسواق عاشور)، تعرض فيها الفواكه الجافّة الّتي تعدّ جزءً أساسيّاً من أساسيّات الاحتفال بعاشوراء، وأسواق اللّعب الّتي تشترى للأطفال خصوصاً في هذه الموسم، وانتشار بيع التعاريج والدفوف.

ترتبـط احتفـالات يـوم عاشوراء بالمغـرب بعمليّـة رشّ المـاء، وهي عادة وتقليد عميق في الثقافة المغربية، يرتبط بعمليّـة الغمر والغطس في الصباح الباكر ليوم عاشوراء، يقوم به المغاربة لطرد النحـس والأرواح الشرّيرة، ويعتبرون أنّ عوم الصغار في صباح اليوم الباكر من عاشوراء ييسّر نموّهم بعيداً عن الأرواح الشريرة.وتُرجِع العديد من الدراسات الأنتربولوجية والتاريخيـة وجود عادات عاشوراء في الثقافة المغربيّة إلى فلول المذهب الشيعيّ المنتشر بالمغرب خلال القرن 11 ميلادي، حين كانوا يحتفلون بيوم عاشوراء أو ذكرى مقتل الحسين بن علي في كربلاء، وصارت مناسبة للألم والحزن وربما البكاء والتحسّر.ومن الناس مَن يحتفل بها تقليداً فحسب بلا وعي ولا إدراك، إلى أن امتزجت هذه الطقوس الشيعيّة بالطقوس الإسلاميّة واليهوديّة والأمازيغية، ولذلك تحـرص الأُسـر الأمازيغيـة علـى تسميـة بناتهـم باسـم عاشـوراء.

ذ. عبد الرحيم مفكير

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى