“الديانة الإبراهيمية”.. ملة جديدة أم ستارة تطبيع؟

ما زال ما يسمى بمقترح “الديانة الإبراهيمية” يثير الجدل  في الأوساط الدينية والعلمية، ويجر الكثير من الأسئلة في ما إن كان مقترح لملة جديدة أم ستارة للتطبيع مع “إسرائيل”. وصدرت بيانات عن هيئات إسلامية هاجمت هذه الديانة مثل مؤسسة الأزهر الشريف والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورابطة علماء المسلمين رغم أن كل تلك المؤسسات تختلف في توجهاتها العامة.

وما يثير الكثير من المخاوف لدى الأوساط المختلفة هما أمرين أساسيين؛ الأول كون هذه “الديانة” ستارة للتطبيع، والثاني ضخ مليارات الدولارات للترويج لها حيث نقل تقرير لموقع “الجزيرة” عن أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عصام عبد الشافي قوله “استخدمت المراكز البحثية والمؤسسات المدنية وعشرات الكيانات التي تم تأسيسها قبل وبعد التطبيع الإسرائيلي مع الإمارات والبحرين وغيرهما”.

ضخ المليارات
 الشافي أكد أن هناك مليارات الدولارات تضخ على وسائل الإعلام وعشرات الفعاليات تنظم سنويا في محاولة لتغيير الخطاب الديني ومسخ هوية ومعتقدات أبناء شعوب المنطقة. كما نقل الموقع  نفسه عن نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني كمال الخطيب تأكيده وجود ترابط واضح جدا بين الديانة الإبراهيمية و”صفقة القرن”.

واستخرج الخطيب من الصفقة ما يؤكد مزاعمه بالقول “نص أحد بنود “صفقة القرن” على نقل السفارة الأميريكة من تل أبيب إلى القدس، وأعلن في “اتفاق أبراهام” بين الإمارات وإسرائيل أن على كل أبناء الديانات ممن هم من سلالة إبراهيم الصلاة في جبل الهيكل الذي هو الاسم العبري للمسجد الأقصى المبارك”.

مراجعة موقف
والبيت الإبراهيمي هو مجمع من مسجد وكنيسة وكنيس يهودي ومركز تعليمي، مقره في جزيرة السعديات التي تعتبر المركز الثقافي لمدينة أبوظبي في الإمارات. وحسب موقع “بي بي سي” أسس البيت المذكور تطبيقًا لاتفاقية الأخوة الإنسانية التي وقعت بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان في مطلع فبراير شباط، في أبو ظبي عام 2019.

ويضم البيت المذكور، مسجد “الإمام الأكبر أحمد الطيب”، وكنيسة “البابا فرانسيس”، وكنيس “موسى بن ميمون”. لكن شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب انتقد بشدة “الديانة الإبراهيمية” ورأى أنها سياسة مغلفة بالدين تصادر حرية الاعتقاد وحرية الإيمان والاختيار، وذكرت مواقع أخبار عالمية أن يرفض هذه الديانة الجديدة، ولم  يحضر افتتاح هذا المجمع الكهنوتي، وسط تساؤلات تدور حول سبب غياب الطيب؟ 

وتكتلت ثلاثة مؤسسات على إصدار موقف مشترك بخصوص الدين الإبراهيمي الجديد الذي اعتمدته الإمارات العربية المتحدة، وهي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء المسلمين، ورابطة المغرب العربي. وأجمعت على تحذير “الحكومات الإسلامية من الاستجابة لهذه الدعوات المغرضة لما تُمثِّله من عدوانٍ سافرٍ على عقيدة شعوبها وضربٍ للثقة التي منحتها الشعوب لحكوماتها وإشعال لنار الخلاف”.

ستارة التطبيع
يرى البعض أن هذه الفكرة كانت قديمة، ودليلهم وجود فتوى ضدها راجت قبل أيام تحمل رقم “19402” صدرت حسب موقع “بي بي سي” بتاريخ 25 محرم عام 1418 هجري الموافق 31 من ماي عام 1997. وهذا يعني أنها صدرت قبل نحو 26 عاما وكان رئيس اللجنة المصدرة للفتوى هو الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الذي كان يشغل وقتها منصب مفتي عام المملكة العربية السعودية، ونصت الفتوى على أنه “لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة بناء مسجد وكنيسة ومعبد”.

وييعتقد الكثير من المختصين أن فكرة “الديانة الإبراهيمية” قديمة، وتم نفخ الروح فيها بقوة مع التوقيع على اتفاقيات التطبيع من إسرائيل، غير أنهم يرون في الوقت نفسه أن دولة واحدة تحمست لها ودليلهم خروج الإعلام المحسوب عليها لتفنيد وجود فتوى سعودية حول “البيت الإبراهيمي” هذه الأيام رغم أنها قديمة ولكن لم تراجعها.

و يفسر ذلك، انتقاد الأكاديمي السعودي والمدير العام السابق لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “الإيسيسكو” عبد العزيز التويجري هذه “الديانة” الجديد، حيث قال في تغريدة له  على حسابه بمنصة تويتر “إن خلط الإسلام مع اليهودية والنصرانية في ما يسمّى”البيت الإبراهيمي” بحجّة التعايش عمل غير صالح.

وبينما يدافع  البعض عن الفكرة باعتبارها سبيلا للسلام يرى كثيرون أنها مجرد ستارة للتطبيع لن يستفيد منها أحد إلا الكيان “الإسرائيلي”.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى